بعد النجاح الكبير الذي حققه النجمان هشام ماجد وشيكو بمسلسل “اللعبة” خلال 4 مواسم، قرر الممثلان المصريان خوض الموسم الرمضاني لهذا العام بأعمال درامية منفصلة، الأول بمسلسل “أشغال شقة” والثاني بمسلسل “خالد نور وولده نور خالد”.
ينتمي العملان لدراما الـ15 حلقة، وفي حين عُرض “أشغال شقة” بالنصف الأول من رمضان، من المفترض عرض مسلسل شيكو بالنصف الثاني، ومع أن المقارنة بين العملين متوقعة وحتمية، لكن بعد تربع “أشغال شقة” على عرش المسلسلات الأعلى مشاهدة في مصر والسعودية وبعض الدول الأوروبية عبر منصة “شاهد” منذ بداية رمضان، بجانب حيازته على اهتمام رواد منصات التواصل الاجتماعي، صارت المنافسة أصعب.
بداية قوية ومبشرة
تدور أحداث المسلسل حول حمدي الطبيب بالطب الشرعي (هشام ماجد) والإعلامية ياسمين (أسماء جلال) اللذين يرزقان بتوأم، وبسبب حاجتهم للمساعدة يضطران إلى البحث عن خادمة تقدم لهما المساعدة المنزلية، الأمر الذي يعرضهما لكثير من المواقف الطريفة.
رغم بساطة الفكرة، لكنها حملت بين طياتها نواة كوميديا متينة خاصة مع اللجوء لمديرات منزل مختلفات شكلا ومضمونا بمعدل واحدة كل حلقتين، مما سمح بضخ دماء متجددة من ضيوف الشرف بالمسلسل وتقديم قصص متنوعة.
وبالفعل نجحت الحلقتان الأولى والثانية التي شاركت فيهما النجمة انتصار في استقطاب المشاهدين، حتى إن مشاهدها وإيماءاتها سرعان ما تحولت إلى مادة للتندر والضحك على منصات التواصل، وهو ما يتناقض تماما مع دورها بمسلسل “أعلى نسبة مشاهدة” حيث تقوم بدور أم من منطقة شعبية تعاني الأمرين لضمان الكفاف لبناتها.
وتألقت كذلك النجمة إيمان السيد في أداء الخادمة ذات الأصول الشرقاوية -نسبة إلى محافظة الشرقية- والبارعة بالطبخ لدرجة تتسبب في اكتساب البطلة الكثير من الوزن الزائد بما يهدد مسيرتها المهنية، أما أنعام سالوسة فأجادت دور الخادمة ضعيفة السمع التي تقلب حياة الزوجين رأسا على عقب.
الرهان على كوميديا الموقف
بخلاف ضيوف الشرف، منح العمل مساحة جيدة لعدد من نجوم الصف الثاني للكشف عن طاقاتهم الكوميدية، على رأسهم مصطفى غريب الذي شارك في عدة أعمال فنية أشهرها آخر 3 مواسم من مسلسل “الكبير”، وإن كان يمكن اعتبار “أشغال شقة” نقطة انطلاقته الحقيقية التي لن تلبث أن تفتح له أبوابا أكبر بعد نجاحه بمجاراة هشام ماجد بالكوميديا، بل التفوق عليه، حتى إن كثيرين شبهوه بالراحل طلعت زكريا في بداياته.
كما تألقت النجمة شيرين بدور الحماة المتسلطة التي تتعمد إزعاج زوجة ابنها، ومحمد محمود في دور الطبيب الذي يمارس كل يوم تخصصا طبيا مختلفا وهو ما كان يمكن استغلاله بمواقف كوميدية أكثر من ذلك، بالإضافة إلى محمد عبد العظيم في دور المدير بمصلحة الطب الشرعي حيث يعود للكوميديا التي عرّفته إلى الجمهور بمسلسل “بـ 100 وش”.
ومع أن بطولة العمل النسائية الأساسية جاءت من نصيب أسماء جلال ورغم الانسجام الذي ظهر بينها وبين هشام ماجد، فإنها بدت كما لو كانت تتحسس موقفها بعالم الكوميديا، وتعرف حجم قدراتها الحقيقية بهذا المجال، مما يجعلها تستحق وصفها بالذكية كونها لم تجازف أو تبالغ بالتمثيل في منطقة درامية جديدة عليها.
آل دياب وفن الاقتباس
جدير بالذكر أن مسلسل “أشغال شقة” مقتبسا من فيلم “صباح الخير يا زوجتي العزيزة” الذي صدر عام 1969، ولعب بطولته صلاح ذو الفقار ونيللي وتحية كاريوكا، ودار حول زوجين سعيدين ينجبان طفلا، ويستعينان بأم الزوجة لرعاية الطفل، لكن مع توالي المشكلات وتضاعف الخلافات بين الزوجين يقرران البحث عن مساعدة خارجية.
ومع أن المسلسل بمثابة اقتباس، لكنه لم يستنسخ العمل الأصلي بالصوت والصورة، وإنما الفكرة العامة فقط بخيوطها العريضة مع إضافة شخصيات جديدة تسمح بخلق كوميديا مضاعفة، وهو أمر يُحسب لصانعيه الذين لم ينجرفوا نحو تيار النسخ بالورقة والقلم مثلما يجري بالسنوات الأخيرة مع المسلسلات التركية.
اتهامات بالإساءة إلى المرأة
لكن ذلك لا يمنع حقيقة أن بعض القضايا التي طرحها العمل من باب الكوميديا جانبها الصواب واستفزت الجمهور. مثل السخرية من اكتساب البطلة وزنا إضافيا واضطرارها إلى اللجوء للعمليات الجراحية لإنقاص الوزن كي تصبح مقبولة وجميلة سواء بعيون زوجها أو بالعمل، إذ لم يعد مقبولا الاعتماد على انتقاد المظهر الجسدي للأفراد “البودي شيمينغ” (Body shaming) كمادة للإضحاك.
الأمر نفسه ينطبق على الحلقتين اللتين لعبت بطولتهما الممثلة اللبنانية ريم خوري، واعتمد دورها على كونها مجرد امرأة جميلة يتهافت عليها الرجال، ويتعلقون بها من النظرة الأولى، تماما مثلما جرى بفيلم “التجربة الدانماركية” والدور الذي قدمته اللبنانية نيكول سابا وهي فرضية ليست طريفة وتحمل كثيرا من المبالغة.
ومع ذلك لا يمكن إنكار اهتمام صانعي العمل بالتفاصيل الصغيرة سواء بالكتابة أو الديكورات والكادرات الإخراجية، وبالنظر لأن هذا العمل هو التجربة الدرامية الكوميدية الأولى لمؤلفي المسلسل خالد دياب وشيرين دياب بعد العديد من الأعمال الدرامية التي طغت الدرامية على غالبيتها، يمكن الحُكم على العمل باعتباره خطوة موفقة تفتح لهم مجالا جديدا بالكتابة.
خاصة أن بعض المواقف المضحكة التي شاهدناها كانت جيدة وطازجة، إذ أحسنا استغلال وظيفة الزوج لخلق مواقف طريفة، وإن اتسم بعضها بالمبالغة وهو أمر مقبول عادة بالأعمال الكوميدية الخفيفة.
مسلسل “أشغال شقة” دراما كوميدية أوشكت على الانتهاء، من إخراج خالد دياب وتأليفه بالمشاركة مع شيرين دياب، والبطولة جماعية شارك بها كل من هشام ماجد، وأسماء جلال، وشيرين، وسلوى محمد علي، ومصطفى غريب، ومحمد عبد العظيم، والكثير من ضيوف الشرف.
أما النجم شيكو سوف يطل على الجمهور خلال أيام عبر مسلسل “خالد نور وولده نور خالد” يشاركه البطولة كريم محمود عبد العزيز، وآية سماحة، وحمزة العيلي، ودنيا ماهر.
ويدور العمل في إطار كوميدي-فانتازي، حيث تتسبب فجوة زمنية تنتج عن خلل بإحدى التجارب العلمية في ظهور ابن بحياة والده، بينما يتشارك الاثنان المرحلة العمرية نفسها، وهي الفكرة غير التقليدية والجذابة للحد الذي جعل البعض يتنبؤون بأن يكون هذا العمل هو الحصان الرابح بفئة الكوميديا رمضان 2024.