بغداد- سجلت دائرة المنظمات غير الحكومية التابعة للأمانة العامة لمجلس الوزراء العراقي 6 آلاف منظمة غير حكومية (مجتمع مدني) على مدى 20 عاما، غير أن ثلثيها غير فاعل لأسباب متعددة أهمها نقص التمويل الذي يسمح لها بإقامة النشاطات والفعاليات.
وأكدت الدائرة وجود 1500 منظمة فقط فاعلة، مبينة أن الحكومة تسعى لخلق جو للمنظمات الفعالة لتتصدر المشهد عبر تنفيذ فقرات القانون الحالي الذي رسم آلية عملها.
وقال مدير عام الدائرة أشرف الدهان، في تصريحات صحفية، إنَّ دائرته لا تؤيد تقليل عدد المنظمات واستشهد باستقبالها عشرات الطلبات للتسجيل يوميا، مستدركا أنها مع فلترة المنظمات التي ليس لها أثر أو وجود فعلي.
فكرة تعديل
وأشار مدير عام الدائرة أشرف الدهان إلى وجود منظمات عملت “بالضد من العراق من خلال إصدار تقارير تستهدف البلد والعملية السياسية”.
وأكد أن الدائرة سجلت بعد عام 2010 منظمات، ولكن لا يوجد لديها مكان أو موقع إلكتروني، إذ حصلت على شهادة التسجيل وتركت عملها منذ ذلك الوقت ولا يوجد أي تواصل معها تماما.
ونوه إلى أن الحكومة الحالية لها ثقة كبيرة بعمل المنظمات التي تمارس أدوارا مجتمعية مهمة في ملفات عديدة أهمها المراكز البحثية الخاصة بالرأي وصناعة القرار.
وأشار الدهان إلى وجود فكرة لتعديل قانون المجتمع المدني رقم (12) لسنة 2010 “الذي لن يؤثر في المنظمات التي تعمل بشكل صحيح بابتعادها عن المساس بأمن البلاد وعدم تأثيرها في عاداتها وتقاليدها الاجتماعية”. وأوضح أن تعديل القانون لا يمكن أن يمر دون الرجوع إلى آراء منظمات المجتمع المدني.
ووفق المادة 2 من هذا القانون، فهو يهدف إلى “تعزيز دور منظمات المجتمع المدني ودعمها وتطويرها والحفاظ على استقلاليتها، وإيجاد آلية مركزية لتنظيم عملية تسجيل المنظمات غير الحكومية العراقية والأجنبية”.
يبين الناشط في مكافحة الفساد سعيد ياسين موسى أن هنالك 3 أنواع من المنظمات وهي:
- المنظمات ذات المنفعة الخاصة كالجمعيات الإثنية والدينية.
- المنظمات ذات المنفعة العامة.
- المنظمات التي لا منفعة منها مثل منظمات الواجهة السياسية والجريمة المنظمة والإرهاب.
عدم تمكين
ويقول الناشط موسى للجزيرة نت إن الحكومات المتعاقبة لم تُمكن منظمات المجتمع المدني، وإن كل ما فعلته هو التسجيل، وتريد من المنظمات أن تقدم خدماتها بالاعتماد على التمويل الدولي، في حين ومنذ 2012 لم تشرّع قانون صندوق وطني لدعمها رغم القراءة الأولى لمسودة القانون.
في المقابل، يقول الدهان إن رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مهتم بعمل المنظمات وتوضيح الأدوار التي تقوم بها، لوجود ثقة تزداد بين المنظمات والحكومة، وتؤكد الأمانة العامة لمجلس الوزراء أن جميع المنظمات المدنية تسجل وفق القانون بجميع تسمياتها وطبيعة عملها.
وعن طبيعة عمل المنظمات المدنية وشروط تسجيلها رسميا، يبين مدير المكتب الإعلامي للأمانة العامة حيدر مجيد أن دائرة المنظمات غير الحكومية هي الجهة الرسمية الوحيدة المسؤولة عن تسجيل المنظمات غير الحكومية المحلية وفروع المنظمات الأجنبية العاملة في العراق.
ويضيف أنها تعمل وفق القانون رقم (12) وبواقع 4500 منظمة محلية مسجلة رسميا، وهناك أكثر من 1000 فرع للمنظمات الأجنبية في العراق وجميعها تحمل صفات عديدة حسب تخصصها.
ويؤكد مجيد للجزيرة نت أن هناك الكثير من تلك المنظمات غير فعالة، إلا إن القانون يتيح للدائرة مراجعة التقارير الدورية الفصلية والسنوية بشقيها المالي والإداري، ومتابعة جميع أعمال ونشاطات تلك المنظمات.
ونوه إلى أنه في حال كشف غياب فاعلية المنظمات، يتم إنذارها أو سحب الإجازة منها وعدم السماح لها بالاستمرار، ولدى كل منظمة سبب في عدم فاعليتها ومنها نقص أو إيقاف التمويل من الجهات المانحة.
كما أشار مجيد إلى أن الشروط الواجبة في التسجيل هي اختيار اسم للمنظمة ويجب ألا يكون مشابها لمنظمة أخرى، كما يجب أن تمتلك مقرا وحسابا مصرفيا وموظفين، فضلا عن خضوعها للتدقيق الأمني.
قيود
من جهتها، توضح رئيسة رابطة المرأة العراقية انتصار الميالي أن منظمات المجتمع المدني تحتاج إلى المزيد من الدعم عبر تفعيل الشراكة وعلى مستوى قطاعات متعددة لخلق سياسة تكاملية في التوعية التي يحتاجها المجتمع العراقي.
وبينت الميالي للجزيرة نت أن المنظمات المدنية تواجه بيئة غير صحية من حيث فرض بعض القيود، أو المنع من دخول المؤسسات وغياب التوجيهات الصريحة التي يمكن أن ترفع من مستوى فاعلية المنظمات.
وتستدرك المتحدثة نفسها أنه رغم كون دور المنظمات لا يتعارض مع عادات أو تقاليد المجتمعات العراقية باختلافها وتنوعها، “إلا إن هناك إرادة سياسية لها اليد الطولى في تحجيم عملها وإضعاف دورها تحت حجج وادعاءات كثيرة تصل إلى حد التهديد وهذا ما يجعل عملها في تراجع لغياب الرؤية بأهمية دورها”.
أما رئيس منظمة فعل المدنية العراقية عبد الحسن الخفاجي فيرى أن 25% من المنظمات العاملة في العراق لديها أنشطة وبرامج وتأثير، عازيا أسباب توقف أنشطة غالبيتها إلى نقص التمويل من المنظمات الأجنبية بهدف تمويل أنشطتها ودفع مستحقات أعضائها وبدل إيجارات مكاتبها.
ويقول للجزيرة نت إن عدم فعالية غالب المنظمات يعود أيضا إلى عدم المعرفة والوعي بأهداف عملها التطوعي وغير الربحي لدى الكثير من مؤسسيها قبل الشروع بتسجيلها وهذا يجعل منها مجرد شهادة تسجيل فقط. ولفت إلى أن التمويل الرئيسي للمنظمات هو من الجهات الدولية سواء منظمات أو سفارات أو وكالات.
وعن أهمية أو ضرورة إجراء تعديلات على قانون المنظمات غير الحكومية، يؤكد الخبير القانوني علي التميمي أن قانون المجتمع المدني الصادر عام 2012 أجاز تأسيس منظمات مدنية بعدما اشترط أن يكون لكل منظمة نظام داخلي وأهداف ومجلس إدارة ومقر، للمنظمات المحلية والأجنبية.
واعتبر أن كثرة المنظمات المدنية -خاصة ذات الطابع الإنساني- ظاهرة صحية.
ويقول التميمي للجزيرة نت إن بعض المنظمات تحتاج إلى رقابة وإلى المتابعة لمعرفة الإنجازات المتحققة على أرض الواقع، ومراجعة النتائج خلال 3 إلى 5 سنوات لمعرفة ما تحقق من خلال لجنة في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، “لذلك فإن القانون يحتاج إلى تعديل بهذا الشأن”.