مسلسل “جولة أخيرة”.. فرصة جديدة مهدورة لأحمد السقا

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

دخلت منصة “برايم فيديو” سوق المنافسة في مجال المحتوى العربي مؤخرا بأول مسلسلاتها الأصلية، “جولة أخيرة”، والذي يضم بين أفراد طاقمه “أحمد السقا” الممثل، الذي كان أحد أركان موجة الممثلين الجدد في بداية الألفية الثالثة، وانطفأ بشكل تدريجي مثل كثير من أبناء هذه الموجة، وأصبحت أعماله تتلقى النقد أكثر من المديح.

“جولة أخيرة” من إخراج مريم أحمدي وتأليف كل من أحمد ندا ومحمد الشخيبي وبطولة أحمد السقا وأشرف عبد الباقي وأسماء أبو اليزيد وعلي صبحي ورشدي الشامي، ويتكون من 9 حلقات، عرضتها منصة “برايم فيديو” تباعا.

شجيع بين النجاح والفشل

يعرفنا “جولة أخيرة” في أولى حلقاته بـ”شجيع/يحيى/ أحمد السقا” في أوج نجاحه، ثم أفشل لحظاته. يبدأ المسلسل بمباراة قتالية مع اللاعب الشاب “سند”، يفوز بها “يحيي” بشكل ساحق، وبعدما تنتهي ويتلقى التهاني، يسقط منافسه ميتا بسبب عنف ضرباته.

تقفز الأحداث سنوات إلى الأمام، وقد فقد “يحيي” كل شيء تقريبا نتيجة لهذه الصدمة، فزوجته تركته وأخذت ابنته، وفي ذات الوقت لا تعينه الأدوية النفسية على التعامل مع الشعور بالذنب، فيعتزل رياضته المفضلة، ويرزح تحت عبء الديون الطائلة، خصوصا أن عمله كطبيب في مستشفى لا يكفي حتى مصروفاته الشخصية، بينما يعاني والده من ألزهايمر.

نقابل البطل في لحظة الحضيض، وزوجته السابقة تعيد إليه ابنته وهي مضطرة للسفر للخارج حتى تفي باحتياجاتها وابنتها المادية في ظل فقر “يحيي” الشديد، فتعود إليه الابنة التي انجرفت بعيدا نتيجة التدهور الذي عانى منه في السنوات الأخيرة، بعد اعتزاله سواء من الناحية المادية أو النفسية أو العقلية، وقد تم تشخيصه بالمراحل الأولى من مرض ألزهايمر، ولكنه لم يخبر سوى مدربه السابق الكابتن “تمبي”.

يصحو الأمل في صدر “يحيى” بعدما يعرض عليه “شبكة/علي صبحي” -المراهن الرياضي- المشاركة في بطولة عالمية على أن يوفر له كل التجهيزات والإعدادات الرياضية اللازمة مقابل جزء من مكاسبه عند الفوز، الأمل الذي يتعلق به “يحيى” ليخرج من هذه الهوة المادية، ويظهر في عيون ابنته كبطل للمرة الأخيرة قبل أن ينساها ويصبح عبئا عليها للأبد كما أصبح والده الآن.

الابن الروحي لروكي

ثيمة البطل الرياضي المعتزل الذي يعاني أزمات نفسية وصحية، فيحاول العودة للعبته الرياضية لمرة أخيرة ليثبت لنفسه نجاحه بالطريقة الوحيدة التي ذاق عبرها النجاح تكرر في العديد من المسلسلات والأفلام السينمائية بكل اللغات تقريبا، ومن أشهرها سلسلة أفلام “روكي”.

اعتزل روكي، وعاد من الاعتزال 4 مرات على مدار 6 أفلام، آخرها وأقربها لروح مسلسل “جولة أخيرة” بالجزء السادس المعنون “روكي بالبوا” (Rocky Balboa)، إنتاج 2006 وإخراج وبطولة “سلفستر ستالون” وفيه يعيش الكهل المعتزل “روكي بالبوا حياة فاترة بعد وفاة زوجته الحبيبة “أدريان”، وتبهت علاقته مع ابنه بالتدريج، ويتحداه أحد اللاعبين الشباب في مباراة تعيده من اعتزاله. يفتقد “روكي” بالطبع اللياقة البدنية اللازمة للمباراة، فيبدأ في التدرب من ناحية ومحاولة التقرب لابنه من ناحية أخرى، وفي ذات الوقت يخشى من تأثير المباراة على مخه، وقد اعتزل في الأساس، بسبب الإصابات المتكررة في الدماغ.

بمقارنة هذه الحبكة بمسلسل “جولة أخيرة”، نجد عددا كبيرا من التشابهات، أكثر من أن تكون مصادفة، فلا يمكن إنكار تأثر صناع المسلسل بسلسلة “روكي” أو بغيرها من الأفلام والمسلسلات التي قدمت الثيمة نفسها من قبل.

الاقتباس المشار إليه هنا يعيب المسلسل خصوصا وقد أضاف إلى هذه الثيمة تفصيلة الإصابة بألزهايمر سواء لوالد البطل أو البطل نفسه، وهلعه من فقدانه ابنته ونفسه ووالده في آن واحد، الأمر الذي أضفى على القصة جانبا إنسانيا لم يكن ليتوفر لو كان العمل بالأساس يرتكز حول فكرة عودة بطل رياضي معتزل.

إخراج أهدر السيناريو والتمثيل

يُقدم مسلسل “جولة أخيرة” نجمه أحمد السقا في دور مختلف عن أدواره الشائعة، فهو هنا ليس البطل الشهم الخدوم، أو الشخص العنيف المتحكم، بل شخصية هشة جسديا ونفسيا، تسعى لأي انتصار حتى تشعر بإنسانيتها مرة أخرى.

أوضح السيناريو تعقيد هذه الشخصية، والشخصيات الأخرى مثل “تمبي” الكابتن الذي يبحث عن ابنه الضائع أو “شبكة” ذي الماضي المظلم الذي لا يستطيع الهرب من ظله، وحتى شخصية “عليا” التي تميل إلى “يحيى” وفي ذات الوقت تكرهه، فيمكن اعتبار عنصر السيناريو وخصوصا رسم الشخصيات هو أفضل عناصر المسلسل.

المسلسل المصري "جولة أخيرة

على الجانب الآخر، فإن تنفيذ هذا السيناريو يعتريه العديد من العيوب، على رأسها الأداء التمثيلي، بشكل خاص أداء “أحمد السقا” الذي يحاول بشدة إبراز جانب الضياع الذي يشعر به البطل، سواء تجاه حياته الماضية التي فقدها بشكل مفاجئ، أو مستقبله غير المضمون نتيجة لتشخيصه بألزهايمر.

ركز السقا في أدائه على هذا الجانب فقط من الشخصية، فبدا ثقيلا مفعما بالادعاء، وبمقارنة أدائه بكل من “أشرف عبد الباقي” و”علي صبحي”، نجد تكرارا في هذا الأسلوب التمثيلي الذي يعتمد على تعزيز وجهة نظر محددة مسبقا عن الشخصية والاستمرار في إبرازها مع إهمال باقي جوانبها لدرجة التنميط، فـ”يحيى” البطل الخائف و”شبكة” يغلب عليهما الشعور بالعار ورغبتهما في الهرب من ماضيهما و”تمبي” الوحدة.

ولا يمكن أن نعزو هذه العيوب كلها إلى الأداء الفردي، بل إدارة الممثلين عامة، وهي مسؤولية المخرجة “مريم أحمدي” التي يركز أسلوبها على قشور الشخصية دون الأعماق، الأمر الذي تكرر في مسلسلها السابق “60 دقيقة” الذي نمط الشخصيات، على الرغم من ثرائها.

يمثل مسلسل “جولة أخيرة” فرصة ضائعة، فعلى الرغم من اعتماد العمل على ثيمة متكررة فإنه أضفى عليها جانبا إنسانيا مميزا، ولكن هذا التميز ضاع في ظل إخراج أهمل الأبعاد الأعمق للشخصية، وركز على القشور، فظلم السيناريو والممثلين معا.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *