قدمت دراسة جديدة أملا للأفراد الذين يعانون من السمنة والسكري، إذ أظهرت أن جراحات علاج البدانة قادرة على المساعدة في تحسين هاتين الحالتين المرضيتين.
وأوضح الدكتور علي أمينيان مدير معهد السمنة والتمثيل الغذائي لدى كليفلاند كلينك في الولايات المتحدة -والذي شارك في هذه الدراسة- أن السمنة والسكري متلازمان، إذ إن الشحوم الزائدة قد تؤدي إلى الإصابة بالسكري من النوع الثاني وتفاقمه.
وأضاف أمينيان “من المرجح عند تطبيق أسلوب علاجي فعال للسمنة أن تشهد الحالات المرتبطة بها مثل مرض السكري وارتفاع الكوليسترول وارتفاع ضغط الدم تحسنا ملموسا، كما يمكن أن تؤدي جراحات السمنة إلى تغيرات هرمونية إيجابية تساعد في تحسين التحكم بمرض السكري، لقد أردنا من خلال هذه الدراسة المقارنة بين تأثير جراحة إنقاص الوزن على مرض السكري وتأثير الأدوية أو تغييرات نمط الحياة المستخدمة عادة في إدارة هذا المرض”.
جراحات إنقاص الوزن
وتحمل الدراسة اسم “تحالف التجارب العشوائية للأدوية مقابل جراحات التمثيل الغذائي في علاج مرض السكري من النوع الثاني”، وبحثت بشكل خاص الآثار المديدة على التحكم بالسكري نتيجة لجراحات إنقاص الوزن، وشملت أيضا النتائج التي تم جمعها من مرضى في كليفلاند كلينك و3 مراكز طبية أخرى في الولايات المتحدة الأميركية، والذين تمت دراستهم على فترة امتدت لـ12 عاما.
ووجدت الدراسة أن جراحات السمنة تسهم بتحقيق نتائج أفضل في السيطرة على مرض السكري مقارنة بالتدخلات الطبية الأخرى والتغييرات في نمط الحياة.
كما وجد الباحثون أن المرضى احتاجوا بعد جراحة السمنة إلى أدوية سكري أقل، وأن عدد المرضى الذين شهدوا تراجعا ملموسا في حدة مرض السكري كان أكبر من نظيره لدى مرضى المجموعة التي استخدم أفرادها الأدوية والتغييرات في نمط الحياة.
مستويات الجلوكوز واستخدام الإنسولين
وقارنت الدراسة نتائج تحاليل سكر الدم التراكمي (إيه 1 سي) لدى المرضى، إذ تقيس هذه التحاليل متوسط سكر الدم للمريض على مدى 3 أشهر، وعند تسجيل معدل يبلغ 6.5% في هذه التحاليل يصنف المريض مصابا بالسكري.
وأظهرت النتائج أن المرضى في مجموعة ما بعد جراحات السمنة سجلوا نتائج أفضل في تحاليل سكر الدم التراكمي (إيه 1 سي) مقارنة بمجموعة المرضى الذين تناولوا الأدوية أو أجروا تغييرات في نمط حياتهم، وذلك بنسبة 1.4% أقل عند مستوى 7 أعوام و1.1% أقل عند مستوى 12 عاما.
كما كان استخدام الإنسولين أقل بشكل ملحوظ في مجموعة جراحات السمنة لدى قياسه بعد 7 سنوات وبنسبة بلغت 16% مقابل 56%.
وأشار الدكتور أمينيان إلى أن الفائدة المحققة تتسم بأهمية كبيرة، خاصة عند النظر إلى حقيقة صعوبة تعديل جرعات الإنسولين عند بعض المرضى، مع ما يترتب على ذلك من عواقب خطيرة في حال انخفاض السكر في الدم إلى مستويات متدنية جدا، وبالإضافة إلى ذلك فإن الإنسولين قد يؤدي في الواقع إلى زيادة الوزن.
وعاينت الدراسة كذلك عدد المرضى الذين سجلوا تراجعا ملموسا في حدة مرض السكري ولم يعودوا بحاجة إلى تناول الإنسولين أو أي أدوية أخرى للتحكم بنسبة السكر في الدم.
وكانت مستويات تراجع حدة مرض السكري أكبر بعد جراحات السمنة وبنسبة 18.2% التي حققها أفراد هذه المجموعة مقارنة بنسبة 6.2% في المجموعة التي تناول أفرادها الأدوية أو أجروا تغييرات في نمط الحياة، وذلك بعد 7 أعوام.
أما بعد 12 عاما فقد كان 12.7% من أفراد مجموعة جراحات السمنة لا يزالون في حالة التراجع الملموس بحدة مرض السكري مقارنة بـ0.0% من المجموعة التي تناول أفرادها الأدوية أو أجروا تغييرات في نمط الحياة.
فائدتان إضافيتان
وتوصلت الدراسة إلى فائدتين إضافيتين طويلتي الأمد لجراحات السمنة مقارنة بالتغييرات في نمط الحياة وتناول الأدوية، وتمثلت هاتان الفائدتان في أن أفراد مجموعة جراحات السمنة سجلوا مستويات كوليسترول صحية أكثر، كما أصبح مرضى ارتفاع ضغط الدم بحاجة إلى تناول أدوية أقل لضبط ضغط الدم لديهم.
وأوضح الدكتور أمينيان أن الدراسة لا توصي بمسارعة مرضى السمنة والسكري إلى إجراء جراحات سمنة، وقال في هذا السياق “تعد التغييرات في نمط الحياة وتناول الأدوية خط العلاج الأول، لكن في حال عدم تحقيق الاستجابة الكافية مع تطبيق هذين المعيارين فقد تكون جراحات السمنة خيارا جيدا للمرضى، كما يجب في حال الحاجة إليها عدم تأخير إجرائها لفترة طويلة، لأن السكري مرض تقدمي وقد تفضي عدم إدارته بشكل صحيح إلى مضاعفات خطيرة طويلة المدى وقد تؤدي إلى الموت، وبالإضافة إلى ذلك كلما كانت مدة إصابة المريض بالسكري أقصر زادت احتمالية الشفاء على المدى الطويل بعد جراحة السمنة”.
وعلى الرغم من توافر فئات جديدة من أدوية السكري مؤخرا -والتي تساعد في إنقاص الوزن- فإن الدراسة توضح أن هذه الأدوية قد تكون مكلفة ويجب استخدامها على المدى الطويل، كما أن فعاليتها على المدى الطويل لم تتم قياسها على نحو دقيق إلى الآن.
واختتم الدكتور أمينيان بالقول “يمكن لجراحات السمنة أن تكون الخيار الأفضل للمرضى المصابين بالسكري والسمنة، خاصة أولئك الذين لديهم مؤشر كتلة جسم مرتفع جدا ولم يستجيبوا بشكل جيد للأدوية، لقد أصبحت العمليات الجراحية أكثر أمانا بكثير من ذي قبل، كما أن جراحات السمنة قادرة على الوقاية من التبعات الصحية طويلة الأمد للسمنة والسكري”.