أعلن رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية -أمس الاثنين- تقديم استقالة حكومته إلى الرئيس محمود عباس، نظرا للتطورات السياسية والأمنية والاقتصادية المتصلة بالوضع في قطاع غزة، والتصعيد غير المسبوق في الضفة الغربية.
ووفق تحليل نشرته وكالة أسوشيتد برس، فإن الإعلان يمثل الخطوة الأولى في عملية الإصلاح التي تحث عليها الولايات المتحدة في إطار رؤيتها لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.
لكن تقرير الوكالة يرى أن تعيين حكومة جديدة في الضفة الغربية لن يعالج الإشكالية التي طالما عانت منها السلطة الفلسطينية ألا وهي الافتقار للشرعية في نظر الفلسطينيين، ولن يكون حلا لعلاقاتها المتوترة مع إسرائيل.
وتمثل إشكالية الشرعية والعلاقات المتوترة مع إسرائيل عقبتين أمام الخطط الأميركية الرامية لإسناد إدارة الأمور في قطاع غزة بعد الحرب للسلطة الفلسطينية، التي تدير أجزاء من الضفة الغربية المحتلة.
لكن خطط واشنطن تلك تقوم على افتراض انتهاء الحرب في غزة بهزيمة حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، وهو هدف إسرائيلي وأميركي يبدو بعيد المنال بعد نحو 5 أشهر من الحرب الإسرائيلية الطاحنة على القطاع راح ضحيتها نحو 30 ألف شهيد فلسطيني وأدخلت القطاع في مجاعة خطيرة.
فما الذي يحمله تغيير الحكومة الفلسطينية لقطاع غزة؟ وما علاقته بالعدوان الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ نحو 5 أشهر؟
رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية يعلن تقديم استقالة حكومته إلى الرئيس محمود عباس#حرب_غزة pic.twitter.com/F0xTFPryxE
— قناة الجزيرة (@AJArabic) February 26, 2024
أسباب ودلالات
خلال الكلمة التي تضمنت إعلان استقالته، أوضح اشتية أن المرحلة المقبلة تتطلب تشكيل حكومة جديدة تأخذ بعين الاعتبار التحديات الراهنة بسبب العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، مع التركيز على مسألة الوحدة الوطنية وتعزيز السلطة الوطنية على كامل أراضي فلسطين.
وقال اشتية إن قرار الاستقالة أيضا يأتي في ظل ما يتعرض له الشعب الفلسطيني وقضيته من هجمات شرسة وغير مسبوقة، ومحاولات إبادة جماعية وتهجير قسري وتجويع في قطاع غزة.
وبعد قبول عباس استقالة رئيس وزرائه، برزت توقعات تشير إلى أنه سيعين الخبير الاقتصادي والمدير الحالي لصندوق الاستثمار الفلسطيني محمد مصطفى محل اشتية.
ويرجح تقرير أسوشيتد برس أن تعيين مصطفى، الذي تلقى تعليمه في الولايات المتحدة وشغل مناصب رفيعة في البنك الدولي، سيحظى بترحيب تل أبيب وواشنطن وعواصم أخرى، لكونه سياسيا مستقلا لا يدين بالولاء لحركة فتح.
كما يشير التقرير إلى أن تعيين مصطفى، الذي لا يتمتع بقاعدة سياسية تدعمه، سيجعل الكلمة الفصل في السياسات الرئيسية بيد عباس (88 عاما)، كما سيخلع على السلطة الفلسطينية صورة جديد لسلطة أكثر مهنية خضعت للإصلاح وباتت جاهزة لإدارة قطاع غزة، وهو أمر مهم بالنسبة للولايات المتحدة، وفق الوكالة.
وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر قد صرح بأن الأمر متروك للفلسطينيين لاختيار قادتهم، “لكن الولايات المتحدة ترحب بأي خطوات لإصلاح وتنشيط السلطة الفلسطينية”.
وقال إن الإدارة الأميركية تعتقد أن تلك الخطوات إيجابية، “وخطوة مهمة لإعادة توحيد غزة والضفة الغربية تحت قيادة السلطة الفلسطينية”.
كيف ينظر الفلسطينيون للسلطة؟
شهدت شعبية عباس تراجعا كبيرا خلال السنوات الأخيرة، إذ تشير استطلاعات الرأي باستمرار إلى أن الغالبية العظمى من الفلسطينيين تريد استقالته وخروجه من السلطة، وفق تحليل أسوشيتد برس.
وينظر كثير من الفلسطينيين للسلطة على أنها مجرد “مقاول يحرس مصالح الاحتلال”، وفق الوكالة التي قالت إن ذلك يرجع للتنسيق الأمني بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، الذي يثير حنق الشعب.
ودأبت السلطة الفلسطينية على قمع المعارضين لها في المناطق التي تسيطر عليها، كما دأبت على قمع الاحتجاجات بعنف والزج بالمعارضين لها في السجن وتعذيبهم.
ورغم انتهاء ولاية عباس عام 2009، فإنه يرفض إجراء انتخابات متذرعا بالقيود الإسرائيلية. في حين يرى مراقبون أن شعبية حماس زادت خلال جولات الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي، كما يتوقع أن تحصد الحركة نتائج جيدة في حال تنظيم انتخابات حرة، وفق الوكالة الأميركية.