ما تأثير الغارات الأميركية البريطانية والعقوبات على الحوثيين؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

صنعاء- عند التاسعة من مساء الثالث من فبراير/شباط الجاري، دوى انفجار عنيف في مجمع دار الرئاسة بالعاصمة صنعاء، شعر بسام أن منزله يوشك أن يقع على رأسه، وهو ما ذكّره بندوبه التي أُصيب بها جراء تهشم النوافذ في حادث مماثل قبل سنوات.

بعد دقائق، كان يتصفح خبرا قالت فيه جماعة الحوثيين إن “المقاتلات الأميركية والبريطانية جددت قصفها على المدينة”. يقول بسام، الذي يسكن بالقرب من المجمع الرئاسي الممتد على مساحة واسعة، إن “مقاتلات التحالف العربي سبق أن قصفت المكان نفسه على مدى 8 أعوام، فما الذي يمكن أن يبقى هناك؟”.

وبعد أكثر من شهر على القصف الجوي المستمر، تُجادل واشنطن بأن عملياتها ستوقف هجمات الحوثيين على السفن في البحر الأحمر وبحر العرب، بينما يشنّ الحوثيون منذ 19 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، هجمات على سفن تجارية يشتبهون بأنها مرتبطة بإسرائيل أو متجهة إلى موانئها، ويقولون إن ذلك يأتي دعما لقطاع غزة الذي يشهد حربا تشنها إسرائيل منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

الأهداف والخسائر

حتى الأسبوع المنصرم، أحصت جماعة الحوثيين 403 غارات، في حين تكتمت على طبيعة الأهداف والخسائر، عدا عن بيانات محدودة أفادت فيها بتشييع ما لا يقل عن 23 شخصا معظمهم من الضباط.

ولم تسفر الضربات عن سقوط مدنيين، إذ يعود ذلك إلى طبيعة الأهداف العسكرية. ويقول شهود عيان إن الغارات تستهدف مواقع قصفتها قوات التحالف، مثل قاعدة الديلمي الجوية وجبل عطان ومجمع الرئاسة، وفي مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، التي شهدت كثافة للضربات الجوية، يقول شاهد عيان إن معسكرات الحوثيين وتحركاتهم وآلياتهم في المدينة معروفة للجميع، غير أنها لم تُستهدف.

لكن مصدرا عسكريا في القوات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دوليا، يقول إن الضربات استهدفت -في الغالب- منصات إطلاق صواريخ وطائرات مسيّرة، مشيرا إلى أنها أسفرت عن قتلى من الجماعة ومن الخبراء الأجانب.

ودرجت الحكومة اليمنية، التي تخوض مواجهات منذ نهاية 2014 مع الحوثيين الذين سيطروا على العاصمة صنعاء، على اتهام إيران وحزب الله بدعمهم بالأسلحة والخبراء. كما قال تحليل لوكالة استخبارات الدفاع الأميركية إن الحوثيين استخدموا صواريخ مختلفة وطائرات بدون طيار إيرانية المنشأ.

ولم ترد القيادة المركزية للقوات الأميركية على استفسار الجزيرة نت حول ما الذي استهدفته خلال الأيام المنصرمة، لكن بياناتها المنشورة تشير إلى أنها دمرت قاذفات صواريخ أرض جو وصواريخ كروز مضادة للسفن وطائرات مسيّرة وسفنا سطحية متنقلة غير مأهولة.

ويقول الخبير العسكري محمد الكميم، للجزيرة نت، إن “الضربات الجوية ليست ذا قيمة عسكرية تحد من قدرات الحوثيين، وإن أكبر ما يمكن أن تفعله هو أن تضعف من قدرات هجماتهم في البحر الأحمر”.

جهود السلام

وبدت الضربات الجوية غير ناجعة، إذ صعّد الحوثيون من هجماتهم على السفن مستخدمين أسلحة متطورة، من بينها سفينة تحت الماء، كما أسقطوا طائرة من طراز “إم كيو 9” (MQ9) الأميركية، وأغرقوا سفينة في بحر العرب مؤخرا، لتدرج واشنطن الجماعة في ما تسميها “قائمة الإرهاب”، في مسعى منها للسيطرة على سلوك الجماعة.

لكن التصنيف الأميركي يثير المخاوف من انهيار الجهود الساعية لتحقيق السلام الذي يُعتقد أنه بات وشيكا. وحذر المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ مجلس الأمن من تباطؤ وتيرة تلك الجهود التي رعتها الأمم المتحدة، إذ سيكون من الصعب التفاوض مع “جماعة مصنفة إرهابيا”.

لكن المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام قال للجزيرة نت إن “التفاهمات مع السعودية، والهدنة التي رعتها الأمم المتحدة لا تزال قائمة، وملف البحر الأحمر مستقل عن الشأن السياسي، وإن حاولت أميركا وبريطانيا ربطهما”. ويضيف “‏التأخير في توقيع الاتفاق ليس من طرفنا، بل من الطرف السعودي، وهو لا يصب في مصلحة التفاهمات الثنائية”.

ويقول عبد السلام إن “الولايات المتحدة وبريطانيا قد تستغلان هذا التأخير”، مضيفا “نرحب بالاستجابة السعودية لسرعة توقيع الاتفاق ونتمنى أن يكون ذلك قريبا”، وكان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان قال -في تصريحات صحفية- إن بلاده مستعدة للتوقيع على خريطة الطريق الأممية في أقرب فرصة ممكنة.

مخاوف

من جانبها، تحذر الأمم المتحدة من أن التصنيف الأميركي قد يؤثر على تدفق المساعدات الإنسانية والواردات التجارية للبلد الذي مزقته الحرب، في الوقت الذي يحتاج فيه أكثر من 18 مليون شخص مساعدات عاجلة.

وتحدث مصرفيون للجزيرة نت عن مخاوفهم من إيقاف تدفقات الأموال لليمنيين من الخارج، التي تمثل مصدر دخل رئيسيا. في حين بدأت الشبكات المالية بإيقاف بعض خدماتها، كما ضاعفت المخاطر من كلفة التأمين على السفن، لتنعكس في زيادة هائلة على الأسعار.

وكانت الخارجية الأميركية قالت إن “واشنطن عملت مع قطاعي الشحن والمالية، بالإضافة إلى منظمات المساعدات الإنسانية، لتقليص التأثير على الشعب اليمني، وتوعيتهم بالمعاملات المسموح بها، على الرغم من العقوبات”.

لكن المتحدث باسم الحوثيين محمد عبد السلام يقلل من هذه الخطوة، ويقول إنها “لن تقدم أي جديد، لأن أميركا استهدفت اليمن في الشأن الاقتصادي والمعاملات المصرفية والبنوك وغيرها منذ عام 2015 و2016، والهدف هو ثني اليمن وإضعافه بسبب موقفه المساند للشعب الفلسطيني”.

ويضيف أن “الإجراءات الأميركية، سواء بالعمليات العسكرية أو التصنيف في قائمة الإرهاب، لن تغير موقفنا على الإطلاق، بل ستزيدنا ثباتا وتمسكا وصلابة في موقفنا المساند للشعب الفلسطيني المظلوم والتمسك به والاستمرار فيه”.

غير أن اليمنيين الذين يكافحون أزمتهم اليومية لم يعودوا مكترثين للقصف أو العقوبات، ويقول المواطن بسام للجزيرة نت “لم يعد يهمنا، فليقصفوا أينما أرادوا، وليصنفوا من أرادوا”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *