بين التأييد والرفض.. هل تنجح فكرة تأسيس إدارة ذاتية في السويداء؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

السويداء- أعلنت قوى سياسية ووطنية في مدينة السويداء (جنوبي سوريا) التحضير لمؤتمر سياسي لمناقشة تشكيل سلطة “لامركزية إدارية”، عقب الاحتجاجات التي طالبت برحيل نظام الأسد.

ووجهت مجموعة من هذه القوى في السويداء الدعوة للمؤتمر بهدف تشكيل هيئة سياسية مدنية تسعى إلى تأسيس لجان محلية، على أن تدير كل لجنة ملفات خدمية سياسية واقتصادية في محافظة السويداء “بهدف سدّ الفراغ الناتج عن فساد مؤسسات الدولة وتورُّط الأجهزة الأمنية بدعم الفساد”، حسبما تقول القوى.

ومن بين الأحزاب المشاركة في مشروع اللامركزية الإدارية “حزب اللواء السوري”، وهو حزب سياسي تشكل خلال السنوات الماضية في السويداء وبدأ خلال الأشهر الماضية تشكيل مكاتب لخدمة المحافظة.

مساع لتوفير خدمات بلدية بديلة عن مؤسسات النظام (الجزيرة)

بدائل

من جهته، يقول الأمين العام للحزب مالك أبو خير “انطلقت البدائل عن مؤسسات النظام في العمل فعليا منذ 7 أشهر، إذ أطلق الحزب عدة مكاتب خدمية تضم ألفي سيدة في السويداء تتولى تدريب العشرات من النساء ضمن دورات تمكين سياسي اقتصادي، وإقامة مشروعات صغيرة ومتوسطة”.

وأضاف أبو خير للجزيرة نت “هناك مكتب الدفاع المدني الذي أسهم في تنفيذ عدة مشاريع، كتوزيع معونات غذائية وأجهزة التدفئة على عشرات الأسر في السويداء خلال فصل الشتاء”.

وتحدث أبو خير عن مكتب العمل البلدي الذي قام بتشجير المناطق الحرجية، وكذلك مكتب خدمات المياه الذي بدأ عمله رسميا منذ عدة أشهر وأسهم في تقديم المياه مجانا لأكثر من 700 عائلة في السويداء، مع خطة لإيصال المياه إلى 4 آلاف عائلة خلال المرحلة المقبلة.

وحسب الأمين العام لحزب اللواء السوري، فإنه يجري العمل حاليا على إنشاء مكاتب مدنية جديدة لتحسين مستوى المعيشة وتأمين الخدمات لأهالي السويداء. وأضاف أنه في “الخطوة التالية، سنذهب إلى خلق الفرص الاستثمارية، فالسويداء تمتلك مقومات النجاح الزراعية والاقتصادية والتجارية”.

وقال إن “مؤسسات الدولة الخدمية هي ملك الشعب وليست للنظام، ولا يحق لأحد السيطرة عليها، وإنما تخضع لقرار وطني”.

هيئة سياسية

وستقدم الهيئة السياسية المدنية -التي توافقت القوى في السويداء على تشكيلها- للمجتمع الدولي رؤيتها السياسية بشان مستقبل سوريا القادمة ومشاركتها في العمل السياسي لإعادة بناء الدولة.

وحسب بيان القوى السياسية الصادر في السابع من يوليو/تموز الماضي، فإن الهيئة تقوم على عدة مبادئ، وهي:

  • تأكيد وحدة الأراضي السورية ورفض أي مشروع انفصالي.
  • وتعزيز مفهوم الإدارة اللامركزية.
  • وطرح مفهوم الإدارة الذاتية للخدمات وتأمين احتياجات المجتمع.
  • ووضعت الهيئة بعد انتخابها خططا لمواجهة ظاهرة انتشار المخدرات في المجتمع.
القوى السياسية بالسويداء تؤكد وحدة الأراضي السورية ورفض أي مشروع انفصالي (الجزيرة)
القوى السياسية بالسويداء تؤكد وحدة الأراضي السورية ورفض أي مشروع انفصالي (الجزيرة)

لا مقومات

في المقابل، رفض عدد من النشطاء والفعاليات المدنية في السويداء فكرة تطبيق “مشروع إدارة ذاتية” في المدينة، وذلك لعدة أسباب، ومن أبرزها “عدم وجود مقومات لتأمين مدخول لأهالي المحافظة كمنابع للنفط أو معابر حدودية”.

فمن ناحيته، يقول مروان حمزة (ناشط سياسي من السويداء) إن “مشروع الإدارة الذاتية جاء تماهيا مع مشروع حكومة شمال شرقي الجزيرة، الذي تمثله (قسد) بالجناح العسكري و(مسد) بالجناح السياسي، وإذا تمت هذه الفكرة فنحن نعطي الشرعية لمشروع الدويلة الكردية أو الحكم الذاتي عند الأكراد”.

وأضاف حمزة للجزيرة نت “لا تملك السويداء مقومات الدولة، على عكس الأكراد الذين يملكون النفط والقمح والقطن والخيرات، ومن دون هذه المقومات من الصعب تشكيل إدارة ذاتية وقطع الشريان الوحيد مع دمشق، لذلك نرفض هذا المشروع”.

وأوضح أن أهل السويداء يديرون مؤسسات النظام الموجودة في المدينة، والخلاف يكمن في أن الإدارات “مُعيّنة بمرسوم بعثي عندما كان فرع الحزب يختار قيادات هذه المؤسسات أو مديريها”.

وأضاف حمزة “رفضنا مسألة الحكم اللامركزي إلى ما بعد سقوط هذا النظام، عندها يقرر الشعب السوري ماذا لديه من خيارات: إن كانت إدارة ذاتية أو مركزية سياسية، ونحن ضد الانفصال عن المركز، لأن كل منتجات السويداء الرئيسية تأتيها من دمشق”.

وقال “لا يمكن أن نخلق نظاما ماليا بديلا أو قصرا للعدل بديلا عن المنظومة القانونية، لكن يمكن تغيير النائب العام المعين من قبل حزب البعث وتعيين آخر مؤهل لخدمة المواطنين دون تحيز”.

من جهة أخرى، تداول ناشطون سوريون تسجيلات مصوّرة تُظهر حواجز للنظام السوري في محيط محافظة السويداء بعد أن أُخليت من العناصر الأمنية، في حين خفضت قوات النظام عدد عناصرها المتمركزين في نقطة شرقي قرية الرشيدة من 25 عنصرا إلى 3 عناصر فقط.

نشطاء وفعاليات مدنية في السويداء يرفضون فكرة تطبيق مشروع إدارة ذاتية بالمحافظة (الجزيرة)
نشطاء وفعاليات مدنية في السويداء يرفضون تطبيق مشروع إدارة ذاتية بالمحافظة (الجزيرة)

أما الناشط من مدينة السويداء فؤاد بربور، فيرى أن الخطوة الأولى هي “طرد كل الأفرع الأمنية والمؤسسات التابعة للنظام التي أغرقت المحافظة بالفساد عقب توسع الاحتجاجات ضده لتشمل كل مدن وقرى المحافظة، أي أنه أصبح مرفوضا في كامل السويداء”.

وقال بربور للجزيرة نت “في حال لم يكن هناك مجال لتحقيق إدارة ذاتية تؤمّن الحياة الكريمة للمدنيين، يجب تشكيل إدارة مدنية تشمل كل الجنوب السوري: درعا والقنيطرة، والاستفادة من المعابر في هذه المحافظات لتكون خارج سلطة النظام، لإنعاش الحياة الاقتصادية في هذه المناطق”.

يُذكر أن مظاهرات السويداء المستمرة رفعت منذ أسابيع لافتات تطالب “برحيل الأسد وإخراج المعتقلين من سجونه”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *