فضيحة بتر أطراف أسرى فلسطينيين تكشف المستور في سجون إسرائيل

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

نابلس- رسم الاحتلال الإسرائيلي بعدوانه على الآمنين في غزة والتنكيل بهم عبر الاعتقال والتعذيب وارتكاب الفظاعات مع مضي 6 أشهر على الحرب مشهدا دمويا لاعتداءاته، لا سيما تجاه الأسرى والمعتقلين، حيث وثقت مقاطع فيديو متداولة تجريدهم من ملابسهم بالكامل والاعتداء عليهم بالضرب وهم مكبلون بالأصفاد ومعصوبو الأعين.

وجاءت شهادات أدلى بها إسرائيليون حول ما يتعرض له أسرى غزة في سجن “سديه تيمان” الإسرائيلي لترسم صورة أكثر مأساوية. تقول إفادات الشهود إن الأسرى الغزيين في “سديه تيمان” السري بترت أطرافهم بسبب القيود.

وكشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في تحقيق، نشر أول أمس الخميس، نقلا عن طبيب عسكري إسرائيلي قوله في رسالة بعثها للوزراء والمستشارة القضائية الإسرائيلية “كلنا تحولنا لشركاء في خرق القانون”.

فعالية تضامن مع الأسرى بنابلس (الجزيرة)

ظروف مزرية

وكشف الطبيب الذي يعمل في مستشفى ميداني أقيم في مركز اعتقال الغزيين بمنطقة “سديه تيمان” بصحراء النقب عن التجاوزات القانونية التي تتم خلال عملهم، وأضاف “هذا الأسبوع فقط تم بتر ساق أسيرين بسبب جراح تقييدهم بالأصفاد، ونتحدث عن أمر بات اعتياديا”.

ووصف الطبيب ظروف الأسرى الغزيين “بالمزرية” وأن مخالفات غير معقولة تقترف بحقهم، مما يعرضهم لخطر الموت.

وكان نادي الأسير الفلسطيني قد نقل تلك الشهادة عن الطبيب الإسرائيلي في بيان، وأكد فظاعتها وأنها تشكّل الحد الأدنى من مستوى الجرائم المتواصلة بحقّ معتقلي غزة، وذلك في ضوء استمرار جريمة الإخفاء القسري بحقّهم، منذ بداية العدوان والإبادة الجماعية.

وقال النادي في بيان وصل الجزيرة نت إن “سديه تيمان” الذي أقيم خصوصا لأسرى غزة بعد 7 أكتوبر/تشرين أول الماضي شكل عنوانا بارزا لعمليات التعذيب غير المسبوقة بكثافتها، ومعظم الجرائم التي كشف عنها ارتبطت به، آخرها ما كشف عنه من بتر لأطراف الأسرى بفعل إبقائهم مقيدين ومعصوبي الأعين خلال احتجازهم.

وما نقله الطبيب الإسرائيلي “أقل بكثير مما كان يجري في معسكر سديه تيمان” حسب ما رواه الصحفي الفلسطيني ضياء الكحلوت للجزيرة نت، والذي اعتقل 22 يوما في السجن ذاته.

ومثل العشرات من الغزيين، اعتقل الكحلوت من منزل عائلته في مشروع بيت لاهيا شمال قطاع غزة في 7 ديسمبر/كانون أول الماضي، وتعرض لتعذيب وتنكيل وحرم من العلاج الذي لم يتوفر أصلا خلال الاعتقال، لتظل جروحه التي أصيب بها “مفتوحة، ولم تشف حتى بعد 100 يوم من الإفراج عنه”.

ولم يكن هناك “أي شكل من الرحمة” بوصف الكحلوت في التعامل مع الأسرى الغزيين، ويقول إن الجيش اعتقل أسرى بعد ما أصابهم بالرصاص وكانوا يعانون الأمرين، وآخرين مرضى بالسرطان لم يمنحوا أكثر من حبة مسكن للعلاج.

عقاب مضاعف

ويضيف الصحفي ضياء الكحلوت “رأيت مسنا (77 عاما) مصابا بألزهايمر ترك دون رعاية وشج رأسه لحظة الإفراج عنه، فاستدعى جيش الاحتلال سيارة إسعاف فلسطينية لنقله لأحد المشافي بجنوب غزة”.

وبين الكحلوت أن أسرى غزة تحديدا يعاملهم الاحتلال وكأنهم “عناصر من حماس والجهاد الإسلامي” وبالتالي يفرض عقابا مضاعفا عليهم، أبرزه “الانعزال التام عن العالم والتعذيب المفضي إلى الموت”.

ويضيف “بقيت طوال فترة اعتقالي وأسرى آخرين لـ22 يوما بنهارها وليلها مقيدا ومعصوب الأعين، وكنا ننام ونذهب إلى الحمام ونحن كذلك”.

والأخطر أن إسرائيل، وفق عبد الله الزغاري رئيس نادي الأسير الفلسطيني، منذ طوفان الأقصى لم تفصح عن أي معلومات عن الأسرى الغزيين، وتواصل سياسة الإخفاء القسري بحقهم، مما يؤكد ارتكابها جرائم كبيرة لا سيما في ظل غياب أي رقابة حقوقية وإنسانية.

كما أن الاحتلال استفرد بأساليب تعذيب لم تخطر على بال بشر في معسكر “سديه تيمان” أدت لاستشهاد 27 غزاويا، كما وقعت “عمليات إعدام كبيرة” وفق روايات أسرى قضوا أشهرا وأسابيع بهذه المعسكرات وتحرروا مؤخرا، إضافة لما بات ينقله المحامون خلال زياراتهم للأسرى.

ولا أعداد دقيقة لهؤلاء الأسرى سوى ما أعلن عنه الإعلام الإسرائيلي أن ما يقارب 690 أسيرا غزيا أعلنوا كمقاتلين غير شرعيين، إضافة إلى 23 طفلا بسجن مجدو، بينما تشير صحيفة هآرتس الإسرائيلية أن المعتقلين بين 600 و800 أسير.

وذكر الزغاري أن أسرى غزة يعزلون وحدهم بمعسكرات بالنقب وبأقسام خاصة بعيدا عن أسرى الضفة، ويتعرضون “للموت بكل لحظة” بفعل اعتداءات السجانين الوحشية، وأن أصوات صراخهم تسمع من الأقسام الأخرى.

فشل ذريع

وأمام هذا، يؤكد الزغاري أن المنظمات الدولية “فشلت فشلا ذريعا” ليس بإيقاف العدوان الإسرائيلي، وإنما أيضا بوقف عمليات التعذيب الممنهجة بتعليمات من الجهات السياسية والعسكرية الإسرائيلية، وأدت لاستشهاد 14 أسيرا فلسطينيا (غير شهداء أسرى غزة) منذ الحرب، منهم من ترك ينزف حتى الموت كالأسير ثائر أبو عصب، وعبد الرحمن البحش الذي كُسرت أضلاعه.

ولم يقف الأمر عند بتر الأطراف وإن كان أفظعها، بل فقد الأسرى عشرات الكيلوغرامات من أوزانهم، لقلة ورداءة الطعام المقدم، وأصيبوا بأمراض جلدية وتسلخات لعدم الاستحمام.

وذكر الزغاري أن إسرائيل حولت سجونها لمقابر ومسالخ للأسرى، محملا المنظومة الدولية مسؤولية ما يعانيه الأسرى، لعدم قيامها بالدور المنوط بها، ولا سيما الصليب الأحمر الذي لم يزر أي سجن حتى الآن.

وقال إن إخفاء أي معلومات عن أسرى غزة وحبسهم بسجون سرية مثل “سديه تيمان” وعينتوت” ومنع الصليب الأحمر من زيارتهم، يؤكد أن لدى الاحتلال ما يخفيه من جرائم ويعرض حياتهم لموت محدق.

ونفَّذ الاحتلال ومنذ بداية الحرب حوالي 8 آلاف حالة اعتقال بين الفلسطينيين، وتجاوز عدد الأسرى حتى نهاية فبراير/شباط الماضي 9100 أسير، بينهم 3558 معتقلا إداريّا، و793 صنفوا “كمقاتلين غير شرعيين”، من معتقلي غزة.

ويؤكد الزغاري أن غالبية من اعتقلهم الاحتلال مدنيون، بدليل تحويل 50% منهم للاعتقال الإداري، دون تهمة أو محاكمة، وهذا انتقاص من القانون الدولي الذي يجرم ممارسات الاحتلال.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *