أصدر باحثون من مركز جامعة جونز هوبكنز للصحة وكلية لندن للصحة والطب، هذا الأسبوع، تقريرا يستعرض تقديرات لعدد الأشخاص الذين قد يلقون حتفهم في غزة خلال الأشهر الستة المقبلة لأسباب مختلفة.
ويتعلق الأمر بالوفيات التي تتسبب فيها الحرب الإسرائيلية بشكل مباشر أو غير مباشر، مثل انتشار الأمراض والأوبئة وعدم القدرة على الوصول إلى خدمات الرعاية الطبية.
وفي مقال نشرته مجلة نيويوركر الأميركية، قال الكاتب إسحاق شوتينيه إن معدّي التقرير وضعوا نموذجا افتراضيا لـ3 احتمالات: إذا كانت الأشهر الستة المقبلة من الحرب مماثلة للأشهر الثلاثة الأولى، أو إذا تصاعدت الحرب، أو إذا كان هناك وقف لإطلاق النار.
وتحدث مصدرو التقرير عن أنهم بنوا تقديراتهم على نسبة الوفيات على مدى 3 أشهر، واختاروا الشهر الذي سُجل فيه أعلى معدل للوفيات.
استمرار الحرب
فإذا استمرت الحرب في مسارها دون تصعيد حتى أوائل أغسطس/آب -مع استمرار قصف إسرائيل المناطق المكتظة بالسكان ومنع دخول الغذاء والدواء- يتوقّع الباحثون وفاة ما بين 58 ألفا و260 إلى 66 ألفا و720 حالة وفاة إضافية.
وتؤكد وزارة الصحة في غزة أن أكثر من 30 ألف شخص استشهدوا في القطاع حتى الآن منذ بدء الحرب الإسرائيلية في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
سيناريو التصعيد
وإذا تصاعدت الحرب، يتوقع من أصدر التقرير أن يرتفع عدد الشهداء إلى ما بين 74 ألفا و290 إلى 85 ألفا و750 حالة وفاة إضافية خلال الأشهر الستة المقبلة.
وقد وُضعت توقعات سيناريو التصعيد بناء على أعلى عدد من الضحايا في شهر واحد.
وقف إطلاق النار
وحتى لو بدأ وقف إطلاق النار على الفور، يتوقّع الباحثون أن ما بين 6550 إلى 11 ألفا و580 شخصا سيموتون خلال الأشهر الستة المقبلة، بسبب عوامل مختلفة أهمها انتشار الأوبئة، وكذلك بسبب الصدمات.
ونقلت نيويوركر عن بولس بي شبيغل، أحد المشاركين في التقرير ومدير مركز الصحة في كلية جونز هوبكنز، قوله إن ما ورد في التقرير هو عبارة عن تقديرات وليس توقعات، وشدد على أن معدّي التقرير غير مسيّسين، وحرصوا على الالتزام بالضوابط الموضوعية خلال إنجاز التقرير.
وقال شبيغل إنه حتى في حالة وقف إطلاق النار، ستحدث الكثير من الوفيات الإضافية خلال الستة أشهر التي تلي ذلك، ويعزى هذا الأمر إلى أن الظروف الصحية متدهورة ووصلت إلى مستوى خطير.
المساعدات ضرورة
وشدد شبيغل على ضرورة إدخال مساعدات عاجلة وبكمية كافية إلى غزة، وخاصة الماء الصالح للشرب والغذاء، وما يساعد على إصلاح قطاع الصرف الصحي.
وتحدث عن ضرورة السماح لفرق الطوارئ الطبية بالدخول إلى القطاع المحاصر، مبرزا أنه ستكون هناك حاجة إلى الكثير من الموظفين الذين لديهم من مختلف التخصصات وبينها تخصص مواجهة الصدمات لأن حالات الصدمة شديدة للغاية في غزة.
وأكد أن حصر الوفيات يبقى ناقصا لأن هناك عائلات كاملة لا تزال تحت الأنقاض ولم تنتشل بعد.
وذكر أنهم فوجئوا خلال إعداد التقرير بأن هناك الكثير من “القتلى” في سيناريو وقف إطلاق النار لأن الكثير من الناس يعتقدون أنه بعد نهاية الحرب يجب أن يعود كل شيء إلى طبيعته بسرعة، ولكن هذا ليس هو الحال.
الجوع
وأوضح أن الجوع سبب أساسي في ارتفاع عدد الوفيات بغزة، وخاصة في صفوف الأطفال.
وتابع شبيغل بأنه عمل مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين لمدة 14 عاما، وزار جميع أنحاء أفريقيا والشرق الأوسط وأجزاء من آسيا، واكتشف بأنه في جميع المناطق التي زارها كانت هناك أمام الناس وسيلة للتنقل والهرب من الحرب المستعرة، لكن بالنسبة لقطاع غزة، لا توجد مناطق آمنة، ولا يوجد مهرب أمام السكان.
وأضاف أن ما يزيد الوضع تعقيدا، هو أن غزة كانت تحت الحصار لفترة طويلة جدا، ولا يستطيع الناس الحصول على المياه والغذاء والوقود، كما أن المرافق الصحية خرجت من نطاق الخدمة بسبب القصف الإسرائيلي المتواصل.