تحولت الممثلة الهولندية من أصل مغربي نورا أكشار إلى مقدمة برنامج إذاعي حواري قبل ساعة من أذان الفجر بعنوان “قصص السحور”.
ويسعى البرنامج الذي يبث على الهواء مباشرةً وتقدمه 7 نساء مسلمات هولنديات، لإزالة الغموض حول شهر رمضان للجمهور غير المسلم في البلاد.
ويعد “قصص السحور” البرنامج الإذاعي والتلفزيوني اليومي الوحيد في أوروبا الذي يتم بثه في رمضان عبر هيئة الإذاعة العامة الهولندية (حكومية)، ليصل إلى جميع أنحاء البلاد.
وحسب ما ذكرت صحيفة “ذا غارديان” البريطانية اليوم الثلاثاء، فإن أكشار تسعى من خلال تشكيلة البرنامج النسائية لإزالة الصور النمطية السلبية السائدة في هولندا والغرب منذ فترة طويلة حول المرأة المسلمة قائلة، “لدينا قوة ونعيد كتابة القصص بطريقتنا”.
ويعد البرنامج فرصة لتحقيق قدر أكبر من التفاهم في بلد هزه فوز حزب الحرية اليميني المتطرف المناهض للإسلام والمهاجرين، بقيادة خيرت فيلدرز في الانتخابات التي أجريت في نوفمبر/تشرين الثاني 2023.
وسبق أن صرح فيلدرز في خطابه الانتخابي بأن المساجد والمدارس الإسلامية والقرآن الكريم لا تنتمي لهولندا، كما وعد بفرض حظر على ارتداء الحجاب في الدوائر الرسمية.
من جانبها، تقول أكشار إن “الأمر صعب الآن في هولندا. ما الخطأ الذي ارتكبته على الإطلاق؟ أحاول دائمًا أن أكون كائنا لطيفا، ثم ذهب 2.5 مليون شخص وصوتوا لصالح خيرت فيلدرز. ربما أعرف بعض هؤلاء الأشخاص”.
وعبر موجات الأثير يصل “قصص السحور” إلى قطاع عريض من المسلمين في هولندا وسط الجدل المستمر بعد الانتخابات حول تشكيل الحكومة المقبلة، في محاولة لحمل المسلمين على مقاومة اليمين المتطرف النامي في هولندا.
“قصص السحور”.. مزيج من الحنين والإلهام
ويتناول برنامج “قصص السحور” الشؤون الجارية بعيون المسلمين العاديين؛ فيستضيف مثلاً رجل أعمال يصنع النقانق الحلال، ومدرس لغة هولندية تحول إلى مؤدٍّ صوتي، كما يشارك الضيوف ذكرياتهم ويقدمون وصفات سحور مميزة.
ووفق الصحيفة البريطانية، فقد جذب البرنامج نحو 16 ألف مستمع يوميا في المدن الكبرى والريف ويتلقى أحيانا تعليقات “عنصرية”، لكنه حظي -بشكل عام- بالثناء على نطاق واسع، لأنه فتح آفاقًا جديدة في وسائل الإعلام الممولة من القطاع الحكومي.
ولا شك في أن الممثلة المسرحية والمنتجة السينمائية المولودة في المغرب، تدرك الشيطنة التي تتعرض لها العائلات المهاجرة التي تعيش في هولندا منذ فترة طويلة.
وقالت أكشار، إنه من الصعب تجاهل الوصم الدائم للمسلمين في المشهد الإعلامي، وهو ما يصورهم على أنهم “مفترسون أو مجرمون” على الشاشات.
وتأمل أكشار في تغيير هذه الصورة النمطية من خلال برنامجها الإذاعي، “فلفترة طويلة جدا، كانت المشاكل المجتمعية مثل الإرهاب أو الجريمة تروى من خلال العدسة البيضاء، متجاهلة التجربة الحياتية للمجتمعات الموصومة بتلك الأفعال ذاتها”.
وختمت حديثها قائلة، “يحب مخرجو الأفلام أن يدفعوني كامرأة مسلمة إلى مقاومة الطريقة التي نشأت بها لا أكثر. لكن أنا من سيحكي قصتي. نحن نرسل رسالة لأنه يتعين علينا الكفاح على العديد من المستويات. لقد سئمنا من القول إننا أناس طيبون”.
مشاركات أكشار في السينما والدراما
وتُعرف أكشار بفيلم “مسكينة” (Meskina) الذي طرح في عام 2021، ويجسد نظرة عائلة مغربية هولندية لابنتهم العازبة في الثلاثينيات من عمرها على أنها “مسكينة” (حالة مؤسفة)، حيث ترغب بشدة في تزويجها.
وبجانب “مسكينة” لعبت الممثلة ذات الأصول المغربية دور الفتاة “هاجر الكوبيخي” في المسلسل التلفزيوني الهولندي الشهير “موكرو مافيا” (Mocro Mafia)، عام 2018 والذي انتقده البعض بدعوى إعطائه صورة سلبية عن المهاجرين المغاربة في هولندا والغرب.
كما شاركت أكشار في المسلسل التلفزيوني “فاكينفولرز” (Vakkenvullers) في عام 2018.
المسلمون في هولندا
بحسب مركز الإحصاء الهولندي “سي بي إس” عام 2019، فإن عدد المسلمين في هولندا يقارب 850 ألف نسمة وهو ما يمثل نحو 5% من عدد السكان البالغ نحو 17 مليون نسمة، معظمهم من الأتراك والمغاربة.
وفي عام 2011، قدم عدد من الهولنديين المسلمين شكوى قضائية ضد الحكومة إلى لجنة حقوق الإنسان في الأمم المتحدة، متهمين إياها بالتخلي عن حماية مواطنيها ذوي الأصول الأجنبية من اعتداءات حزب اليمين المتطرف برئاسة خيرت فيلدرز.
وتوصلت باحثة هولندية في كتابها “الإسلاموفوبيا والتمييز” الذي عرضته في المنتدى الأكاديمي بجامعة أمستردام عام 2012، إلى غياب تشريعات وقوانين صارمة تهدف إلى التصدي للظواهر المعادية للإسلام واستهداف المساجد.
وأوضحت الباحثة أينكه فاندر فالك، المتخصصة في علم الاجتماع، أن الحوادث التي شهدتها مساجد في هولندا بين عامي 2005 و2010 بلغت 117 حادثة.
وتنوعت الحوادث بحسب الباحثة بين الحرق والتخريب والكتابة على الجدران، إضافة إلى رسائل بريدية ملغومة، وتهديدات عبر الهاتف، وتعليق شاة ميتة على عمود وكتابة عبارة “لا لبناء مسجد” عليها، أو وضع رأس خنزير، أو تلطيخ الحائط بالدماء.
المصدر : الجزيرة + الصحافة البريطانية + مواقع التواصل الاجتماعي