اتفق ضيفا حلقة برنامج “ما وراء الخبر” على أن ما كشفته شبكة “سي إن إن” الأميركية حول قيام القوات الخاصة الأوكرانية باستهداف قوات الدعم السريع في السودان -المدعومة من قوات فاغنر الروسية- بهجمات مسيّرة قد يؤشر على إمكانية توسع الصراع الروسي الأوكراني، وكذلك النزاع السوداني.
ورأى أستاذ العلاقات الدولية بجامعة جنيف الدكتور حسني عبيدي أنه إذا صحت تقارير وقوف أوكرانيا وراء الهجمات في السودان، فهذا يعني أن موسكو قد تستغل ما حدث من خلال توسيع رقعة الحرب الدائرة في أوكرانيا بشكل أعمق وبمنطقة قريبة من الصراع، رغم استبعاده في الوقت نفسه تحركها في الأجل القريب.
وإلى جانب ذلك، فقد يتوسع الصراع في السودان من نطاقه المحدود إلى دخول أطراف أخرى، وفق عبيدي، الذي قال إن “منعطف المسيّرات” قد يدفع الدعم السريع الذي يقوده محمد حمدان دقلو “حميدتي” لتجنيد دول أخرى ضد مصلحة واشنطن في النزاع الدائر.
وفي هذا الإطار، ذهب مايكل مولروي نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي السابق إلى أن المسيرات الأوكرانية لا تؤدي لرحيل قوات فاغنر من السودان، مشيرا إلى أن القلق الحقيقي يكمن في إمكانية دخول روسيا إلى بلد آخر مثل مولدوفا وبولندا بعدما حققت نجاحا في أوكرانيا.
وذكر أن ما قامت به القوات الخاصة الأوكرانية في السودان -إن ثبت- يشير إلى ثقة في النفس عبر نقل الصراع إلى خارج البلاد وفي الأماكن التي تمتلك فيها روسيا نفوذا وتأثيرا، لكنه في الوقت عينه شدد على أن كييف لا قدرة لديها على مواجهة كل هذه المناطق وتوسيع نطاق الصراع.
لماذا السودان؟
وحول دلالة اختيار السودان، عدّد عبيدي أسبابا لذلك، من بينها قدرة أوكرانيا على ضرب قوات فاغنر التي لديها عقود مع وزارة الدفاع الروسية، كما أنها رسالة لموسكو بأن كييف قادرة على تصدير الحرب وإلحاق الضرر بالمجهود الحربي الروسي.
أما النقطة الأخرى التي لا تقل أهمية -وفق الأكاديمي- فتتعلق باعتبار السودان مصدرا ماليا مهما لقوات فاغنر التي توجد في مناطق الدعم السريع المسيطرة على مناجم الذهب، وبالتالي إضعاف قدرتها على الإنتاج والتمويل.
وعدّ ما حدث “تلاقي مصالح” بين أوكرانيا والغرب في ظل الانزعاج الأميركي الغربي من النفوذ العسكري الروسي ممثلا بقوات فاغنر في أفريقيا، ولكن ذلك لا يغير مجرى الحرب أو ميزان القوى داخل السودان، وفق رأيه.
من جهته شدد المتحدث الأميركي على وجود اهتمام من واشنطن باحتواء قوات فاغنر على الأقل ببعض الأماكن، عازيا ذلك إلى أنها قوة تكتيكية تستغل الموارد الطبيعية للبلدان لمصالحها الخاصة، ورأى أنه مع ذلك فإن الرغبة الأميركية لن تتحقق برحيل فاغنر من أفريقيا.
ومع تأكيده أنه لا يمكن الجزم بصحة تحقيق “سي إن إن”، رأى أن ضربات المسيرات الأوكرانية تندرج في سياق استهداف الدعم السريع للحيلولة دون استغلال روسيا لموارد السودان الطبيعية.
وكشف أن الكثير من الأموال والأسلحة الروسية تذهب إلى أفريقيا، لكنه أشار إلى أنه لا يعلم ما إذا كان الأميركيون يدعمون أي تحرك أوكراني داخل القارة السمراء، ولفت إلى أن واشنطن تفضل أن تركز القوات الأوكرانية جهودها لدعم الهجوم المضاد.
وبالعودة إلى عبيدي فقد أكد أنه من الصعب تصديق عدم معرفة واشنطن بالضربات الأوكرانية في السودان، ولفت إلى أن عدم إعلان أوكرانيا مسؤوليتها عن الضربات يعود إلى حرجها في تبرير الدعم المالي والعسكري الغربي المقدم إليها واستخدامه في عمليات عسكرية خارجية وليست للدفاع عن أراضيها.