تتجه الأنظار مجددا نحو العاصمة الفرنسية باريس حيث تبدأ محادثات لبحث التوصل إلى صفقة تبادل وتهدئة في قطاع غزة، وهي المحادثات التي يشكك محللون سياسيون في إمكانية تحقيقها أي اختراق بسبب تعنت رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.
وبرأي الأكاديمي والخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور مهند مصطفى فقد أرسل نتنياهو وفدا إلى باريس بقيادة رئيس جهاز الاستخبارات الخارجية (الموساد) ديفيد برنيع، ورئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار، تحت ضغط الإدارة الأميركية وضغط الداخل الإسرائيلي وخاصة أهالي المحتجزين لدى المقاومة الفلسطينية في غزة.
ويراهن نتنياهو -يضيف الأكاديمي والخبير- على تراجع موقف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) من محادثات التوصل إلى صفقة تبادل وتهدئة في غزة، مقارنة بالشروط التي وضعتها في السابق في القاهرة.
وفي تصور نتنياهو أن سياسية التجويع التي يمارسها ضد الفلسطينيين في غزة وتلويحه بهجوم عسكري على رفح (جنوب قطاع غزة)، كل ذلك دفع حركة حماس لمراجعة موقفها.
و قال القيادي في الحركة أسامة حمدان في مؤتمر صحفي اليوم “تعاملنا بروح إيجابية مع مقترحات الوسطاء على أساس وقف العدوان على غزة ورفع الحصار، ونتنياهو يماطل ويراوغ ويهدف لتعطيل التوصل إلى اتفاق”.
وقال الأكاديمي والخبير إن نتنياهو يريد صفقة ويريد تهدئة في غزة، ولكن بشروطه هو، ومن أهمها “أن لا يتم في المرحلة الأولى من التهدئة أي التزام إسرائيلي أو دولي بوقف إطلاق النار، بحيث تستمر إسرائيل في عملياتها العسكرية في غزة، وأن لا يتم إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين”.
وما يؤكد نوايا رئيس الوزراء الإسرائيلي هو أنه في الوقت الذي أرسل وفدا إلى باريس ومنحه صلاحيات، يضع خطة سياسية لما بعد الحرب على قطاع غزة تتعارض تماما مع المطالب الوطنية الفلسطينية في حدها الأدنى، كما يؤكد الأكاديمي والخبير الذي لم يستبعد -في حديثه لبرنامج “غزة.. ماذا بعد؟”- أن يكون نتنياهو يعمل على إفشال المباحثات في باريس بشأن التوصل إلى صفقة تبادل وتهدئة في قطاع غزة.
ومن جهته، يعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية، الدكتور حسن أيوب أن نتنياهو استبق الجولة الجديدة من المباحثات بخطوتين، الأولى هي القرار الذي اتخذ في الحكومة وتم التصويت عليه في الكنيست، والخاص برفض قطعي لقيام دولة فلسطينية غربي نهر الأردن.
والخطوة الثانية تتعلق بالوثيقة التي أعلنها نتنياهو ووضع فيها الخطوط العريضة لتصوراته لما بعد الحرب على غزة، والتي بندها الأساسي هو استمرار العدوان على قطاع غزة والإصرار على البقاء عسكريا وأمنيا في القطاع وعدم إنهاء الحصار.
وخلص أيوب إلى أن نتنياهو أرسل وفده تلبية لضغوط أميركية، ولكنه “وضع العربة أمام الحصان” ووضع شروطه المسبقة، مما يعني أنه لا فرصة حقيقية لحدوث انفراج، وقال “كما نسف نتنياهو قرار محكمة العدل الدولية المتعلق بغزة، فسيستمر في تعنته بدعم من الإدارة الأميراكية ليحصل على صفقة يستطيع تسويقها أمام حكومته اليمينة المتطرفة”.
ويشار إلى أن الجولة السابقة من مفاوضات باريس انتهت دون تحقيق تقدم وسط خلافات بين نتنياهو وقادة أمنيين بشأن صلاحيات التفاوض. وهذه المرة قالت وسائل إعلام إسرائيلية إن وفد إسرائيل الذي يتزعمه مدير الاستخبارات يتمتع بصلاحيات واسعة في إدارة العملية التفاوضية.