لماذا انسحبت القوات الإسرائيلية من جنوب غزة؟.. وزير الدفاع يجيب

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

بعد 6 أشهر من الحرب، “انقلب العالم رأسا على عقب” بالنسبة لإسرائيل التي تغير كل شيء فيها بعد هجمات السابع من أكتوبر 2023، ما جعل البلاد “معزولة أكثر من أي وقت مضى”، حسبما ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال الأميركية.

قبل ذلك التاريخ، بات الصراع الممتد لـ 75 عاما مع الفلسطينيين “يتراجع” عندما كانت إسرائيل على وشك إبرام صفقة سلام مع السعودية، وفق تعبير الصحيفة الأميركية.

وأضافت أن تلك الصفقة التي لم ترَ النور كان من شأنها أن تنقل إسرائيل “إلى مركز شرق أوسط معاد تنظيمه بعد سنوات من التواجد على أطرافه”.

وفي السابع من أكتوبر أو “السبت الأسود” كما يطلق عليه الإسرائيليون، شهدت الدولة صدمة جوهرية قلبت إحساسها بالأمن وإيمانها بقوة جيشها بعد أن تسلل مسلحو حماس إلى داخل الأراضي الإسرائيلية وشنو هجمات عابرة للحدود أسفرت عن مقتل ما يقرب من 1200 شخص، معظمهم من المدنيين وبينهم نساء وأطفال، بحسب السلطات الإسرائيلية.

ما وراء “الأخطاء القاتلة” التي ارتكبها الجيش الإسرائيلي في غزة؟

كانت قافلة مكونة من ثلاث مركبات تقوم بنقل عمال من منظمة “المطبخ المركزي العالمي” على طول الطريق الساحلي في قطاع غزة مساء الإثنين، وفي الوقت نفسه حددت طائرة عسكرية إسرائيلية بدون طيار القافلة على أنها “قوات معادية”، وحدد مشغلو الطائرة القافلة كهدف معاد وفتحوا النار.

وردت إسرائيل “بغزو شديد الوطأة على غزة، الأمر الذي جعلها في نظر الكثير من دول العالم هي المعتدي ومهاجميها الضحايا”، حسبما ذكرت وول ستريت جورنال، التي أشارت إلى أنه “قد تشكل العزلة الناتجة تهديدا لمستقبلها أكبر من الهجوم الذي شنته حماس”.

وأدت الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة إلى مقتل أكثر من 33 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقا لوزارة الصحة في القطاع الفلسطيني الذي يعيش كارثة حقيقية ومجاعة تلوح في الأفق في وقت بلغت فيه الحرب شهرها السادس.

تعاطف عالمي متضاءل 

وقال المؤرخ الإسرائيلي، بيني موريس، في تصريحات للصحيفة أن المرة الوحيدة التي واجهت فيها إسرائيل تهديدا وجوديا مماثلا كانت في حربها، عام 1948، عندما اشتبكت مع خمس دول عربية وميليشيات فلسطينية محلية.

وتضاءل التعاطف العالمي الذي ظهر بعد أسوأ هجوم على اليهود منذ المحرقة، إذ حلت محله صور الفلسطينيين الجائعين والقتلى في غزة. وتظهر الصور التي يتم عرضها في جميع أنحاء العالم مساحات واسعة من قطاع غزة وقد تحولت إلى أنقاض.

وفي هذا الإطار، قالت صحيفة واشنطن بوست الأميركية إن “الصور القادمة من غزة للمدن المدمرة، والعائلات التي تُقتل معا في منازلها، والأطفال الذين يعانون من سوء التغذية، لا تظهر غالبا في نشرات الأخبار المسائية” في إسرائيل.

وأضافت الصحيفة أنه بينما “يعتقد معظم العالم أن إسرائيل قد ذهبت إلى أبعد من ذلك، لا يعتقد معظم الإسرائيليين أنهم ذهبوا بعيدا بما فيه الكفاية” خلال حربهم ضد حماس، الحركة التي تصنفها واشنطن منظمة إرهابية.

إسرائيل تسعى للقضاء على حماس واستعادة جميع الرهائن

ويعتقد ألون بوكر، الأستاذ في كلية بيت بيرل، أن المجتمع الدولي يجب أن يضغط على حماس، وليس إسرائيل، لوقف الحرب.

وقال بعد أن اختتم جولة استغرقت ساعتين عبر الأنقاض مع عمال الإغاثة الدوليين في كيبوتس بيري مؤخرا: “لقد تحولت من مؤرخ إلى مرشد سياحي للهولوكوست”.

