أسواق دارفور خلال رمضان.. ارتفاع حاد للأسعار وصعوبة في تأمين المواد

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

الفاشر- تبدو الآثار الاقتصادية والاجتماعية لشهر رمضان هذا العام واضحة في أسواق إقليم دارفور غربي السودان. وسارع التجار إلى طرح المواد الاستهلاكية المخصصة لشهر الصوم في الأسواق، رغم ضعف القدرة الشرائية بسبب تداعيات الحرب الدائرة حاليا في البلاد، بين الجيش وقوات الدعم السريع منذ 15 أبريل/نيسان الماضي.

وتعدّ تكلفة مستلزمات شهر رمضان هذا العام هي الأعلى مقارنة بالسنوات الماضية، بسبب الارتفاع الحاد في أسعار المواد الغذائية الأساسية، وصعوبة تأمين المواد اللازمة لإعداد الأطعمة الرمضانية التقليدية التي اعتادوا تحضيرها خلال هذا الشهر المبارك.

وتعاني الأسواق المحلية في إقليم دارفور من تحديات عدة تؤثر سلبا في إمدادات السلع والأسعار، حيث يشهد الإقليم نقصا في الإمدادات القادمة من شرق البلاد (بورتسودان)، بسبب توسع دائرة الحرب وتداعياتها السلبية على حركة القوافل التجارية من وإلى دارفور.

وتوقفت الإمدادات بشكل جزئي، كما شهد الإقليم هذا العام قلة في إنتاج الذرة والحبوب، مما يزيد الضغوط على الأسواق المحلية، ويؤدي إلى ارتفاع الأسعار ويؤثر بشكل كبير في الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي.

وتوقفت حركة القوافل التجارية المحملة بالبضائع والقادمة من بورتسودان إلى دارفور مع اشتداد وتيرة الحرب في الإقليم، مما جعل من الصعب على القوافل التجارية الوصول إلى وجهتها المقصودة بسبب انعدام الأمن، حيث كانت القوة المشتركة المكونة من حركات الكفاح المسلح بدارفور تعمل على تأمين وصول هذه القوافل، عبر الطريق القومي الرابط بين شرق البلاد وغربه، مما زاد من تعقيد الأوضاع الاقتصادية في المنطقة.

تقلبات السوق

وجوّل مراسل الجزيرة نت في سوق مدينة الفاشر -إحدى أقدم مدن دارفور تاريخيا- قبل بداية شهر رمضان، بهدف التعرف إلى التغيرات التي طرأت على أسعار السلع الأساسية.

وقال تجار للجزيرة نت إن أسعار السكر والدقيق والزيت وبعض المشروبات الجافة ارتفعت بشكل ملحوظ، في وقت تشهد السوق ارتفاعا في أسعار اللحوم تدريجيا مع انقطاع إمدادات الدجاج بسبب انقطاع التيار الكهربائي.

كما شهدت أسعار الخضار والفواكه بعض التقلبات، لكنها لم ترتفع بالقدر نفسه الذي لحق السلع الأساسية المستوردة من دول مجاورة؛ مثل: ليبيا وتشاد.

تداعيات الحرب

وتضرر تجار الجملة والتجزئة بسبب الحرب التي تشهدها البلاد، وأدت هذه الحرب إلى الإضرار بالبنية التحتية وتوقف حركة نقل البضائع جزئيا من المصانع إلى التجار، وجعلت من الصعب على هؤلاء تلبية احتياجات الأسواق.

ويقول عادل أحمد سبيل تاجر جملة من أحد أسواق مدينة الفاشر “إن الحرب أثرت بشكل كبير في قدرة تجار الجملة على تلبية الطلبيات، وتوفير السلع للأسواق المحلية”.

وأضاف في حديث للجزيرة نت إن “ارتفاع تكاليف النقل والشحن والتأمين نتيجة التوترات الأمنية وتدهور البنية التحتية، جعل من الصعب على تجار الجملة الحفاظ على أسعار تنافسية، وزيادة مستويات الربح”.

ويشتكي التجار من تراجع الطلب وحجم المبيعات بسبب الانخفاض الكبير في القدرة الشرائية للمستهلكين، في ظل ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

ووضعت الظروف الاقتصادية الصعبة في دارفور السكان أمام تحديات كبيرة لتأمين احتياجاتهم الغذائية خلال شهر رمضان، حيث يزداد استهلاك بعض المواد الغذائية المرتبطة بالأطباق التقليدية المشهورة في المنطقة خلال الشهر المبارك؛ ومن أبرزها: مشروب الحلو المر (الإبري)، الذي يعدّ رمزا للجودة والتقاليد الغذائية في المنطقة بشكل عام.

جهود رسمية

وعلى الرغم من هذه الأوضاع الصعبة، تعمل السلطات والجهات الممثلة للمنظمات المحلية لإيجاد حلول لتخفيف العبء المالي على الأسر، وتوفير المواد الغذائية الأساسية للسكان المحتاجين في دارفور، خاصة في مخيمات النزوح ومراكز الإيواء.

وتقول أروى محمد إدريس، منسقة العون الإنساني في ولاية جنوب دارفور، إن السلطات تكثف جهودها لتلبية احتياجات السكان في ظل التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي يواجهونها.

وتضيف في حديثها للجزيرة نت أن الولاية لم تتلقَ أي مساعدات إنسانية من المنظمات والهيئات الدولية في الفترة الأخيرة، لكنها رغم ذلك أطلقت حملة توعوية وبرامج مساعدة تستهدف تحسين معيشة النازحين في مراكز الإيواء خلال شهر رمضان. وتهدف هذه الحملة إلى توفير الغذاء والمأوى والخدمات الأخرى الضرورية للمحتاجين.

من جهته يقول مالك شمو صبر، منسق النازحين بولاية جنوب دارفور، إن السلطات شكلت فرق عمل ميدانية لمتابعة احتياجات المواطنين والنازحين في المناطق الأكثر تضررا خلال شهر رمضان .

وأكد في حديث للجزيرة نت أن عدد النازحين في مدينة نيالا والموجودين في مراكز الإيواء بمدينة الفاشر، بلغ أكثر من 11 ألف شخص.

وأضاف أن هذه الفرق تعمل على تقييم الاحتياجات الفعلية لهم بهدف تقديم المساعدات الإنسانية، مشيرا إلى المعاناة التي يواجهونها، خاصة حول ما يتعلق بنقص الغذاء والمياه والرعاية الصحية.

وتبذل حكومة إقليم دارفور وحكومات الولايات والمنظمات الدولية والمحلية والمجتمع المدني هذه الأيام جهودا، من خلال الشراكات والتنسيق المستمر مع الجهات المعنية، لتسهيل وصول المساعدات والمواد الغذائية والأدوية على الأشخاص المتأثرين بالحرب في دارفور بأسرع وقت ممكن.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *