في عام 1941 عُرض فيلم أميركي بعنوان “الدكتور جيكل والسيد هايد” عن رواية للأديب الإنجليزي الشهير روبرت لويس ستيفنسون، والذي أبدع في تجسيد بطولته التي تتمثل في شخصيتين تتلبسان شخصا واحدا النجم الأميركي سبنسر تراسي.
والرواية تدور عن الدكتور جيكل العالم الذي يجري على نفسه تجارب لعقار طبي، إلا أن العقار يتسبب في إصابته بفصام في الشخصية من نوع خاص يصل به أن يكون رجلا عالما صالحا بالنهار، وذلك قبل أن ينقلب إلى مجرم قاتل دميم الخلق والخلفة في الليل.
ويحاول الطبيب المرموق النبيل إيجاد ترياق لهذا الدواء، إلا أنه يفشل ويستمر في التحول ليلا إلى وحش يمارس القتل حتى يلاقي حتفه، فيموت جيكل النبيل وهايد المجرم الشيطاني في جسد واحد.
الشاهد، أنه عندما تشاهد الرئيس النبيل جو بايدن في جلسة مجلس الشيوخ التي عقدت في 23 يوليو/تموز من العام 1986 حينما كان رئيسا للجنة الشؤون الخارجية وهو يحاكم إدارة الرئيس رونالد ريجان ممثلة في وزير خارجيته جورج شولتز إزاء ما وصفه بالموقف اللا أخلاقي لبلاده بسبب عدم تحركها ضد النظام العنصري في ذلك الوقت في جنوب أفريقيا وضد ما وصفه بالقمع غير المسبوق والقتل الذي يمارس بحق الأغلبية من سود جنوب أفريقيا، ثم تراه في العام 2023-2024 وهو يدافع عن المذبحة التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني في غزة؛ فإنك لا تملك إلا أن تستدعي إلى الذاكرة الدكتور جيكل والسيد هايد.
الغريب أن جو بايدن في جلسته التي سلخ خلالها حكومة بلاده وأكد أنها تشعره بالعار، بنى موقفه على عدة محددات من بينها العنف الذي مارسه النظام الجنوب أفريقي العنصري الذي أسفر عن مصرع بضعة مئات من السود، وأن هؤلاء السود بقوا 20 عاما يكافحون من دون أي أمل؛ حتى إنهم اضطروا لحمل السلاح وخوض الكفاح المسلح.
وطالب بايدن حكومة بلاده، بضرورة فرض جدول زمني لإزالة نظام الفصل العنصري الذي وصفه بأوصاف عدة من بينها “البغيض” و”الكريه”، كما وصف سياسة بلاده تجاه نفس النظام بأنها تثير الغثيان.
في العام 2024 نفاجأ بنفس الشخص بعد أن أصبح رئيسا للولايات المتحدة وهو يدعم دولة الاحتلال العنصرية الإسرائيلية ويصف القوى الفلسطينية، بعد أن حاولت على مدار 76 عاما -وليس 20 عاما- إنهاء الاحتلال بالوسائل السلمية؛ بالإرهاب. ليس هذا وحسب، وإنما يقرر في غضون 5 أشهر إمداد إسرائيل بأسلحة فتاكة بما قيمته 15 مليار دولار.
والسؤال هو: ما الشخصية الحقيقية لساكن -وكل ساكن- البيت الأبيض؛ جو “جيكل” أم بايدن “هايد”؟
بقلم: يحيى غانم