وقال لعمال الإغاثة وهو يستعرض صور القتلى والرهائن الذين اختطفوا في غزة إن “العالم غاضب من دولة إسرائيل، وأنا أيضا غاضب من حكومتي؛ لأنها لم تفعل ما هو أفضل، ولأنها لم تعمل على خلق أفق لليوم التالي للحرب”، وفقا ما نقلته صحيفة واشنطن بوست

وهذا الأسبوع، دفع مقتل 7 عمال إغاثة، كانوا يحاولون إطعام سكان غزة، الولايات المتحدة إلى إعادة التفكير في دعمها لإسرائيل، بحسب وول ستريت جورنال.

وفي غضون ذلك، أصبح التطبيع مع السعودية معلقا، في حين توترت العلاقات مع حلفاء عرب مثل مصر والأردن.

واحتشد متظاهرون مؤيدون للفلسطينيين في شوارع العواصم الغربية، بعضهم يطالب بزوال إسرائيل، فيما صدمت موجة معاداة السامية وأثارت قلقا ليس فقط الإسرائيليين بل اليهود في جميع أنحاء العالم.

وكل ذلك يعزز الشعور داخل إسرائيل بأن الدولة لا يمكنها الاعتماد إلا على نفسها، وفقا لما قالته الصحيفة الأميركية ذاتها.

وقال الكاتب والفيلسوف الإسرائيلي، ميكا غودمان، إن إسرائيل تواجه معضلة، وهي أنها تريد أن يحبها الغرب، لكن يجب أن يهابها أعداؤها في الشرق الأوسط لضمان وجودها على المدى الطويل.

وتابع حديثه لصحيفة وول ستريت جورنال أن “هذا هو المأزق الذي نحن فيه”.

جبهات مشتعلة ومساحات متقلصة

ومع استمرار الحرب في غزة، لايزال الإسرائيليون لا يعرفون ما إذا كان الأسوأ قد أتى بعد، في وقت تقلصت مساحة الأراضي الصالحة للعيش في البلاد.

وأجلت السلطات الإسرائيلية مئات الآلاف من النازحين من محيط غزة والحدود الشمالية بالقرب من لبنان من منازلهم. وبينما عاد العديد منهم إلى المجتمعات المحلية في الجنوب، لم يتمكن أي منهم من العودة إلى المجتمعات المحلية في الشمال. ولايزال كثيرون يعيشون في الفنادق.

وتواجه الجبهة الشمالية لإسرائيل نيرانا صاروخية يومية تطلق من حزب الله.

وفي غضون ذلك، تعيش “الضفة الغربية على حافة الهاوية”، فيما يبدو أن حربا شاملة مع حزب الله، وهو أقوى بكثير من حماس، “تبدو أكثر احتمالا مع مرور كل يوم”، وفقا لتقرير وول ستريت جورنال.

مقتل عمال الإغاثة والرواية الإسرائيلية.. ماذا يقول الخبراء؟

لا تزال تداعيات مقتل سبعة من العاملين في منظمة المطبخ المركزي العالمي (وورلد سنترال كيتشن) الخيرية الأميركية جراء ضربة إسرائيلية في غزة تتصاعد في ظل تقارير وتصريحات تتحدث عن “تعمد” الإسرائيليين في استهداف السيارات التي تقلهم، وهو ما تنفيه إسرائيل.

وتستعد إسرائيل أيضا لانتقام من طهران أو إحدى الميليشيات المتحالفة معها بعد غارة جوية إسرائيلية مفترضة، قبل أيام، على القنصلية الإيرانية في سوريا.

وبدأت إسرائيل تشعر بالتأثير الاقتصادي للحرب، إذ اضطر مئات الآلاف من جنود الاحتياط إلى ترك وظائفهم للقتال.

ووسط كل هذا، لم تحقق إسرائيل أيا من أهدافها المتمثلة في إعادة جميع الرهائن الذين اختطفوا في السابع من أكتوبر، وطرد حماس من غزة.

وتحد التوترات المتصاعدة مع إدارة بايدن من خيارات إسرائيل بشأن المعركة النهائية للسيطرة على رفح، حيث يحتشد فيها أكثر من مليون فلسطيني نازح على الحدود مع مصر والتي تقول إسرائيل إن لحماس 4 كتائب متبقية فيها. 

ومع ذلك، حذرت الولايات المتحدة، إسرائيل من أنها ستتجاوز الخط الأحمر إذا عملت في رفح دون خطة موثوقة للحفاظ على سلامة السكان المدنيين، وهو ما يقول المسؤولون الأميركيون إن إسرائيل لم تقدمه.

وسبق لرئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، التأكيد على أنه إذا لزم الأمر، فإن إسرائيل ستعمل في رفح دون موافقة أميركية.

وقال غودمان: “إذا استولينا على رفح وخسرنا أميركا، فقد خسرنا الحرب”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *