رغم فداحة خبر الوفاة المفاجئة للعدّاء الكيني كيلفن كيبتوم، المولود عام 1999، فإن كثيرين ممن رأوا صورته للمرة الأولى لم تفاجئهم طريقة موته، بقدر ما فاجأهم عمره، فالشاب الذي بدا لكثيرين في الـ40 من عمره، لم يكن يبلغ سوى 24 عاما فقط، لكن هذا ليس حصرا على كيلفن الراحل، فقد صارت الهيئة التي تفوق العمر الحقيقي سمة مشتركة بين عدد كبير من الجيل زد، حتى إنهم راحوا يوثقونها عبر مقاطع فيديو، وتدوينات رصدوا خلالها كيف صاروا، في وقت وجيز، أكبر من أعمارهم.
تغير متسارع ليس فقط على المستوى الشكلي ولكنه شمل أيضا جوانب نفسية، وعقلية، حتى صار هذا الجيل يشكل المشاهد السياسية كالانتخابات الأميركية، ويشكل المشاهد الأدبية بملايين القراءات لكتاب غير متوقعين، وأيضا يتحكمون بشكل خفي في وسائل التواصل الاجتماعي. فما السر الحقيقي وراء الشيخوخة المبكرة لهذا الجيل؟ وكيف يكافحون الشيخوخة؟
من هو الجيل زد؟
بحسب “مركز بي للأبحاث” فإن 1996 هو العام الأخير لميلاد جيل الألفية، المولودين بين عامي 1981 و1996، بينما ينتمي أي شخص ولد في بداية 1997 فصاعدا إلى الجيل زد، والذين يبلغ أكبرهم اليوم 27 عاما.
وبحسب الموسوعة البريطانية “بريتانيكا”، فثمة سمات أساسية تجمع أبناء الجيل الذي عاصر من ولادته أحداثا كبرى من بينها الأزمة الاقتصادية العالمية 2007-2008، وأحداث 11 سبتمبر/أيلول، والجائحة العالمية “كوفيد-19″، فضلا عن الظروف المشتركة كتوفر الإنترنت، والحياة الرقمية والتقنيات المتقدمة.
لا أحد في الجيل زد يذكر الحياة قبل الهواتف الذكية مثلا، إضافة إلى الوصول المستمر للمحتوى المتدفق عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مما يجعل بعض السمات مشتركة بينهم بشكل دقيق، حول العالم، منها:
- أنهم مواطنون رقميون، شهدوا انفجار التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي، قادرون على الوصول إلى المعلومات على الفور، وقادرون على التواصل مع الآخرين، في كل مكان وزمان، مما أدى إلى اختلال توازن اليوم، ومواصلة الليل بالنهار أحيانا أمام الشاشات تحت وطأة متلازمة “الفومو” وهي حالة تدفع الأشخاص إلى الرغبة في أن يكونوا على اتصال دائم خوفا من فوات الأحداث والمعلومات، والتي يترتب عليها لاحقا حالة من القلق القهري والخوف من فقدان العلاقات الاجتماعية.
- عمليون وذوو تفكير مادي، من منطلق فترة الركود الاقتصادي، الذي عانى منه آباؤهم، والمعاناة التي عاشتها عائلاتهم في الوظائف الثابتة التي لا تدر ما يكفي، والتي تنتهي بطريقة مريعة، مما جعلهم “براغماتيين” في الغالب، أي يبحثون عن الأشياء التي تحقق أهدافهم بشكل أفضل، بصرف النظر عن الاستقرار، هكذا تخبر بعض البحوث أنهم مستعدون إلى السفر إذا تطلب الأمر، لكنهم لا يرون في الذهاب إلى المكتب بشكل يومي أمرا ضروريا، كما أنهم يغيرون وظائفهم بسهولة، ويميلون إلى المهن السريعة، أو بالأحرى المشاريع التي ينهون أحدها فينتقلون إلى الآخر بسلاسة، مما يضعهم في حالة من القلق الدائم والشعور العارم بالمسؤولية.
- يواجهون تحديات قوية بشأن صحتهم العقلية، فأكثرهم وحيدون، يقضون أوقاتا طويلة أمام الإنترنت، وسط علاقات افتراضية، مما يعزز الشعور بالعزلة والاكتئاب، وعددا من المشاكل الأخرى، بسبب وقوعهم فريسة لـ”العلاقات الوهمية”، و”المقارنة اليائسة” مع ما تقدمه وسائل التواصل الاجتماعي من نماذج مثالية.
- مستهلكون أذكياء، يتخذون قرارات الشراء بشكل مستنير، وعقب تقييم مجموعة من البدائل العديدة، قبل أن يستقروا على الاختيار الأفضل، وإن كانوا عرضة للتأثر بتوصيات المشاهير، كما أنهم ينجذبون إلى العلامات التجارية التي تتبنى وجهات نظرهم السياسية والإنسانية، مما يعني تفكيرا لوقت أطول، وجدية أكثر في التعامل مع الأمور البسيطة.
هل يشيخون بشكل أسرع حقا؟
في مقطع فيديو يظهر شاب من الجيل زد، بينما يبدو مظهره ضعف عمره، ويعترف عبر الفيديو الذي تخطت مشاهداته عدة ملايين، أنه حين يمشي إلى جوار والدته في الشارع، يظنون أنها شقيقته وليست أمه، وذلك لأنها تبدو أصغر من عمرها فعلا، كما هو الحال مع بقية أبناء جيل الألفية، الأمر ذاته تكرر غير مرة مع مقاطع فيديو مشابهة، ظهر خلالها أبناء الجيل زد يشكون من الظنون التي تطاردهم بشأن أعمارهم، بينما هم في الواقع أصغر كثيرا -بحساب السنوات- مما يبدون عليه.
@jordan_the_stallion8 #stitch with @staying up podcast #fypシ
♬ original sound – Jordan_The_Stallion8
السؤال استفز العديد من الباحثين والأطباء، الذين حاولوا إيجاد تفسيرات للأمر، من بينهم، ميرديث جونز، الأستاذة بجامعة برونيل في لندن، والتي أكدت أنه من الناحية البيولوجية، فإنهم طبيعيون من ناحية أعمارهم، أي أن العمر الحقيقي لخلاياهم وأجسادهم متوافق مع أعمارهم، أما من الناحية الشكلية، فهم بالفعل يظهرون أكبر لعدة أسباب، في مقدمتها العناية الفائقة التي يوليها من هم أكبر سنا من المشاهير لأنفسهم ولشكلهم.
إلى جانب النضج الشديد لجيل زد، والذي يمنح انطباعا عنهم أنهم أكبر عمرا مما هم عليه، فضلا عن الضغوط والمشاعر السلبية التي تعتريهم في عالم متسارع، بينما هم لا يشيخون بالطريقة التي يتصورونها، المشكلة ليست بهم، المشكلة في الأجيال السابقة عليهم والتي ترفض أن تشيخ.
مزيد من التفسيرات، جاءت على يد أطباء التجميل، من بينهم الطبيب الأميركي روس بيري، المدير الطبي لإحدى عيادات التجميل الشهيرة والذي أشار إلى لجوء عدد كبير من أبناء الجيل زد، خاصة الفتيات إلى إجراءات تجميلية، كحشو الشفاه، أو حقن البوتوكس، أو الماكياج شبه الدائم، على شكل الحواجب، والشفاه، والرموش.
وأضاف أن هذه الإجراءات مجتمعة تجعل المرء يبدو أكبر سنا، خاصة وأنه بمجرد البدء في طريق إجراءات التجميل، تصير العودة منه صعبة جدا، للشكل الطبيعي، خاصة مع استمرار بعض الإجراءات الضارة بالبشرة والتي تسهم أيضا في ظهور الجلد بمظهر عجوز، مثل السهر، والتدخين، والبقاء لساعات طويلة أمام الشاشات، فضلا عن القلق والضغوط المستمرة، وأيضا بعض العادات غير الصحية المتعلقة بالغذاء وعدم ممارسة الرياضة بانتظام.
هكذا يمكن مقاومة “المظهر العجوز”
ينصح خبراء التجميل بمجموعة من الإجراءات التي من شانها تخفيف المظهر الذي يفوق العمر الحقيقي لأبناء الجيل زد من بينها:
- التوقف عن استخدام منتجات الريتينول نظرا لأنها ذات أثر قاس على البشر وقد تأتي بنتائج عكسية.
- بدء نظام العناية بالبشرة في وقت مبكر من المراهقة مع الالتزام بالثالوث المثالي لبشرة نضرة، غسول ومرطب وواقي شمس، بداية من العقد الثاني من العمر.
- عدم اللجوء إلى إجراءات تجميلية إلا في مراحل لاحقة من العمر.
- استخدام منتجات التجميل الجلدية المناسبة للعمر، عند الحاجة فقط، وعدم المغامرة بتجربة منتجات ذات تركيبات معقدة، حيث إن أكثر زبائن عيادات التجميل من الجيل زد هم في الواقع ممن استخدموا مواد كيميائية قاسية في وقت مبكر.
- محاولة تطبيق خطط العناية بالصحة والجسد، عبر ممارسة الرياضة واتباع أنظمة طعام صحية وشرب ما يكفي من الماء.
- التقليل من التعرض للشاشات، ليس فقط للعناية بالبشرة ولكن أيضا للعناية بالحالة النفسية والتي تنعكس بشكل سلبي على المظهر العام للشخص.
- الانتباه إلى نوبات الحزن واليأس التي تدفع جيل زد إلى عادات سيئة واستهلاك منتجات عناية لا حاجة لهم بها، ونوعيات طعام تسرع من تغير مظهرهم.