حروب بريطانيا المنسية.. انتفاضة “ماو ماو”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 15 دقيقة للقراءة

ترك الاستعمار الأوروبي ندوبا لا يمحوها الزمن في البلدان التي احتلها، فبعد أن استغل مقدّراتها ونهب ثرواتها، ترك في نفوس أهلها مرارة العبودية وآثار الحديد، ولم تسلم الجماعات التي قاومته وثارت في وجهه من وصمها بالتطرف والإرهاب، ومحاولة إلصاق جميع الجرائم بها، أما الأخلاقيات النبيلة وحب الخير والصحة والتعليم فهي مِنح وعطايا تفضَّل بها الرجل الأبيض على أهل البلاد.

عرضت الجزيرة الوثائقية على شاشتها فيلم “انتفاضة ماو ماو”، ضمن سلسلة “حروب بريطانيا المنسية”، وهو يسلط الضوء على حقبة من أسوأ الفترات التي عاشتها كينيا تحت الاستعمار البريطاني، حين أماطت المقاومة الكينية اللثام عن أقبح وجه استعماري شهدته القارة السمراء خلال القرن الماضي.

ماو ماو.. جور التاريخ على الجماعة التي حاربت المحتل

في خمسينيات القرن العشرين، ساد تصور في أنحاء بريطانيا أن مصطلح “ماو ماو” يشير إلى جماعة من البلطجية أرهبوا كينيا وقتلوا الناس بلا ندم، فرُسمت صورةٌ في أذهان العامة أن البريطانيين كانوا محبين للخير، واعتادوا بطريقة مدروسة على أعمال ماو ماو، لكن هذه الصورة باتت مكذوبة.

صورة لجماعة “ماوماو” الكينية التي حررت البلاد من دنس المستعمر البريطاني وأجبرته على الخروج منها

ولا يزال النقاش محتدما حول ما إذا كانت ماو ماو جماعة تحررية، لكن المؤكد أنها نشأت ردّ فعل على التغييرات التي أحدثها المستعمر البريطاني في كينيا لتحقيق المكاسب، وكانت انتفاضة ماو ماو في حقيقتها محاولةً من الكينيين لتحرير بلادهم من المستعمر البريطاني، فقد أقسم طلاب الحرية على طرد البيض من وطنهم، لأنهم سئموا الاحتلال، وأرادوا أن يكونوا سادة أنفسهم.

بريطانيا تحتل كينيا نهاية القرن الـ19، لكثرة المزارع والأراضي الخصبة فيها

ومع أن استعمار كينيا واستقلالها شكّلا نقطة حاسمة في تاريخ أفريقيا، فإن انتفاضة ماو ماو أُسقِطت من التاريخ، وحاولت الحكومات المتعاقبة تغييبها عن الأجيال عدة عقود، بسرقة وثائقها تارة، أو بإحراقها وإتلافها تارة أخرى، “ووضع البريطانيون هذه الحرب في خانة النسيان، وخلال عقود لم يتحدث أحدٌ عمّا حصل في كينيا قبل استقلالها”، كما قال البروفيسور “ديفيد أندرسون” من جامعة “وارويك”.

“أخبرني البيض أنها كانت همجية قبل أن يعمِّروها”

كانت بريطانيا قد احتلت كينيا نهاية القرن الـ19، مع وصول شركة شرق أفريقيا البريطانية، فقد وجدت ريفا ممتدا وخصبا لمزارع القهوة والشاي، ومع أنها لم تتبع سياسة الفصل العنصري فيها، “فإننا واجهنا تمييزا شديدا ضد الأفارقة، وكان ينظر إليهم نظرة دونيّة وأنهم أقل شأنا، وقد ترك هذا في النفس شعورا بالإذلال”، على حد تعبير البروفيسور “وونياباري مالوبا” من جامعة “ديلاوير”.

البروفيسور “جون لونسديل” من جامعة كيمبردج

وتقول “آنا أديما” من جامعة “يورك”: الاستعمار مرادف للسرقة والاغتصاب والتعذيب والموت، يأتي الغرباء إلى مجتمعات لديها ثقافتها وعاداتها وطرق عيشها، ثم يخبرونهم أنهم مخطئون، وعليهم تغيير عاداتهم بل حتى لغتهم إلى الإنجليزية، لقد انهارت مجتمعات جراء ذلك، ونادرا ما تتعافى.

