بايدن: الجيش الأميركي سينفذ إنزالا جويا لمساعدات غذائية لغزة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 10 دقيقة للقراءة

بعد تضارب الروايات بشأن ما حدث في شارع الرشيد بقطاع غزة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، تصاعدت الأصوات في المجتمع الدولي بشأن ضرورة تشكيل لجنة تحقيق مستقلة لتقصي الحقائق.

وكانت الأمم المتحدة ودولا أخرى عبّرت عن صدمتها وقلقها بعد مقتل أكثر من 110 فلسطينيين “جراء إطلاق نار من قبل القوات الإسرائيلية” وذلك خلال عملية توزيع مساعدات، الخميس، بشارع الرشيد في مدينة غزة، وفقا للرواية الفلسطينية.

في المقابل، أقر الجيش الإسرائيلي بأن جنودا شعروا “بالتهديد” وأطلقوا النار بصورة “محدودة”، وأفاد عن “تدافع قتل وجرح خلاله العشرات، وبعضهم دهسته شاحنات المساعدات”، بحسب رواية إسرائيل.

وأكد الرئيس الأميركي، جو بايدن، الخميس، أن الولايات المتحدة تتحقق من “الروايتين المتضاربتين” عن إطلاق نار وقع عند نقطة توزيع مساعدات في غزة، مضيفا أن من شأن ما حصل أن يعقد مفاوضات وقف إطلاق النار.

أكسيوس: واشنطن تطالب إسرائيل بضمانات حول استخدام أسلحتها

منحت إدارة الرئيس الأميركي، جوبايدن، إسرائيل مهلة حتى منتصف مارس للتوقيع على رسالة تتضمن “ضمانات بأنها ستلتزم بالقانون الدولي لدى استخدامها الأسلحة الأميركية، وتسمح بدخول المساعدات الإنسانية إلى غزة” حسبما صرح ثلاثة مسؤولين أميركيين وإسرائيليين لموقع “أكسيوس”.

بدوره، أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، عن “صدمته” بعد التقارير الواردة عن مقتل الفلسطينيين خلال هرعهم للحصول على مساعدات، منددا بواقعة “مروعة”، ودعا في تصريحات، الخميس، إلى “تحقيق مستقل” لتحديد المسؤوليات.

ودعت فرنسا وألمانيا، الجمعة، للتحقيق ملابسات هذه الواقعة، بما في ذلك “تحقيق مستقل” طلبته وزارة الخارجية الفرنسية.

ولم يرد المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، أوفير غندلمان، على اتصال هاتفي لطلب التعليق على الواقعة. 

كذلك لم يرد على رسالة نصية عبر واتساب للإجابة على سؤال حول ما إذا كانت إسرائيل ستقبل الدعوات الدولية بإجراء تحقيق مستقل.

“إسرائيل ترفض”

ومنذ اندلاع الحرب في السابع من أكتوبر الماضي، صدرت عدة دعوات دولية لتشكيل لجان تحقيق مستقلة في جرائم محتملة ربما تكون ارتكبت في إسرائيل والأراضي الفلسطينية أو حتى في حوادث منفصلة بعينها.

ومع ذلك، لم ترَ أي من تلك الدعوات أصداء حقيقية على الأرض مما جعل التساؤلات قائمة بشأن عدم تنفيذها.

ويعرّف أستاذ القانون الدولي في مصر، أيمن سلامة، لجان التحقيق الدولية المستقلة بأنها هيئات عامة لا تتمتع بأي سلطات قضائية، لكن الغرض الأساسي من تشكيلها يهدف للتحقيق في حوادث جسيمة قد تكون ارتكبت في دولة ما، بما في ذلك جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

وفي حديثه لموقع قناة “الحرة”، قال سلامة إن “إسرائيل لطالما ترفض قبول عمل لجان التحقيقات الدولية المستقلة”، على اعتبار أنها “تعتبر الأمم المتحدة وتلك اللجان غير حيادية وأنها تنصف الفلسطينيين على حساب الإسرائيليين”.

ويوم 16 نوفمبر الماضي، دعا مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إلى تحقيق دولي في انتهاكات الحرب بين إسرائيل وحماس في قطاع غزة.

وردت سفيرة إسرائيل بمنظمات الأمم المتحدة في جنيف، ميراف شاحر-ايلون، بأن القانون الدولي ليس “ميثاقا انتحاريا”.

غوتيريش يحذر من عملية رفح ويطالب بـ “إصلاح” مجلس الأمن

حذر الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الاثنين، من أن هجوما إسرائيليا على رفح سيوجّه ضربة قاضية لبرامج المساعدات في غزة، فيما دعا إلى “إصلاح جدي” في مجلس الأمن الدولي.

وصرح تورك في حديثه لصحفيين بعد ذلك أنه طلب من إسرائيل زيارة الأراضي الإسرائيلية والأراضي الفلسطينية، لكنه “لم يتلق ردا بعد، ما يعني أن هناك أملا”.

لكن سرعان ما بددت البعثة الإسرائيلية في جنيف آماله قائلة لوكالة فرانس برس إن إسرائيل لا ترى “أي فائدة يمكن أن تجلبها زيارة المفوض السامي لإسرائيل في هذا الوقت”.

وفي 27 من الشهر ذاته، دعا خبراء الأمم المتحدة إلى إجراء تحقيقات سريعة وشفافة ومستقلة في مزاعم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبت في إسرائيل والأراضي الفلسطينية يوم 7 أكتوبر 2023 وما بعده.

ودعا الخبراء إسرائيل والسلطة الفلسطينية وسلطات الأمر الواقع في غزة إلى التعاون الكامل مع التحقيقات قائلين في بيان إنه “يجب منح المحققين المستقلين الموارد اللازمة والدعم والوصول اللازم لإجراء تحقيقات سريعة وشاملة ومحايدة في الجرائم التي يُزعم أن جميع أطراف النزاع ارتكبتها”.

وخلال ديسمبر الماضي، أعلنت منظمة “هيومان رايتس ووتش” و”منظمة العفو الدولية” أن قصفا إسرائيليا قتل صحفيا وجرح 6 آخرين في 13 أكتوبر جنوبي لبنان يستدعي تحقيقا في “جريمة حرب”.

وفي الشهر الماضي، دعت خبيرات حقوقيات أمميات إلى إجراء تحقيق مستقل في انتهاكات إسرائيلية يشتبه بأنها ارتكبت بحق نساء وفتيات فلسطينيات، بما في ذلك القتل والاغتصاب والاعتداء الجنسي.

في المقابل، لاقى بيان الخبيرات الأمميات المستقلات رد فعل غاضبا من إسرائيل التي رفضت “الادعاءات الخسيسة والتي لا أساس لها”، حسب تعبيرها.

“خطر على السلم العالمي”

ويرى المدافع عن حقوق الإنسان والمختص في القانون الجنائي الدولي، المعتصم الكيلاني، أن “إسرائيل لم تلتزم” بالنداءات التي أطلقها “مرارا وتكرارا” أمين عام الأمم المتحدة ومجلس حقوق الإنسان الأممي.

ويقول الكيلاني في حديثه لموقع “الحرة” من باريس إن “أي دولة تفرض عليها لجنة تحقيق دولية لن تكون سعيدة وكان هناك هجوم إسرائيلي واضح على الأمين العام للأمم المتحدة والمفوض السامي لحقوق الإنسان ومطالبتهم بالاستقالة على اعتبار أنهم غير حياديين”.

ومنذ بداية الحرب، طالبت إسرائيل في أكثر من مناسبة غوتيريش بالاستقالة من منصبه كأمين عام للأمم المتحدة ووصفت ولايته بأنها “خطر على السلم العالمي” وذلك بعد أن طالب بتفعيل المادة 99 من ميثاق الأمم المتحدة.

واندلعت الحرب الحالية في غزة بعد هجوم غير مسبوق شنته حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر أسفر عن مقتل أكثر 1160 شخصا معظمهم مدنيون وبينهم نساء وأطفال، بحسب حصيلة أعدّتها وكالة فرانس برس استنادا إلى أرقام رسمية.

الأمم المتحدة: إسرائيل “أخفقت مرارا” باحترام القانون الإنساني

قال مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الجمعة، إن إسرائيل أخفقت مرارا في احترام القانون الإنساني الدولي منذ أن شنت هجومها على غزة ردا على هجوم عبر الحدود شنته حركة حماس في السابع من أكتوبر.

كذلك، اختطف في الهجوم نحو 250 رهينة تقول إسرائيل إن 134 بينهم ما زالوا في غزة، و28 منهم على الأقل يُعتقد أنّهم قُتلوا، بحسب أرقام صادرة عن مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي.

وتعهدت إسرائيل “القضاء على حماس”، وأطلقت هجوما عسكريا واسعا أسفر عن مقتل أكثر من 30 ألف فلسطيني غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب أحدث حصيلة لوزارة الصحة في قطاع غزة.

ولا تسمح إسرائيل لوسائل الإعلام الدولية بالدخول لقطاع غزة لتغطية وقائع الحرب، على الرغم من أنها نظمت جولات لعدة وسائل إعلام دولية لداخل القطاع الفلسطيني الذي يواجه كارثة إنسانية ودمارا هائلا.

ولم يرد الجيش الإسرائيلي على طلب موقع “الحرة” بالتعليق على عدم سماحه وسائل الإعلام الدولية لقطاع غزة.

“منحازة بشكل مسبق”

ويقول المحلل السياسي الإسرائيلي، يوآب شتيرن، إن “إسرائيل لا تريد تدخلا خارجيا؛ لأنها تعتقد أن أي لجنة تحقيق دولية منحازة بشكل مسبق للفلسطينيين”.

ويضيف في تصريحات لموقع “الحرة” أن السلطات الإسرائيلية “تفضل التحقيقات الداخلية ومعاقبة مرتكبي الجرائم وفقا لمعاييرها وهذا متبع دوليا”.

يتابع حديثه قائلا إن “الجهات الدولية ليس لديها قوة بما فيه الكفاية لفرض هذه التحقيقات واعتقد بسبب ذلك يتم الفشل في تطبيقها وعدم تشكيل اللجان ذات مصداقية وصلاحيات لازمة”.

ويستشهد شتيرن بتقرير غولد ستون، في إشارة إلى لجنة القاضي، ريتشارد غولدستون، التي شكلها مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة وقاطعتها إسرائيل، للنظر في أحداث بينها عملية “الرصاص المصبوب” التي نفذها الجيش الإسرائيلي في قطاع غزة في شتاء 2008-2009. 

ويقول أستاذ القانون الدولي، سلامة، إن لجنة غولد ستون “هي المرة الوحيدة التي قبلت فيها إسرائيل عمل لجنة مستقلة لتقصي الحقائق تابعة للأمم المتحدة”، منوها بتاريخ البلاد في رفض لجان تقصي الحقائق المستقلة أو وجود مراقبين دوليين على الأرض.

ويشير سلامة إلى أن توصيات القاضي الجنوبي أفريقي غولد ستون “لم يكن لها أي أثر” بعد أن “رفضت إسرائيل جملة وتفصيلا ذلك التقرير رغم حياديته وموضوعيته”.

بعد قرار “العدل الدولية”.. إسرائيل تحقق في “انتهاكات مشتبه بها للقانون الدولي”

ذكرت صحيفة “هآرتس” أن الجيش الإسرائيلي بدأ التحقيق في عشرات الحوادث التي جرت خلال الحرب الحالية مع حماس في قطاع غزة، وهي ممارسات وقعت بسبب “تجاوز القادة على الأرض صلاحياتهم أو يشتبه في انتهاك قوانين الحرب الدولية”.

وكان التقرير الصادر عام 2009، خلص إلى أن العملية التي أودت بحياة 1440 فلسطينيا و13 إسرائيليا إلى ترجيح وجود “جرائم حرب” وحتى “جرائم ضد الإنسانية”.

كذلك، يستذكر سلامة قرار أمين عام الأمم المتحدة الأسبق، كوفي أنان، بحل لجنة تقصي الحقائق التي شكلّت من قبل مجلس الأمن الدولي عام 2002 للتحقيق في حوادث جرت بمخيم جنين للاجئين خلال ذلك العام.

لكن سرعان ما تم حل تلك اللجنة “بعد رفض إسرائيل” التعاون معها، بحسب سلامة، و”وعدم استقبالهم لأعضائها برئاسة الرئيس الفنلندي الأسبق، مارتي أهتيساري.

من جانبه، انتقد الكيلاني واشنطن ومجلس الأمن الدولي لفشلهم في إيقاف الحرب أو تشكيل لجنة تحقيق مستقلة فيها “رغم أن هذه اللجان تعمل على تحقيقات لا ضد طرفي النزاع”، على حد قوله.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *