نشر موقع “كاونتر بنش” الأميركي تقريرا يفيد بأن إثيوبيا أصبحت تحت حكم رئيس الوزراء آبي أحمد وحزبه الحاكم (حزب الازدهار) مكانا مظلما ومخيفا، حيث يتعرض أي شخص يتحدى الحكومة لخطر العنف والاعتقال.
وأورد التقرير الذي كتبه غراهام بيبليز أن قمع النظام الإثيوبي يتركز حاليا ضد قومية الأمهرة، حيث أصبح قتل الرجال والنساء والأطفال من هذه القومية حدثا يوميا يرقى إلى مستوى الإبادة الجماعية.
وقال بيبليز، وهو كاتب بريطاني مستقل أسس جمعية “إنشاء الثقة” في عام 2005 وأدار مشاريع تعليمية في سريلانكا وإثيوبيا والهند، إن رجال عصابات يرتدون الزي الرسمي، الفدرالي والإقليمي، وكذلك مليشيا الأورومو (جيش تحرير أورومو) يذبحون المدنيين الأمهرة في الشوارع أثناء ممارستهم حياتهم اليومية، كما أن جهات مجهولة تسير مسيرات تحوم في السماء لمهاجمة هؤلاء المدنيين.
خوف خانق
ووفق الكاتب، ظل الخوف الخانق يخيم على شعب الأمهرة في القرى والبلدات والمدن، حيث يُستهدفون على الهوية، وأنه في الأعوام الـ5 التي تلت وصول آبي أحمد ورفاقه إلى السلطة، قُتل عشرات الآلاف من الأمهرة ونزح الملايين منهم من أوروميا، أكبر منطقة في البلاد، حيث كانت لهم ممتلكات هناك.
والآن أصبح هؤلاء الناس، خاضعين لبرنامج إعادة توطين قسري، وأجبروا على العودة إلى نفس الأماكن التي تم إجلاؤهم منها، حيث لا تزال العصابات المسلحة التي هاجمتهم طليقة، ولا يتم توفير أي سكن بديل لهم.
وأوضح أن إعادة التوطين هذه تعتبر في أحسن الأحوال خطة فوضوية من قبل نظام غير كفؤ يحاول إيهام الداخل والخارج بسلام إقليمي، وفي أسوئها، هو عمل متعمد من قبل دكتاتور وحشي لإجبار الناس على العودة إلى أماكن غير آمنة.
اعتقالات وإعدامات وحقن بأمراض قاتلة
وأضاف بيبليز أن النظام نفذ حملات اعتقال لمئات الآلاف من الأمهرة وأنصار المعارضة من الأورومو، وإعدام العديد من السجناء، مشيرا إلى أن السجون في إثيوبيا ممتلئة تماما بالمعتقلين في أماكن غير معروفة، حيث وردت تقارير عن حقن الأسرى بأمراض قاتلة شديدة العدوى وتركهم ليموتوا.
وحسب الكاتب، ينتشر التنميط العرقي من قبل الهيئات الحكومية على نطاق واسع يسلط الضوء على حقيقة استهداف الأفراد على أساس العرق والمعتقدات وضد من يعارضون الإبادة الجماعية في أمهرة.
وأكد الكاتب أن السلطات تقوم بمراقبة الوصول إلى الإنترنت، من كثب، ويتم فحص حسابات وسائل التواصل الاجتماعي، وتسري عمليات التوقيف والتفتيش التعسفية، حيث يتم تفتيش الهواتف المحمولة، وأن اللجنة الدولية لخبراء حقوق الإنسان في إثيوبيا وجدت أن أي صور لشخصيات أمهرة التاريخية أو أعلام وطنية مجردة من نجوم العلم الإثيوبي لدى أي شخص تعرض صاحبها لاحتمال الاعتقال.
حل القوة التي تحمي الأمهرة
ولفت الكاتب إلى أن الحكومة الفدرالية أعلنت في أبريل/نيسان 2023 عن خطط غير دستورية لحل القوة الوحيدة التي تحمي مجتمعات الأمهرة، وهي قوات الأمهرة الخاصة. وأدى ذلك إلى احتجاجات واسعة في جميع أنحاء المنطقة. وأرسل آبي أحمد الجيش الفدرالي واندلع القتال بين هذه القوات و(مليشيا فانو)، وهي مليشيا إقليمية مكونة من متطوعين إلى جانب أعضاء سابقين في قوات الأمهرة الخاصة.
وانتشرت عمليات القتل العشوائي للمدنيين في أمهرة على يد الجيش الفدرالي. وفي تقرير حديث، وثقت منظمة العفو الدولية انتهاكات خطيرة للقانون الإنساني الدولي من قبل الجيش الفدرالي في أبونا هارا وليديتا وسيباتاميت، والتي يقولون إنها “قد ترقى إلى مستوى جرائم حرب”. وأشارت المنظمة إلى أن ما وثقته جزء ضئيل من عمليات الموت والترهيب.
حالة طوارئ
ونظرا لعدم القدرة على التغلب على (مليشيا فانو) وعدم الرغبة في الانسحاب وإعادة قوات الأمهرة الخاصة، تم فرض حالة الطوارئ في منطقة أمهرة في الخامس من شهر أغسطس/آب 2023.
ويمنح الإعلان الغامض لحالة الطوارئ الحكومة صلاحيات واسعة النطاق لاعتقال وسجن الأشخاص دون مراعاة الإجراءات القانونية الواجبة، وفرض حظر التجول، وحظر الحق في التجمع وتفتيش الممتلكات دون أمر، مما تسبب في تزايد أعمال العنف والاعتقالات غير القانونية ضد شعب الأمهرة بشكل كبير.
ومن جانبها -يقول الكاتب- وثّقت جمعية أمهرة الأميركية في تقريرها الشهري السادس مقتل 1606 وإصابة 824 مدنيا أمهريا (أغسطس/آب – فبراير/شباط 2024)، و37 هجوما بمسيرات، أسفرت عن مقتل 333 مدنيا، واغتصاب حوالي 210 فتيات ونساء، وتنفيذ اعتقال جماعي لأكثر من 10 آلاف شخص من الأمهرة، إلى جانب تعرض المعتقلين للتعذيب الجسدي والنفسي”. وهذه الأرقام بحسب جمعية أمهرة الأميركية، رغم كونها صادمة، فإنها لا تمثل سوى جزء ضئيل من إجمالي القتلى والمغتصبين والمعتقلين.
دكتاتور نرجسي
وعلى الرغم من الأدلة الدامغة على عمليات القتل والاعتقالات الجماعية والإعدامات، فقد قال رئيس الوزراء آبي أحمد للبرلمان في السادس من الشهر الماضي: “بما أننا نفكر على أسس ديمقراطية، فمن الصعب علينا حتى اعتقال أي شخص، ناهيك عن إعدامه”.
واستمر الكاتب يقول إن (حزب الازدهار) الحاكم حزب دكتاتوري يقوده شخص نرجسي، تحت ستار حكومة ائتلافية منتخبة ديمقراطيا. وعلى النقيض من مدحه الليبرالي وتعهداته قبل الانتخابات بالرد على المظالم التاريخية والتمييز العرقي، فقد شجع المتطرفين وعزز الانقسام والكراهية.
وأشار إلى أن الأمر لم يقتصر على انقسام البلاد كما لم يحدث من قبل، نتيجة لغطرسة آبي أحمد وسوء تقديره، بل إن إثيوبيا أصبحت معزولة بشكل متزايد داخل القرن الأفريقي والمنطقة الأوسع.