الحرية لا تُوهب، ولكنها تُنتزع انتزاعا من بين أشداق الغزاة

وقد أنشأ الاستعمار نظاما قمعيا ضد العمّال، في حين يعيش الملّاك حياة الترف. يقول البروفيسور “جون لونسديل” من جامعة “كيمبردج”: “كنت أزور ووالدي رجل الدين في كينيا خلال العطلات، فقد كانت كينيا البيضاء مكانا جميلا للعيش، وأخبرني البيض أنها كانت همجية قبل أن يعمِّروها، وأنهم أنقذوا الكينيين من العبودية والمرض، والواقع أنهم قد قسّموا المجتمع، بحيث يكون البيض في الأعلى، والهنود في الوسط، والأفارقة السود في الأسفل، فازداد ثراء ملاك الأراضي، بينما أصبح العمال أكثر فقرا، وتشكّلت هوَّة سحيقة في جميع أنحاء البلاد.

“لا يمكن طرد البيض”.. بداية الطريق إلى الكفاح المسلح

في أربعينيات القرن الماضي، تشكّل الاتحاد الأفريقي الكيني، وهو مجموعة من الشباب من قبيلة “الكيكويو”، أرادت أن تكرس نفسها في المشهد الكيني، وتصبح الناطق الرسمي باسم السياسة والمصالح الأفريقية بزعامة “جومو كينياتا”، الذي عاش في بريطانيا 15 عاما مدافعا عن حقوق بلده ضد الاستعمار البريطاني، قبل أن يعود إلى كينيا في 1945.

“جومو كينياتا”، مناضل سلمي حصد بلا جهد ثمرة التحرير المسلح الذي قادته جماعة “ماو ماو”

وبينما كان “كينياتا” يناضل بالطرق السلمية للاستقلال، كانت هنالك مجموعة مسلحة مستعدة للتصعيد من أجل انتزاع حريتها، إنها جماعة ماو ماو التي ظهرت في سنوات القمع العنصري، حين كانت الأغلبية الكينية تجرّد من إنسانيتها وتحارَب على أرضها.

يقول “ماتشاريا موانغي” وهو أحد مقاتلي ماو ماو: قاتلنا لاسترجاع ما سرقه البيض، ولطردهم من الأرض التي استولوا عليها بالقوة، وتمحورت خططنا حول مطاردة الرجل الأبيض، ليس مطلوبا ممن يريد الانضمام للمجموعة الكثير، عليه فقط أن يُقسم على قلب الماعز، فهو رمز للتضحية. ونحن نتحدث باسم جميع الكينيين من أجل توحيدهم وانتزاع الحكم الذاتي من المستعمر البريطاني. فقد قال لنا البعض إنه لا يمكن طرد البيض، لأننا لا نستطيع صنع إبرة من دونهم، لكن قلنا لهم سنقاتل بقوة الله، وسننتصر بالتأكيد.

البريطان البيض يقتلون ويعتقلون أفرادا من جماعة ماو ماو المسلحة في محاولة للقضاء عليها

وقد قمع البريطانيون بعنف كل دعوات الإصلاح الكينية منذ عشرينيات القرن الماضي، وعجز القادة الكينيون عن توحيد الحركات الوطنية. وبحلول نهاية الأربعينيات كانت هنالك حركة متطرفة تكبر شيئا فشيئا، ومع بداية الخمسينيات كانت الأعداد تتزايد بالمئات لاستعادة الحقوق.

يقول “كاهياتو ميكوينا”، وهو أحد مقاتلي ماو ماو: لم يكن هنالك سبب يدعو للانضمام إلى ماو ماو سوى القتال من أجل الاستقلال وطرد البيض، كان هدفنا الوحيد أن نضع حدا للظلم، لم يكن هنالك ميثاق مكتوب، لكن لدينا إجماعٌ على تحقيق الاستقلال ونيل الحرية، وإذا كان بإمكاننا انتزاع حريتنا فسوف نعيش حياتنا كما نريدها نحن، لا كالمشردين في ظل حكم الرجل الأبيض.

حالة الطوارئ.. حكومة الاستعمار تواجه طلّاب الاستقلال

اختبأ ماو ماو في غابات حول العاصمة نيروبي، وأعلن البريطانيون أنهم إرهابيون. وفي الخمسينيات تطورت الأوضاع حين أقدموا على اغتيال الأفارقة الذي يشكّون في أنهم يفشون أسرار المجموعة للبريطانيين، وخلال عامين فقط كُشف عن أكثر من 100 عملية اغتيال لأفراد من “الكيكويو” الموالين للبريطانيين، أو الذين يعملون في وظائف حكومية.

وقد حاول الحاكم البريطاني “فيليب ميتشل” أن يقلل من شأن ماو ماو، وأخفى أخبارهم عن الحكومة في لندن، ظنا منه أنه يستطيع السيطرة على الأمر، وطمعا في الحصول على لقب “نبيل” أو “لورد” في مجلس الشيوخ، ولكن عمليات القتل تزايدت بسبب سوء تصرفات مرؤوسيه تجاه “الكيكويو”، ومنْعهم من محاورة الحكومة البيضاء، ولذلك فقد كان مسؤولا بشكل أو بآخر عن أعمال العنف التي تفجرت.

أفراد جماعة ماو ماو يخرجون إلى أحراش نيروبي ويتخذونها معاقل لقتال البريطانيين الغزاة

جاء “إيفلين بيرنغ” حاكما لكينيا بدلا من “ميتشل” في سبتمبر/ أيلول 1952، فورث وضعا خطيرا ومتفجرا، فبعد وصوله بأيام اغتيل “واروهيو” -وهو زعيم كيني مُوالٍ للبريطانيين- في وضح النهار، بسبب إدانته لجماعة ماو ماو، فشعر البريطانيون أن كينيا بدأت تخرج عن السيطرة، وأصبح هدف “إيفلين” إعادة الوضع كما كان، وتركيع السود وإعادتهم لموالاة الرجل الأبيض الذي جاء يحكم هنا إلى الأبد.

فُرضت حالة الطوارئ في أكتوبر/ تشرين الأول 1952، وبدأ البريطانيون بتنفيذ عملية “جون سكوت” لاعتقال قادة ماو ماو، فاعتُقل منهم 200 شخص من بينهم “كينياتا” زعيم الاتحاد الأفريقي الكيني، وتعرضت عائلاتهم للعقاب في ذات الوقت، ففُصل كثير من الأطفال عن عائلاتهم، ولم يعودوا إليها بتاتا.

اغتيال “واروهيو”، الزعيم الكيني الكبير الموالي للبريطانيين

ثم استُدعي الجيش البريطاني لمهاجمة مجموعات ماو ماو المتحصنة في الغابات، وأُطلق الرصاص الحي واعتُقل كثير منهم. يقول أحد مقاتلي ماو ماو: ليست الحرب جيدة، بل السلام أفضل، ولكن عندما ترى خيرات بلادك تنهب أمام عينيك فلا معنى للسلام إذن، لقد كانت الحياة في الغابات صعبة للغاية، تمرّ الأسابيع دون الحصول على لقمة طعام، وقتل كثيرون، ولكن من بقي منهم كان يؤمن أن الاستقلال قادم لا محالة.

وللحرية الحمراء باب.. بكل يد مضرجة يدق

معارك الحرس.. أفارقة يقتل بعضهم بعضا تحت عين المحتل

بعد فرض الطوارئ تضاعف عدد المنضمّين إلى جماعة ماو ماو والمتعاطفين معهم، وخلال 3 أشهر وصلت التقديرات إلى أن عددهم في الغابات بلغ 20 ألفا، بل توسع نشاطهم ليشمل مناطق الريف حول نيروبي، وهكذا ارتدت القبضة الحديدية للبريطانيين في وجوههم.

وكان رجال ماو ماو على درجة من الذكاء، فلم يهاجموا البريطانيين مباشرة، بل تركزت هجماتهم على الحرس الوطني، وهم أفارقة درّبتهم بريطانيا وسلّحتهم لحماية المستعمرات، ثم انتقلت الهجمات في بداية 1953 لتصيب البيض في مزارعهم وبيوتهم، عندها أدركت بريطانيا أنها في مأزق.

الحرس الوطني والجيش البريطاني ينفذ مجزرة ذهب ضحيتها حوالي 100 شخص من جماعة ماو ماو وعائلاتهم

وفي مارس/ آذار 1953، هاجم ماو ماو قرية لاري، وارتكبوا مجزرة بحق الأفارقة الموالين لبريطانيا، وذهب ضحيتها 100 إنسان، بينهم نساء وأطفال، وفي اليوم التالي رد الحرس الوطني بعملية انتقامية ذهب ضحيتها حوالي 100 شخص من ماو ماو وعائلاتهم، وقد حرص البريطانيون على نشر أخبار المذبحة، وأن الأفارقة يذبح بعضهم بعضا، مع إدانة واضحة لجماعة ماو ماو الذين بدؤوا الهجوم.

“لن يتحقق الاستقلال إلا بالمقاومة”.. إرادة تتحدى المأساة

في أبريل/ نيسان 1954، نفّذ الجنرال “إيرسكن” عملية “آنفيل”، وهي محاولة لقطع الطريق على جماعة ماو ماو، فأغلق نيروبي واحتجز سكانها، وبذلك استطاع قطع الإمدادات البشرية واللوجستية عن ماو ماو في الغابات المحيطة. وساق عددا من المقاتلين إلى معسكرات الاعتقال، حيث القتل والاغتصاب والتعذيب الذي أصبح أكبر وصمة عار لطّخت جبين البريطانيين في تلك الفترة.

معتقلون من جماعة ماو ماو يرتدون لوحات تعريفية كبيرة في معسكرات احتجاز أقامها لهم البريطانيون

تقول “مارغريت وانغيسي”: ولدتُ في أحد معسكرات الاعتقال، ولم أذهب إلى المدرسة، وعشت وأمي في قرية محاصرة بخندق عميق، وبقي أبي في معسكر الاعتقال، وتعرضنا للضرب والتعذيب، وكنا نأكل كالعبيد، وأجبرونا على ارتداء لوحات أرقام ضخمة للتعريف، وفُرض علينا حظر التجوال، وهاجم أفارقة موالون للبريطانيين القرية، فأحرقوها وسوّوها بالأرض، واحترقت عائلات كاملة في منازلها، ومات أخي، ولكن لن يتحقق الاستقلال إلا بالمقاومة المسلحة.

عملية “آنفيل”، محاولة لقطع الطريق على ماو ماو، بإغلاق نيروبي واحتجاز سكانها

وقد اعتُقل “نديريتو وامبوغو”، وهو أحد مقاتلي ماو ماو في 1955، وحُكم عليه بالسجن 13 عاما، وتعرض لأبشع أنواع التعذيب على يد الجنود البريطانيين والموالين لهم من الأفارقة، لكن هذا لم يكن مهما في نظره، ما دام هؤلاء البيض سيرحلون عاجلا أو آجلا.

مذبحة المعسكر.. جريمة تضع لندن في مأزق شديد

لم تنكسر معنويات ماو ماو مع كل التنكيل الذي حاق بهم، ولكن الشهور التالية كانت أشد وحشية، فقد تمكّن البريطانيون من معظمهم ونكّلوا بهم، وبحلول 1956 بدأت قوات ماو ماو تنهار، بعد أن نجح الإغلاق العسكري لنيروبي وقطع الإمدادات عن الغابات، فاستسلم كثير منهم، وقُتل القادة، وأصبح عدد من المستسلمين جنودا في الحرس الوطني، فهاجموا رفاقهم السابقين وقتلوهم.

وفي معسكر الاعتقال “هولا”، حصل احتجاج في عام 1959، أدى إلى حدوث مذبحة، فتدخلت قوات مكافحة الشغب لفض الاحتجاجات، وضربت المحتجين بالهراوات ضربا عنيفا، فسقط 11 قتيلا من السجناء، وأصيب مئات منهم بجروح خطيرة. وقد حاولت سلطات الاحتلال البريطاني التكتم على المذبحة وسَوْق التبريرات لمقتل السجناء، ولكن الأمر افتضح، وباتت الحكومة المركزية في لندن في مأزق شديد.

