ذكر تقرير نشرته مجلة ناشونال إنترست أن ما أسماه بـ”السرد الإعلامي” المؤيد لروسيا يتزايد في مصر، داعيا صناع السياسة في الدول الغربية إلى ضرورة الانتباه إلى “حرب الكلمات” التي يخسرونها “بشدة”.
وأشار التقرير الذي أعده الأكاديمي الباحث، جوخان سينكارا، إلى أن “الروايات السائدة في مصر” المرتبطة بروسيا “ليست من قبيل الصدفة” خاصة في بلد يواجه قيودا على حرية الإعلام، إذ يمكن رؤية انتشار “الرسائل المعادية للغرب” في تناقض عن الرسائل التي تنقل “صورة” مختلفة لروسيا.
ويوضح مثالا بالتغطية الصحفية لوسائل الإعلام المصرية التي حظيت بها زيارة الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، أواخر العام الماضي لدول الخليج، ليتم الترويج على اعتبار أنها توجه رسالة للغرب بأن دول المنطقة لم تعد تابعة للغرب وهي تبحث عن خياراتها بشراكات مع قوى عالمية أخرى مثل روسيا والصين.
ويستدل التقرير بـ”اشتعال” حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي بمقاطع وصور لـ”المصافحة الأخوية” الشهيرة بين بوتين وولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان، ومقاطع من حفل الترحيب الذي أقامه الرئيس الإماراتي، محمد بن زايد، لنظيره الروسي، وجميعها مُحمَّلة برسائل “أن بوتين يتمتع بعلاقة مع من كانا يعتبران أقرب حلفاء أميركا في المنطقة”.
ويشير الكاتب إلى أن “هذا لم يأت من فراغ”، إذ دأبت روسيا على ملاطفة قادة دول الخليج، مستفيدة من وضعها كشريك دولي بديل يمكن أن يوفر لهذه الدول الغنية بالنفط خيارات غير غربية.
“24 ساعة” في الإمارات والسعودية.. ماذا يريد بوتين؟
عدة أهداف و”رسائل” في الزيارة الخاطفة التي يجريها الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين إلى الإمارات والسعودية حسب ما يقول مراقبون لموقع “الحرة”، ويعطي التوقيت و”الظرف الحساس” الذي تأتي فيه أبعادا أكبر من “خطوة لمناقشة علاقات ثنائية ومشتركة”.
روسيا ومصر تتمتعان بعلاقات إيجابية، أكانت عسكرية أو اقتصادية أو سياسية، ومؤخرا تم تعزيزها في مجال الإعلام، وهو ما يمكن رؤيته من خلال السرديات التي تنشرها وسائل الإعلام في مصر، بحسب الكاتب، والتي إما تسيطر عليها السلطات بشكل مباشر أو توجهها عن بعد، إذ يتم الاعتماد على وسائل إعلام تابعة للنظام الروسي في استعراض التقارير التي تتحدث عن الحرب في أوكرانيا واعتمادها كمصادر رئيسية للمعلومات.
ويقول سينكارا إن من أبرز القصص والرسائل التي تم الترويج لها عبر الإعلام المصري مؤخرا، كانت بنشر الرواية الروسية أنه “رغم العقوبات التي فرضها الغرب، ومذكرة الاعتقال في المحكمة الجنائية الدولية، إلا أن بوتين نجح في كسر الحصار الغربي، وأحبط الأجندة الرامية إلى تحويل النظام الروسي إلى نظام معزول”.
ويصنف مؤشر الحرية العالمي الذي يصدر عن منظمة “فريدوم هاوس” مصر بين الدولة غير الحرة، حيث تهيمن وسائل الإعلام الموالية للحكومة على قطاع الإعلام المصري، وتم إغلاق معظم الوسائل الإعلامية الناقدة أو التي اعتبرت معارضة.
ويشير تقرير “فريدوم هاوس” إلى أن “وسائل الإعلام الخاصة في مصر مملوكة بشكل عام لرجال أعمال مرتطبين بالجيش وأجهزة المخابرات، وتحد أجهزة المخابرات من توافر المعلومات الموثوقة بينما تعمل على تشكيل مواقف المواطنين من خلال الترويج لنظريات المؤامرة، والمعلومات المضللة، والعداء للمعارضة السياسية”.
بحثا “المحطة النووية” ومنطقة اقتصادية.. السيسي يلتقي ممثلا عن بوتين
أجرى الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الأحد، محادثات مع مسؤولين روس رفيعي المستوى لمناقشة مشروعات مشتركة على رأسها محطة الضبعة للطاقة النووية التي تبنيها موسكو في مصر.
كما تقمع السلطات التقارير المستقلة من خلال القوانين التقييدية والترهيب، فيما يواجه الصحفيون الأجانب العرقلة من قبل الدولة، وتسمح قوانين متعددة للسلطات بمراقبة المحتوى عبر الإنترنت من دون موافقة قضائية، كما يمكنها حظر أي موقع إلكتروني يرون أنه يشكل “تهديدا للأمن القومي”.
وكان بوتين من أوائل من أشادوا بفوز نظيره المصري، عبد الفتاح السيسي، الذي أعيد انتخابه لولاية ثالثة أواخر العام الماضي بنسبة 89.6 في المئة من إجمالي الأصوات.
وقال بوتين في بيان حينها: “لقد أصبح الفوز المقنع في الانتخابات دليلا واضحا على الاعتراف الشامل بمزاياكم في التصدي لمهمات السياسة الاجتماعية والاقتصادية والسياسة الخارجية في مصر”.
مصر وروسيا.. إلى أين يقود بوتين السيسي؟
حذر محللون من تداعيات التهديدات الأميركية بفرض عقوبات على مصر في حال اتمامها صفقة مقاتلات روسية متقدمة،
وأثنى بوتين على “مساهمة” السيسي في التقارب بين البلدين، مؤكدا رغبته في “مواصلة العمل المشترك”.
في أكتوبر عام 2018، وقع السيسي، الذي كانت بلاده لفترة طويلة حليفا رئيسيا للولايات المتحدة، اتفاق تعاون استراتيجي مع بوتين، بحسب وكالة فرانس برس.
وتعززت في السنوات الأخيرة العلاقات بين موسكو والقاهرة، وكان البلدان وقعا اتفاقا مبدئيا، في مارس عام 2015، لبناء أول محطة نووية في مصر يجري تنفيذها في الوقت الراهن.