نقلت وكالة “أسوشيتد برس” الأميركية عن معتقلة غزية سابقة بسجون الاحتلال الإسرائيلي قصصا من ويلات العذاب والرعب والانتهاكات المروعة التي تجرعت مراراتها على أيدي سجانيها.
وقالت نبيلة إنها كانت تعتقد أن مدرسة وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) التابعة للأمم المتحدة في مدينة غزة كانت ملاذا آمنا، قبل أن يصلها الجيش الإسرائيلي خلال اجتياحه لقطاع غزة بعد هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول.
وأضافت أن الجنود اقتحموا المدرسة وأمروا الرجال بخلع ملابسهم ونقلوا النساء إلى مسجد للتفتيش. وكانت هذه بداية 6 أسابيع في الحجز الإسرائيلي تضمنت الضرب والاستجواب المتكرر.
وقالت نبيلة (39 عاما) -وهي من مدينة غزة وتحدثت بشرط عدم الكشف عن هويتها خوفا من اعتقالها مرة أخرى- إن الجنود الإسرائيليين كانوا قاسين للغاية ، وضربونا وصرخوا في وجوهنا باللغة العبرية، وإذا رفعنا رؤوسنا أو نطقنا بأي كلمات يضربوننا على الرأس”.
وأشارت إلى أنها نقلت بين منشآت داخل إسرائيل في مجموعات مختلطة من المعتقلين قبل وصولها إلى سجن دامون في الشمال، حيث قدرت أن هناك ما لا يقل عن 100 امرأة.
وتتهم منظمات حقوقية إسرائيل “بإخفاء” فلسطينيي غزة -حيث تعتقلهم دون تهمة أو محاكمة ولا تكشف لعائلاتهم أو محاميهم عن مكان اعتقالهم.
في المقابل، تدعي مصلحة السجون الإسرائيلية أن “جميع الحقوق الأساسية تطبق بالكامل من قبل حراس مدربين تدريبا مهنيا”.
معصوبي العينين راكعين
ولدى اجتياحه شمال قطاع غزة ومدينة خان يونس جنوبا، اعتقل الاحتلال عشرات الفلسطينيين في وقت واحد من مدارس ومستشفيات تابعة للأمم المتحدة، وأثارت صور ومقاطع فيديو أظهرت رجالا معصوبي العينين راكعين ورؤوسهم منحنية وأيديهم مقيدة، غضبا عالميا.
وقال جيش الاحتلال إنه يأمر المعتقلين بخلع ملابسهم للبحث عن متفجرات، وينقلونهم إلى إسرائيل قبل إطلاق سراحهم مرة أخرى إلى غزة إذا وجدوا أنهم أبرياء. وبالنسبة لنبيلة، فقد استغرقت هذه العملية 47 يوما مروعا، حسب وصفها.
ورغم أوامر الإخلاء الإسرائيلية لشمال القطاع، قررت نبيلة وعائلتها البقاء في مدينة غزة، معتقدين أنه لا يوجد مكان آمن فيها، لكن قوات الاحتلال اقتحمت المدرسة حيث لجؤوا إليها في 24 ديسمبر/كانون الأول. وقالت “كنت مرعوبة ، تخيلت أنهم يريدون إعدامنا ودفننا هناك”.
وفصلت قوات الاحتلال نبيلة عن ابنتها ذات الـ13 عاما وابنها ذي الـ4 سنوات ونقلتها إلى مركز اعتقال جنوب إسرائيل. ووفقا لمجموعة “أطباء من أجل حقوق الإنسان” الإسرائيلية، فإن جميع المعتقلين في غزة يتم إحضارهم أولا إلى قاعدة “سدي تيمان” العسكرية.
وقالت نبيلة لوكالة “أسوشيتد برس” من مدرسة تحولت إلى مأوى في رفح، حيث تقيم مع محتجزات أخريات تم إطلاق سراحهن مؤخرا، “كنا نتجمد من البرد وأجبرنا على البقاء على ركبنا على الأرض، وسط أصوات الموسيقى الصاخبة والصراخ والترهيب، لقد أرادوا إذلالنا، كنا مكبلي اليدين ومعصوبي العينين، وكانت أقدامنا مقيدة بالسلاسل”.
وقالت نبيلة -التي انتقلت بين عدة سجون- إنها تعرضت لعمليات تفتيش واستجواب متكررة تحت تهديد السلاح. وعندما سئلت عن علاقتها بحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أخبرت المحققين أنها ربة منزل وأن زوجها يعمل لدى السلطة الفلسطينية.
“تقبيل علم إسرائيل”
وقالت امرأة أخرى كانت محتجزة، وتحدثت أيضا شريطة عدم الكشف عن هويتها خوفا من اعتقال جديد، إنه خلال فحص طبي قبل نقلها إلى سجن دامون، أمرتها قوات الاحتلال بتقبيل العلم الإسرائيلي، وعندما رفضت، أمسك بها جندي من شعرها، وضرب بوجهها على الحائط.
وفي تقرير لمعهد حقوق الإنسان في غزة، زعم محتجزون سابقون من غزة سوء معاملة مماثلة. وقال أحدهم، إن حراسا في سجن كتزيوت في جنوب إسرائيل تبولوا عليه. كما أجبر الحراس المعتقلين العراة على الوقوف جنبا إلى جنب وأدخلوا أجهزة بحث بين أردافهم.
ووصفت المنظمة السجون الإسرائيلية، التي تضم أيضا فلسطينيين من الضفة الغربية والقدس المحتلتين، المعتقلين بتهم تتعلق بالأمن، بأنها “جهاز للانتقام والانتقام”.
وردا على طلب أسوشيتد برس للتعليق على كل هذه الشهادات، قال الجيش الإسرائيلي إن “المعاملة العنيفة والعدائية للمعتقلين غير مقبولة وسيتم التعامل مع أي سلوك غير لائق” من قبل السجانين.