معسكر الاعتقال “هولا” أقدمت سلطات الاحتلال البريطاني على مذبحة راح ضحيتها 11 سجينا كينياً

شكّلت هذه المذبحة نقطة تحول في سياسة بريطانيا الاستعمارية، فقد أصدر رئيس الحكومة “هارولد ماكميلان” تعليمات لوزير المستعمرات “إيان ماكلود” بالتحضير لإنهاء الاستعمار في شرق أفريقيا، وفي ديسمبر/ كانون الأول 1959، زار “ماكلويد” نيروبي، وأخبر الحكومة هناك أن اللعبة قد انتهت، وحان الوقت لإنهاء الاستعمار.

وفي 1960 انتهت حالة الطوارئ، وخرج “جومو كينياتا” من السجن، وشكّل حزبَ الاتحاد الوطني الأفريقي الكيني، وخرج ماو ماو من اللعبة صفر اليدين، لقد كانوا العامل الرئيسي في الاستقلال، ولكن لم يكن لهم رأي أو إسهام في مستقبل كينيا الجديدة، فقد حصد الثمار لاعبون جدد لم يعانوا مثلما عانى ماو ماو. ولكن على كل الأحوال فهم يؤمنون أنه لولا مقاومتهم وثورتهم، لما نالت كينيا استقلالها.

الثورات يشعلها الفدائيون، ويموت في سبيلها الأبطال، ويجني ثمارها  السياسيون الموالون للأعداء

استقلال كينيا.. نهاية تكشف سوءات الاحتلال البريطاني

في 12 ديسمبر/ كانون الأول 1963 صعد “جومو كينياتا” على المنصة في ملعب نيروبي، أمام جموع من الكينيين وشخصيات مرموقة من الأفارقة والإنجليز، ووقّع على مرسوم استقلال كينيا عن التاج البريطاني، وهكذا سقط شعار “تحيا الملكة”، وأزيلت صورها من الأماكن العامة، ووضعت بدلا منها صورة الزعيم “كينياتا”.

خرجت بريطانيا بصورة مشوهة من كينيا، وأحرقت كل الوثائق التي تشير إلى معسكرات الاعتقال سيئة السمعة، ولم ينجُ منها إلا سجلات قليلة نُقلت إلى لندن، وفي 2011 كُشفت هذه السجلات والوثائق أمام الرأي العام، وأظهرت أن شخصيات رفيعة في الحكومة المركزية كانت على علم بتفاصيل مراكز الاعتقال والسجناء فيها، وأساليب التعذيب وعدد الضحايا الذين سقطوا.

توقيع استقلال كينيا في 12 ديسمبر/كانون الأول 1963

حاولت بريطانيا بكل قوتها التغطية على انتفاضة ماو ماو، لكن الشارع الكيني اليوم بكل أطيافه بات على علم بكل تفاصيل تلك الثورة وقمع البريطانيين لها. وفي المقابل لم تصدر الحكومة البريطانية أي اعتذار بشأن ما حدث، وهو ما فسره مراقبون بأنه افتقار لأدنى معايير الشجاعة والشرف، التي كانت تتشدق جميع قوى الاستعمار بامتلاكها.

اعتلاء “كينياتا” منصة ستاد نيروبي رافعا أمام جموع الكينيين مرسوم استقلال كينيا

استمرت انتفاضة ماو ماو 8 سنوات، وذهب ضحيتها أكثر من 15 ألف شخص، لكنها ساهمت بقوة في إنهاء آخر استعمار للإمبراطورية البريطانية في أفريقيا، وفضحت بشكل أو بآخر مزاعم بريطانيا بالأخلاقية والنّبل في التعامل مع مواطني المستعمرات من الأفارقة، وأنهم جلبوا لهم الرفاهية والتعليم والصحة، والحقيقة أنها أظهرت الوجه القبيح للاستعمار باستغلال وسرقة ثروات المستعمرات.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *