القاهرة– “تفضل شوف.. عندي بلح أم كلثوم وأبو تريكة” بهذا النداء كان تاجر البلح والعطارة ياسر الأباصيري يجلب زبائنه إلى بعض منتجاته من البلح في شوادر موسم شهر رمضان المبارك خلال السنين الأخيرة بمصر.
ولكن تغيرت الحال هذا العام، الذي غابت فيه الأسماء التسويقية عن البلح خلافا للسنوات الماضية، التي كان يلجأ فيها التجار المصريون مع قرب حلول شهر الصيام إلى عادة لطيفة بتسمية البلح بأسماء مشاهير السياسة والفن والرياضة التي كانت مثار حديث الناس والنكات.
هذا العام شارك الأباصيري (القادم من محافظة أسوان جنوبي مصر) في مهرجان القاهرة الدولي الرابع للتمور، الذي أقيم في الفترة من 28 فبراير/شباط حتى الخامس من مارس/آذار الجاري وسط العاصمة القاهرة، بالتزامن مع انطلاق أهم سوق للبلح في مصر، وبالتحديد في منطقة الساحل في شمالي القاهرة. وفي الحدثين، رصدت الجزيرة نت غياب الأسماء التجارية والتسويقية عن البلح هذا العام.
يتراوح سعر كيلو البلح في مصر هذا العام من 30 جنيها إلى 400 جنيه حسب نوعه، وأغلاه المجدول، والدولار الأميركي يساوي 30.90 جنيها رسميا حتى وقت كتابة التقرير.
وتحتل مصر المرتبة الأولى عالميا في إنتاج التمور بنحو 18%، وعربيا بنحو 24% من الإنتاج العربي، بعدد نخيل مثمر يتجاوز 16 مليون نخلة، كما تسعى القاهرة إلى إنشاء أكبر مزرعة نخيل في العالم بإجمالي 2.3 مليون نخلة بمنطقة توشكي والعوينات، وفق بيانات رسمية.
بلح المشاهير
وفي عام 2008، لجأ التجار المصريون لتسمية أغلى أنواع البلح باسم النجم الكروي محمد أبو تريكة، في حين حجز “بلح البرادعي” مكانة البلح الأغلى عام 2010، مع زيادة حضور المرشح المحتمل للرئاسة وقتها في المشهد السياسي.
في حين شهد عام 2014، إطلاق اسم بلح السيسي على أغلى أنواع البلح نسبة للرئيس المصري مع بداية توليه الرئاسة.
وتصدّر البلح الذي حمل اسم النجم المصري محمد صلاح لاعب ليفربول الإنجليزي سوق البلح عام 2018، لكن مع صعود جائحة كورونا، استخدم التجار اسم “بلح كورونا” عام 2020، لجذب الزبائن للشراء والسخرية من الأزمة، لكن غابت حاليا هذه التسميات بشكل لافت.
وكانت تثير هذه التسميات التسويقية طرائف ونقاشات ظريفة في الشارع ومجالس الناس وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، بحكم حب الشعب المصري للنكات.
الشبح ونانسي عجرم وأبو تريكة مكان البرتمودا والقنديلة
يواصل الأباصيري حديثه متذكرا الأسماء القديمة، ويقول للجزيرة نت: “البلح عندنا في أسوان له أسماء أساسية، لكن ظهرت لفترة أسماء شهرة له، مثل بلح البرتمودا الذي يسمونه الشبح، وبلح القنديلة الذي يطلقون عليه اسم المغنية اللبنانية نانسي عجرم، وبلح السكوتي الذي يسمونه باسم اللاعب (المعتزل) محمد أبو تريكة”.
ويضيف البائع الخمسيني أنه هذا العام لم يلحظ -حتى الآن- انتشار أسماء الشهرة، وهو ما أسعده لأنه يفضل تسمية البلح باسمه الحقيقي، مشيرا إلى أنه كان يشعر بالحرج الشديد عندما يضع اسم كوكب الشرق المطربة المصرية أم كلثوم (1904–1975) على منتجاته كي يبيعها باسم الفنانة الشهيرة لا اسم المنتج، لكن الوضع تغير بعد حفظ المصريين أسماء البلح الحقيقية القادمة من أسوان، مثل الشامية والبرتمودا والسكوتى والبياضة والقنديلة، مما جعلهم يطلبونها بالاسم، وفقا للأباصيري.
“موضة وانتهت”.. البرحي والسيوي والأسواني أنواع معروفة
“هزار وغاب”، هكذا وصف الشاب محمد إيهاب، الذي يعمل في مجال البلح القادم من محافظة الوادي الجديد جنوبي غربي مصر للجزيرة نت، تلك المحاولات التسويقية للبلح، مؤكدا أن هذا العام يطلب المشتري أسماء البلح الحقيقية سواء البلح السيوي أو البرحي أو المجدول.
ويشير إيهاب، الذي شارك كذلك في مهرجان التمور هذا العام، إلى أن الاسم كان يأتي وفق الرائج في الأحداث والأشخاص قبل بدء موسم رمضان، بغرض التسلية وفتح حديث مع الزبائن، الذين كانوا يقبلون على الأسماء للمزاح، ولكن بعد ذلك يسألون عن الاسم الحقيقي وعن نوع البلح المعروض.
ولم يختلف حديث الباعة في سوق البلح بالساحل عن سابقيهم، فقد وصف البائع الشاب عماد إبراهيم إطلاق أسماء المشاهير على البلح بأنه “موضة وانتهت”، مؤكدا أن سوق الساحل يشتهر بالبلح الأسواني الجاف بكل أنواعه ويشهد إقبالا كبيرا من المواطنين من مختلف أنحاء القاهرة الكبرى، نظرا لأسعاره المناسبة وسمعته الجيدة بين المشترين.
المجدول ودجلة نور والصقعي تطيح بـ”ليلى علوي” و”رمش العين”
من جانبه، أوضح المستشار الإعلامي لمهرجان القاهرة الدولي للتمور طارق الجوهري -في حديثه للجزيرة نت- أن أسماء الشهرة التي كانت تطلق على البلح مثل “ليلى علوي” نسبة إلى الفنانة المصرية، أو بلح “رمش العين”، كانت لأسباب تسويقية بحتة، يطلقها التجار باجتهاد منهم لرفع نسب البيع وفرص التسويق.
ويرى الجوهري أن الوعي لدى رجل الشارع العادي ارتفع مع انتشار وسائل التواصل والتكنولوجيا، وعرف أسماء البلح الحقيقية، مما جعل الأسماء التجارية لا تجذب المواطنين، في ظل حرصهم على شراء نوع معين باسمه الحقيقي لفوائد هذا النوع، مثل المجدول أو السكوتي أو الملكابي أو السكري أو السلطاني أو السكوتي أو البرتمودا.
ويضيف الجوهري أن هناك 4 أنواع في البلح في مصر، وهي:
- الجاف.
- الرطب.
- نصف الجاف، مثل المجدول.
- البلح الطازج مثل بلح “الأمهات” أو بلح “ابن عيشة”.
في حين لا يوجد ذلك في باقي دول العالم، حيث تقتصر أنواع البلح فيها على نوع واحد أو نوعين، نظرا للظروف المناخية.
ولفت المستشار الإعلامي لمهرجان القاهرة الدولي للتمور الانتباه إلى أن هناك أسماء أخرى للبلح تغزو مصر من الخارج مثل بلح دجلة نور الذي تنتجه الجزائر وليبيا وتونس، والصقعي الذي تنتجه السعودية، موضحا أن القاهرة بدأت زراعة هذه الأصناف لدخول الأسواق العالمية.