المتهمون الأربعة في مذبحة موسكو مواطنون من طاجيكستان، وهم بعض من الآلاف الذين يهاجرون إلى روسيا سنويا، من أفقر الجمهوريات السوفيتية السابقة، في محاولة للنجاة من حياتهم الصعبة.
وإلى جانب الفقر المدقع، تعاني طاجيكستان من التوترات الدينية.
وكان الإسلاميون المتشددون إحدى القوى الرئيسية التي عارضت الحكومة خلال الحرب الأهلية التي اندلعت في التسعينيات ودمرت البلاد.
وتقول أسوشيتد برس إن المسلحين الذين اتهمتهم روسيا بتنفيذ مذبحة قاعة الحفلات الموسيقية في موسكو، التي أسفرت عن مقتل 139 شخصا، يتبعون فرع تنظيم “داعش” في أفغانستان المجاورة، وهو يجند أعدادا كبيرة من طاجيكستان.
وتشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 1.5 مليون مهاجر طاجيكي يعيشون في روسيا، فرارا من الفقر والبطالة التي تعاني منها بلادهم الجبلية، غير الساحلية.
وطاجيكستان دولة غنية بالعديد من الموارد المعدنية، لكن الصناعة لم تتطور بسبب تراجع الاستثمار الأجنبي وضعف البيانات الجيولوجية، من بين عوامل أخرى.
ورغم أن أغلبية سكانها، البالغ عددهم 10 ملايين نسمة، مسلمون، تظل التوترات المرتبطة بالإسلام شائعة.
وكان الإسلاميون معارضين رئيسيين خلال الحرب الأهلية، التي دارت رحاها بين عامي 1992 و1997، التي قتلت خلال السلطات ما يصل إلى 150 ألف شخص، ودمرت الاقتصاد.
وبعدما انتهت الحرب، اتخذ الرئيس الطاجيكي، إمام علي رحمن، خطوات لتقييد الحريات الدينية، إذ حدت الحكومة من عدد المساجد التي يمكن بناؤها، ومنعت النساء والأطفال دون سن 18 عاما من ارتياد المساجد على الإطلاق، وحظرت التعليم الديني للأطفال خارج المنزل.
ويقول المنتقدون إن تلك القيود شجعت الناس على اللجوء إلى الفصائل الإسلامية السرية والمتطرفة عبر الإنترنت.
وأكبر المتهمين في مذبحة موسكو هو داليردزون ميرزوييف (32 عاما)، الذي ظهر جالسا في قفص زجاجي بقاعة المحكمة ووجهه مصاب بكدمات. كان ميرزوييف يعيش في روسيا بشكل غير قانوني، ولديه إقامة مؤقتة لمدة ثلاثة أشهر في مدينة نوفوسيبيرسك، بجنوب روسيا، لكنها لم تعد سارية، بحسب وكالة ريا نوفوستي.
وفي مقطع فيديو لاستجوابه تم نشره على وسائل التواصل الاجتماعي الروسية، قال إنه كان يعيش مؤخرا في موسكو مع أحد المشتبه بهم الآخرين. وقالت المحكمة إنه متزوج وله أربعة أطفال، لكن لم يتضح ما إذا كان يعمل.
والمتهم الثاني هو سعيدكرامي مورودالي راشاباليزودا (30 عاما) وهو عاطل عن العمل. وقد أبلغ المحكمة أن لديه وثائق تسجيل روسية، لكنه لا يتذكر مكانها.
أما المتهم شمس الدين فريدوني (25 عاما)، فكان يعمل بشكل رسمي في مصنع بمدينة بودولسك الروسية، ويبدو أنه كان يتمتع بحياة مستقرة في كراسنوجورسك، في ضاحية موسكو التي وقعت بها عمليات القتل، وقال أثناء استجوابه إنه عُرض عليه مبلغ 500 ألف روبل (حوالي 5425 دولارا) لتنفيذ الهجوم، أي ما يعادل حوالي عامين ونصف من متوسط الأجر في طاجيكستان.
أما محمد سوبير فايزوف (19 عاما)، الذي شوهد جالسا على كرسي متحرك أثناء مثوله أمام المحكمة، فقد كان عاطلا عن العمل، وكان يعمل قبل ذلك بمحل حلاقة في إيفانوفو، بشمال شرق موسكو.
مقاطع “تعذيب” للمتهمين في مجزرة موسكو.. والكرملين يرفض التعليق
رفض الكرملين التعليق على مقاطع مصورة انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي لتعرض المشتبه بهم الأربعة في اعتداء موسكو الدامي للتعذيب، ومن بينها مقطع يظهر قطع أذن متهم
والهجمات في روسيا قبل سنوات كان يرتكبها الانفصاليون الشيشانيون، مثل الهجوم على مدرسة بسلان، عام 2004 الذي أسفر عن مقتل أكثر من 300 شخص، وتفجيرات الشقق السكنية عام 1999.
لكن تنظيم داعش أعلن مسؤوليته عن الهجمات بعد عام 2015، أو نسبت إليه، وكانت مدفوعة بمعارضة التدخل الروسي في سوريا.
وبعدما أعلن “داعش” قيام الخلافة في مناطق بسوريا والعراق، في يونيو 2014، وفد آلاف الرجال والنساء من جميع أنحاء العالم للانضمام إلى التنظيم، من بينهم المئات من طاجيكستان.
ومن أبرز الشخصيات التي انضمت إلى التنظيم، جولمورود حليموف، الذي كان ضابطا في القوات الخاصة الطاجيكية قبل أن ينشق ويلتحق بـ”داعش” في سوريا، عام 2015.
وفي عام 2017، أعلن الجيش الروسي مقتله في غارة جوية روسية في سوريا.
وأعلن “داعش” مسؤوليته عن تفجير طائرة روسية عام 2015 كانت تقل سياحا من منتجع شرم الشيخ المصري. وبعد ذلك بعامين، أعلن أنه وراء التفجير الانتحاري الذي استهدف قطار أنفاق في سان بطرسبرغ، أدى إلى مقتل 15 شخصا.
وقبل أسبوعين من مذبحة مسرح موسكو، قال مسؤولون روس إنهم قضوا على أعضاء خلية تابعة للتنظيم، كانت تخطط لمهاجمة كنيس يهودي.