أنقرة- تشهد الانتخابات المحلية القادمة في تركيا والتي ستجرى بتاريخ 31 مارس/آذار الجاري، تنافس ألف و53 مرشحا يتبعون لـ34 حزبا، ويسعون للفوز في المناصب في 81 محافظة و 972 مقاطعة، وسيتم الإعلان عن النتائج غير الرسمية في الليلة نفسها.
ومن المتوقع أن يكون معدل المشاركة في الانتخابات المقبلة منخفضا جزئيا، بعد فترة قصيرة من الانتخابات الرئاسية وانتخابات أعضاء البرلمان التي جرت في مايو/أيار 2023، إذ يرى المتخصصون أن الناخبين متعبون من تنظيم الانتخابات، وأن المشاركة في الصناديق قد تكون منخفضة بسبب تأثير شهر رمضان.
وتجري الانتخابات عموما بين حزبي الشعب الجمهوري وحزب العدالة والتنمية، ويعمل كلا الحزبين بشدة للحفاظ على هذا التوزيع الحالي، ومع ذلك، قد تفوز الأحزاب المختلفة في العديد من الولايات، مثل أضنة وبورصة وأنطاليا وأدرنة وإسكي شهير ويالوفا وغيرها، في اللحظات الأخيرة، نظرا لاقتراب الأصوات بشكل كبير.
وسيكون من الصعب جدا معرفة كم فقدت أو اكتسبت الأحزاب بسبب التحالفات في الانتخابات، ومع ذلك، سيتم اعتبار الأحزاب التي انخفض عدد بلدياتها أنها غير ناجحة في الانتخابات.
انتخابات تحذيرية
يقول هاكان بايراكجي صاحب مركز أبحاث “سونار”، الذي تنبأ بانتخابات الرئاسة بدقة جيدة جدا، “قمت بتحليل الانتخابات والأبحاث لمدة 35 عاما، ولقد لاحظت أن الانتخابات المحلية هي بمثابة انتخابات تحذيرية للحكومة، يستخدمها المواطن لتحذير الحكومة في المسائل التي يشعرون بالاستياء منها”.
ويوضح “في هذه الانتخابات، هناك 3 قضايا مهمة يشكو منها المواطنون: غلاء المعيشة، ورواتب المتقاعدين، والفساد واتهامات الرشوة، وستظهر ردود الفعل على هذه المسائل في صناديق الاقتراع، ومع ذلك، لا أتوقع خسارة كبيرة في الأصوات وفقدان البلديات بشكل عام في صفوف السلطة”.
وفي الوقت الحالي، تتوزع بلديات الولايات على الأحزاب بالشكل التالي:
- حزب العدالة والتنمية 39 بلدية.
- حزب الشعب الجمهوري 21 بلدية.
- حزب الحركة القومية 11 بلدية.
- الحزب الديمقراطي 8 بلديات.
- الحزب الشيوعي التركي 1 بلدية.
العين على إسطنبول
يتركز اهتمام جميع تركيا ويتوجه نحو انتخابات مدينة إسطنبول باعتبارها أهم مدينة في البلاد، حيث تشهد معركة شرسة بين أحزاب المعارضة والحزب الحاكم على منصب رئاسة البلدية.
ففي الانتخابات السابقة، فاز رئيس بلدية إسطنبول وعضو حزب الشعب الجمهوري أكرم إمام أوغلو، وأصبح ممثلا سياسيا معروفا على مستوى البلاد، ومن المتوقع أن يكون هو مرشح المعارضة -بشكل قاطع- في انتخابات الرئاسة، التي ستجرى في عام 2028، في حال فوزه في هذه الانتخابات، بينما يسعى حزب العدالة والتنمية إلى استعادة المدينة التي حكمها لمدة 25 عاما، من خلال ترشيح وزير الإعمار السابق مراد قوروم.
وقال رئيس شركة “ميثود” للأبحاث جنكيز كيليتش، وفقا لاستطلاع الرأي الأخير الذي أجراه، إن “الوضع بين المرشحين متساوٍ”، موضحا “يتنافس مرشحان مهمان من حزب الشعب الجمهوري وحزب العدالة والتنمية في إسطنبول، وفي الاستطلاع الأخير الذي أجريناه هذا الأسبوع، لاحظنا أن كل مرشح حصل على نسبة قريبة من الأصوات”.
وأضاف “بالإضافة للأخطاء الممكنة في الاستطلاع، يمكننا القول إن فرصة كل مرشح متساوية، وإذا لم يحدث أي تطور كبير في الأسبوع الأخير، فستكون النتائج على هذا النحو، يمكننا القول إن المرشح الفائز سيفوز بفارق بسيط في الأصوات”.
وفي إجابته عن سؤال سبب تركيز الناس على انتخابات إسطنبول في تركيا، أجاب كيليتش “إسطنبول ليست مدينة مهمة فقط في تركيا، بل هي واحدة من أهم المدن في العالم، فالشخص الذي يكون رئيسا للبلدية هنا يصبح أحد السياسيين النشطاء في جميع أنحاء تركيا، ومعروفا أيضا في العالم، وكما كان الرئيس التركي الحالي أردوغان في السابق رئيسا لبلدية إسطنبول الكبرى، سيكون للمنافس الفائز في هذه الانتخابات تأثير في المستقبل على الساحة السياسية في تركيا”.
فرصة إمام أوغلو
من ناحية أخرى، تُظهر استطلاعات رأي أخرى أجريت في إسطنبول تنوعا في الآراء، ففي تصريح هاكان بايراكجي للجزيرة نت يقول “وفقا لأبحاث الميدان التي أجريتها، فإنني أرى أن أكرم إمام أوغلو سينهي الانتخابات في المقدمة، لم أحسب بعد مقدار الفرق في الأصوات، ولكن تبدو أمامي التأكيدات على تصدره الانتخابات، بشرط عدم وقوع أزمة سياسية كبيرة أو حدث مهم، لن تتغير النتيجة، وسيفوز إمام أوغلو برأيي”.
وعن رأيه بسبب توقع خسارة مرشح حزب العدالة والتنمية، أوضح بايراكجي “تؤثر المشاكل العامة على انتخابات إسطنبول، يمكن تحديد 4 أسباب عامة:
- ارتفاع تكاليف المعيشة.
- رد الفعل الذي أبداه المتقاعدون تجاه زيادة رواتبهم.
- رد الفعل تجاه اتهامات الفساد والرشوة.
- التحركات الخاطئة في الحملة الانتخابية للمرشح مراد كوروم.
إلى جانب التحالفات السرية التي قامت بها المعارضة بين مكوناتها، والتي زادت أصوات إمام أوغلو أكثر من المتوقع”.
مفاجأة حزب الرفاه
قال رئيس مركز أبحاث الميدان جنكيز كيليتش “بسبب ارتفاع تكاليف المعيشة والمشاكل الاقتصادية، سيكون الناخبون راغبين بإعطاء تحذير للحزب الحاكم، من دون حدوث خسائر كبيرة في الأصوات، كما نرى أن بعض الأحزاب في المعارضة ستزيد أصواتها، على سبيل المثال حزب الرفاه الجديد”.
فقد فاجأ حزب الرفاه الجديد، الذي أسسه فاتح أربكان، ابن رئيس الوزراء السابق، الناس بالحصول على حوالي 3% من الأصوات في الانتخابات السابقة، وفي هذه الانتخابات، قام الحزب بخطوات لافتة للانتباه، من خلال نقل بعض المرشحين المستائين من حزب العدالة والتنمية، كما يشاع أنه قد يتسبب في خسارة بعض الولايات بسبب جذب أصوات من حزب العدالة والتنمية، بدلا من زيادة أصواته في الانتخابات المقبلة في 31 مارس/آذار الجاري.
ويشير المحلل بايراكجي بشكل خاص إلى عدد الأصوات التي حصل عليها حزب الرفاه الجديد في انتخابات إسطنبول قائلا “ما لفت انتباهي بشكل كبير في إسطنبول هو عدد الأصوات التي حصل عليها حزب الرفاه الجديد، إنهم يعملون بجد، وينتزعون معظم الأصوات من حزب العدالة والتنمية، أصبحوا حزبا مؤثرا في توازن الانتخابات في إسطنبول”.