شباب عرب طاردوا أحلامهم وأسسوا مشاريع لاقت النجاح

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

عمّان- خلقت الثورة الصناعية الرابعة وما رافقها من ثورة تواصل واتصال غير مسبوقة في التاريخ البشري، فرصًا استثمارية عديدة، وآفاقًا لم تكن موجودة من قبل للشباب ورواد الأعمال في مختلف أنحاء العالم بما في ذلك عالمنا العربي.

وقد استغل العديد من الشباب العربي هذه الفرص الاستثمارية الجديدة والواعدة التي وفرتها الثورة الرقمية، فأسسوا مشاريع رائدة من نوعها حققت النجاح وأصبحت مثلًا يحتذى.

ولم تكن بدايات هؤلاء الشباب سهلة، فأغلبهم لم يكن يملك المال اللازم لبدء المشروع وتحويل الفكرة الريادية الخلاقة في أذهانهم لواقع معيش، ولكنهم لم يستسلموا لشح الإمكانيات وقلة المال، ولحظات الخوف والشك من فشل المشروع، بل بدؤوا بالعمل.

باع بعضهم سيارته، وبعضهم الآخر أجّلَ مشروع زواجه، واستخدم المال الذي ادخره للزواج في سنوات العمل السابقة من أجل ملاحقة حلمه، وبدء مشروعه، وثالث كان طالبا جامعيا لا يملك سوى مصروفه اليومي.

نسلط الضوء في هذا التقرير على عددٍ من هذه التجارب الرائدة.

“زاجل” تجربة ريادية في التجارة الإلكترونية

بدأت رحلة مشروع “زاجل” في عام 2016، بفكرة بسيطة ولكن طموحة في ذهن الشاب عبدالله منير هياجنة الذي كان يدرس الهندسة في جامعة العلوم العلوم والتكنولوجيا الأردنية.

الفكرة التي كانت في ذهن عبدالله هي تأسيس منصة إلكترونية متخصصة في بيع الورود والهدايا، حيث يمكن لأي شخص إرسال هدية لأحبائه خلال دقائق معدودة، وبما أنه موقع إلكتروني فبالإمكان الطلب من جميع أنحاء العالم.

يقول عبدالله: “رؤيتي كانت أن يكون لدي مشروع خاص بي دون الحاجة للارتباط بأوقات أو مكان عمل محدد، وكنت أدرك تمامًا أهمية مواكبة العصر، والانتقال إلى التجارة الإلكترونية بدلا من التجارة التقليدية كمجال مستقبلي، بالرغم من أن التجارة الإلكترونية لم تكن منتشرة كثيرًا بالذات في المجتمع الأردني في ذلك الوقت، وكانت هذه عقبة إلا إنني راهنت على المستقبل، وعلى أن الأردن مثله مثل باقي العالم العربي متجه بذلك الاتجاه، وأنها مسألة وقت فقط”.

تحديات وجهود

وعن التحديات التي واجهها في بداية مشروعه، يقول عبدالله: “واجهت تحديات كبيرة في بداية مشروعي، والتي كان في مقدمتها التكاليف المادية الكبيرة، وعدم وجود المال، فقد كنت طالبا على مقاعد الدراسة، ولم أكن أملك سوى مصروفي اليومي”.

كان عبدالله يحتاج للمال من أجل تأمين البضائع والمنتجات، ولتصميم وبرمجة موقع إلكتروني، وللتسويق الرقمي عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومحركات البحث.

لكن الهياجنة كان مقتنعا أن الاستثمار لا يقتصر على المال فقط، ولكن الأهم منه هو “الاستثمار بالذات وتطوير المهارات الفردية، وتعلم البرامج الجديدة”.

اعتمد عبدالله على نفسه، وأخذ بتعلم البرمجة والتصميم الغرافيكي وطرق التسويق الرقمي مستفيدًا من الموارد المجانية على شبكة الإنترنت.

ويوضح عبدالله: “تعلم هذه المهارات بنفسي سمح لي بخفض التكاليف الأساسية للمشروع بشكل كبير، حيث لم أحتج إلى توظيف أو استخدام أي شخص لبناء متجري الإلكتروني وتسويقه”.

التحدي الآخر الذي واجه عبدالله هو عدم وجود المال أو المخازن اللازمة لشراء وتخزين الورد والهدايا التي يسوقها متجره الرقمي، بدلًا من ذلك استخدم الهياجنة إستراتيجية “الشحن المباشر” والتي تعتمد على توجيه الطلبات المباشرة إلى موردين أو مصنعين للمنتجات دون الحاجة إلى القيام بشرائها وتخزينها بشكل مسبق مثل المتاجر المحلية التقليدية.

بوادر النجاح

وعن بوادر النجاح يقول عبدالله “رغم التحديات التي واجهتها في البداية، لم أكن بحاجة لانتظار وقت طويل لبدء رؤية نجاح مشروعي، فبعد أن تعلمت مهارات التسويق الإلكتروني وطرق الاستهداف، قمت بتطبيقها على موقعي الإلكتروني (والذي صممه بنفسه)، واستهداف الفئة المناسبة”.

الهياجنة: لا تنتظروا حتى تمتلكوا رأس المال الكبير، بل استثمروا في أنفسكم وتعلموا المهارات اللازمة لبناء مشاريعكم. العصر الرقمي يفتح الأبواب أمامكم لتحقيق أحلامكم، وتحويل أفكاركم إلى واقع ملموس

وضع الشركة حاليا ونصائح للشباب العربي

وعن وضع الشركة حاليا يقول عبدالله: “بفضل نجاح “زاجل” في الأردن، واكتساب الخبرة الكبيرة والمهارات التي تعلمتها ومازلت أتعلمها، قررت توسيع دائرة العمل لتشمل السعودية، وفلسطين، ودبي، والولايات المتحدة الأميركية، ولدي حاليا مكتب في العاصمة الأردنية عمان، وفريق عمل مكون من 18 فردًا، وتمكنا من بناء شبكة توصيل هدايا واسعة في هذه الدول”.

ويخطط الهياجنة للتوسع في دول الاتحاد الأوربي حيث قام بزيارة لإسبانيا وإيطاليا والنمسا، وعقد شراكات مع بعض المتاجر في هذه الدول.

أما عن نصائحه للشباب العربي فيقول عبدالله: “نصيحتي للشباب العربي الطموح هي أن يواكبوا التطورات الحديثة، ويبدؤوا مشاريعهم الخاصة، لا تنتظروا حتى تمتلكوا رأس المال الكبير، بل استثمروا في أنفسكم وتعلموا المهارات اللازمة لبناء مشاريعكم. العصر الرقمي يفتح الأبواب أمامكم لتحقيق أحلامكم، وتحويل أفكاركم إلى واقع ملموس، واستغلوا كل فرصة لتحقيق النجاح في عالم الأعمال الحديث”.

“سجايا” بدأت بفكرة وصارت شركة كبرى

مشروع آخر بدأ بفكرة لدى شاب صغير حديث التخرج كان يخطط للزواج، ويعمل موظفا في إحدى الشركات بالعاصمة الأردنية عمان، ولكنه أجّلَ زواجه، وطارد حلمه حتى ولدت شركة “سجايا للبرمجيات” لتغدو في سنوات قليلة واحدة من الشركات التقنية المرموقة في العالم العربي.

سجايا

يقول المهندس إياد الشلة المدير الإقليمي لشركة سجايا: “كنت أعمل أنا وصديقي أحمد فرهودة في شركة تقنية لديها العديد من الخدمات التكنولوجية والبرامج، وكنا نقدم حلول الأعمال والتكنولوجيا للشركات، ولكننا كنا دائما نواجه مشكلة في التدفقات المالية للشركة مما يضطرها لتأخير الرواتب، وعدم دفعها في الوقت المحدد، كما كنا نواجه تحديا آخر يتمثل في رفع مستوى الخدمات بحيث يتم تقديمها بطريقة أفضل للعملاء”.

قرر الصديقان تأسيس شركة تلبي طموحاتهما “ونستطيع من خلالها تطبيق أفكارنا وتحويلها إلى أرض الواقع، وبالفعل أسسنا الشركة في عام 2004 لتبدأ رحلة النجاح”، يقول الشلة.

تحديات وعقبات

وعن أهم التحديات التي واجهتهم يقول المهندس إياد: “كان توفير المال أهم العقبات فقد كنت موظفا صغيرا حينها أعمل براتب محدود. وللتغلب على هذه العقبة سحبت المبلغ المدخر للزواج الذي وفرته في سنوات العمل القليلة السابقة، وأجلت مشروع الزواج، كما قام صديقي ببيع سيارته، ودخل معنا صديق ثالث اقتنع بفكرة المشروع، وقام باستدانة مبلغ من المال كي يدخل شريكا معنا”.

ويواصل المهندس الشلة حديثه عن مرحلة البدايات: “عملنا دراسة جدوى للمشروع، وكانت الحاجة لرأس المال ملحة، فلم تكفِ المبالغ التي وفرناها بشق الأنفس، وكنا نحتاج لمبلغ أكبر للبدء بقوة”.

استغل الشركاء شبكة العلاقات العامة التي بنوها مع رجال الأعمال خلال سنوات عملهم السابقة، فعرضوا المشروع على “عدد من رجال الأعمال لديهم ثقة بنا من خلال عملهم معنا سابقا، وبالفعل اقتنع أحد رجال الأعمال بفكرة المشروع، وقبل عرضنا، وشارك بمبلغ من المال كنا بأمس الحاجة إليه مقابل حصة في الشركة، وبدأنا بالعمل فورا”.

قدم الشركاء استقالاتهم من الشركة التي كانوا يعملون بها، واستأجروا مكتبا صغيرا، وأثثوه بأثاث بسيط، ووظفوا 5 موظفين للعمل معهم ومساعدتهم.

يقول المهندس الشلة: “كنا نقوم نحن بجميع الأعمال التقنية والمالية وعمليات الشراء والبيع، ومع الوقت بدأنا بكسب ثقة عملائنا، وازدادت مبيعاتنا بفضل الله”.

برمجة العقل

تطور وتوسع

وعن تطور الشركة يقول المهندس إياد: “في عام 2008 واجهنا تحديا جديدا مع تطور طلبات العملاء، وحاجتهم إلى برامج عالمية متطورة لرفع إنتاجية العمل، وتتوافق مع احتياجات العملاء المحلية من حيث القوانين ودعم اللغة العربية، بالإضافة الى توافرها بأسعار مناسبة”.

ويواصل المهندس إياد: “أجرينا بحثا هدفه تطوير منتج عربي منافس للمنتجات التي تقدمها الشركات العالمية، ويلبي احتياجات المنطقة العربية، وبالفعل قمنا بالشراكة مع شركة برمجيات لديها منتج محلي يسمى “برنامج تخطيط موارد المنشآت “إي آر بي” (ERP) ولكن البرنامج كان بحاجة لتطوير، وهو ما بدأنا بالعمل عليه حيث قمنا بتطوير البرنامج من خلال خبراتنا المكتسبة، وكذلك استعنا بخبراء ومستشارين في عدة مجالات إلى أن أصدرنا أول نسخة من البرنامج في عام 2010″.

وعن توسع الشركة بعد تطوير البرنامج يقول المهندس إياد: “استعنا في البداية ببعض الشركات العالمية لتسويق المنتج في البلدان العربية، كما استعنا بدراسات استشارية لتحديد البلدان الأفضل في الاستثمار.

ويضيف “انطلقنا من الأردن، وشاركنا في أكبر معارض التكنولوجيا في البدان العربية، وأسسنا في البداية فرعا للشركة في المملكة العربية السعودية، واليوم لدينا أكثر من 50 موظفا، ووصل حجم مبيعاتنا إلى أكثر من 8 ملايين دولار سنويًا، ونقدم خدماتنا في أكثر من 17 دولة عربية، ونسعى دائما للتطوير والتميز بخدماتنا للوصول إلى العالمية إن شاء الله”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *