الاتحاد الأوروبي يعلن نيته “المضي قدما” في استخدام الأصول الروسية المجمدة لصالح أوكرانيا

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 8 دقيقة للقراءة

في أغسطس الماضي، ظهر شاب مصري أطلق على نفسه اسم محمد العلوي في مقطع فيديو على يوتيوب وصف نفسه بأنه صحفي تحقيقات وأنه يمتلك “سبقا صحفيا كبير”. 

ادعى الشاب أن لديه تفاصيل بشأن عملية شراء فيلا في مدينة الجونة الساحلية الفاخرة على البحر الأحمر بالغردقة في مايو الماضي، قدرت قيمتها ب5 ملايين دولار، مشيراً إلى أنها تخص والدة زوجة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي وزعم أن عائلة الرئيس الأوكراني تستخدم المساعدات المالية الغربية لمصلحتها الشخصية.

بعد ثمانية أيام من ظهور الفيديو، وصفت شبكات تلفزيون حكومية روسية، مثل القناة الأولى وروسيا 24 (باللغتين العربية والألمانية)، الأمر بأنه سبق صحفي كبير كشف عنه صحفي استقصائي مصري مشهور.

بعدها بأشهر قليلة، وتحديدا في ديسمبر، انتشرت شائعات بشأن مقتل هذا الشاب، لتظهر القصة من جديد مع الإيحاء بأن “المخابرات الأوكرانية” وراء ذلك.

لكن سلطات مدينة الجونة المصرية الواقعة على البحر الأحمر عادت لتنفي صحة كل ما أثاره ذلك الشاب، وأشارت إلى أن العقود التي نشرها ليست صحيحة.

ثم تخرج وزارة الداخلية المصرية عن صمتها وتؤكد أن الفيلا التي تحدث عنها مملوكة لمصريين وأن الأجهزة الأمنية لم تتلق أي بلاغات بشأن تعرض الشخص الظاهر بمقطع الفيديو للإيذاء”، فضلا عن حديث صحفيين استقصائيين معروفين في مصر عن أنهم لم يسمعوا أبدا عن “محمد العلوي”. 

ورغم ذلك، انتشرت هذه القصة عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام بدول عدة لتصل في النهاية إلى روسيا، التي يبدو أن القصة انطلقت منها أصلا، وفقا لما نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” عن باحثين. 

ووفقا لمعهد الحوار الاستراتيجي، تمت مطالعة المنشورات المتعلقة بالقتل المفترض مليون مرة على منصة إكس في يوم واحد في 25 ديسمبر الماضي. 

لم تكن هذه القصة المزيفة الوحيدة التي امتلأت بها مواقع التواصل الاجتماعي في الأشهر الماضية، وتداولها ملايين المستخدمين في جميع أنحاء العالم، لدرجة أن بعض هذه التقارير تم ترديدها داخل أروقة الكونغرس الأميركي خلال مناقشة استمرار المساعدات العسكرية لأوكرانيا من عدمه. 

ومنذ غزت القوات الروسية أوكرانيا قبل عامين، أطلقت موسكو العنان لسيل من المعلومات المضللة في محاولة لتشويه سمعة الرئيس الأوكراني زيلنسكي، وتقويض الدعم الغربي لكييف. 

لكن قصة الشاب المصري التي تضمنت رواية طويلة مبنية على تفاصيل محبوكة بدقة من خلال شخصية خيالية، أثارت الاهتمام بشأن الوسائل التي تستخدمها روسيا في تحقيق غاياتها الإعلامية. 

وتظهر الحملة كيف تحول “مقاتلو المعلومات” في روسيا بمهارة إلى تكتيكات وأهداف جديدة مع استمرار الحرب في أوكرانيا، تماما مثلما عدلت القوات الروسية على الأرض في أوكرانيا  تكتيكاتها بعد خسائرها الكبيرة في ساحة المعركة، بحسب “نيويورك تايمز”. 

ويبدو أن الحملة الروسية لا تتوقف، إذ تستمر المجموعات المرتبطة بالكرملين في نشر روايات جديدة عندما تفشل الروايات القديمة في الصمود أو تصير قديمة، وذلك باستخدام مقاطع فيديو أو تسجيلات مزيفة أو معدلة وإيجاد منافذ جديدة لنشر المعلومات المضللة ومنها مواقع تبدو أميركية، لكنها في الحقيقة مزيفة. 

فقد ظهر مقطع فيديو على تيك توك الشهر الماضي يفترض أنه لطبيب أوكراني يعمل لدى “فايزر”، اتهم الشركة الأميركية بإجراء اختبارات غير قانونية على الأطفال. 

وعلى منصة إكس، ادعى رجل أنه منتج مشارك في شركة أميركية تنتج فيلما هوليوديا عن قصة حياة زيلنسكي.

ولم تكن قصة الشاب المصري الكذبة الوحيدة التي تستند على ادعاء استخدام الرئيس الأوكراني للمساعدات المالية الغربية بشكل غير شرعي، إذ انتشرت قصص أخرى عن شراء قصر في ولاية فلوريدا وموقع في ألمانيا.

وكلها كانت مخصصة للانتشار عند جمهور معين في نطاق جغرافي محدد، بل إن روسيا حاولت تشويه سمعة زيلنسكي باتهامه بأنه “مدمن مخدرات”، بحسب الصحيفة.

وحتى عندما يتم فضح مثل هذه الافتراءات، ثبت أنه من الصعب للغاية القضاء عليها تماما.

وأزال موقع يوتيوب الفيديو الأصلي لشخصية محمد العلوي، وربطه بحسابين آخرين سبق أن انتهكا سياسات الشركة. ومع ذلك، لا يزال الاتهام المزيف بشأن فيلا الجونة رائجا، خاصة على منصات مثل إكس وتليغرام، اللتان يقول الخبراء إنهما لا تفعلان الكثير لمنع الحسابات التي تولد أنشطة آلية بهدف تضخيم الكذبة ولخلق انطباع بأن المحتوى شائع.  

ففي نوفمبر ادعى شخص يعرف نفسه على منصة إكس باسم شاهزاد ناصر، يقول إنه يعمل صحفيا بموقع إماراتي باللغة الإنكليزية، أن مقربين من زيلنسكي اشتروا يختين مقابل 75 مليون دولار. وتشمل أدلته المفترضة، مثل شهادة محمد العلوي، صورا للسفن واتفاقيات الشراء المزعومة.

وفي ديسمبر وثقت بي بي سي عدم شراء اليخوت وأنها بقيت معروضة للبيع. 

ورغم جهود عدة بذلها مدققو الحقائق لكشف حقيقة ذلك الادعاء، فقد تم تداوله على نطاق واسع.

والشهر الماضي، عادت شخصية ناصر للظهور في فيديو آخر. وفي هذه المرة كان يعرض نسخة جديدة من القصة، إذ ادعى أن العملية ألغيت بعدما تم كشف “الصفقة السرية”.

وبحسب نيويورك تايمز فإن ما يربط هذه الروايات بروسيا ليس فقط المحتوى الذي يستخف بأوكرانيا، بل أيضا الشبكات التي تنشرها، وهي تشمل وسائل الإعلام وحسابات وسائل التواصل الاجتماعي، التي ربطها باحثون بحملات الكرملين السابقة.

وتعتبر ريتا كاتز مديرة مجموعة “سايت” الاستخباراتية،التي تتعقب النشاط المتطرف عبر الإنترنت وتحقق في الادعاءات الكاذبة والمضللة أن هذه الحسابات تتصيد شريحة حساسة من المواطنين (..).

وما يدل على دقة حديث كاتز أن عضو مجلس الشيوخ الجمهوري جيه دي فانس وهو ينتقد بصراحة إرسال مساعدات إلى أوكرانيا قد تبنى قصة ناصر المزيفة عن شراء مقربين من زيلنسكي يختا فاخرا خلال مقابلة له في برنامج.

وعرضه ذلك لانتقادات زميله الجمهوري توم يليس الذي تساءل عن شعور زوجات نحو 25 ألف جندي أوكراني لقوا حتفهم في الميدان لصد العدوان الروسي، عندما يسمعون هذه الادعاءات الكاذبة. 

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *