سراييفو.. “غرفة تضامن” مع غزة في متحف الإبادة البوسنية

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

يحتفظ متحف “الجرائم ضد الإنسانية والإبادة الجماعية” في العاصمة البوسنية سراييفو، بذكريات ضحايا الإبادة الجماعية الذين قتلوا في حرب 1992-1995، ويتيح لزائريه فرصة إرسال رسالة تضامن إلى سكان قطاع غزة الذين يتعرضون لهجمات إسرائيل التي تقاضى أمام محكمة العدل الدولية بتهمة “الإبادة الجماعية”.

ويحتوي المتحف مقتنيات شخصية للمدنيين الذين تعرضوا لمختلف أنواع التعذيب والإبادة الجماعية في معسكرات الاعتقال التي أقيمت في مختلف مدن البوسنة والهرسك خلال الحرب، بالإضافة إلى مشاهد الجرائم المرتكبة بحق البوسنيين.

المتحف الذي افتتح عام 2016 يعد أحد أهم مقاصد السياح الوافدين إلى سراييفو، وينقل لزواره ذكريات الإبادة الجماعية في سريبرينيتسا، والمجازر الكبرى وجرائم الحرب التي وقعت في مدن أخرى بالبلاد.

كما يضم المتحف، الذي يسلط الضوء على ما حدث في البوسنة والهرسك بين 1992 و1995، “غرفة رسائل” تتيح للزوار فرصة كتابة رسائل تضامن مع سكان قطاع غزة الفلسطيني.

ويوجد في الغرفة رسائل تضامن متعددة منها “فلسطين حرة”، “أوقفوا الإبادة الجماعية” و”نريد وقف إطلاق النار الآن”.

من التاريخ للمستقبل

وفي مقابلة مع وكالة الأناضول، قالت مشرفة المتحف بيلما زوليتش إن هذا المتحف يهدف إلى “إبقاء الحقيقة حية في ذاكرة الأجيال”.

وسردت زوليتش أوجه التشابه بين ما حدث في حرب البوسنة والهرسك قبل أكثر من 30 عاما وما يحدث اليوم في قطاع غزة، وأهمية “غرفة الرسائل”.

وقالت ​​إن وراء فكرة إنشاء المتحف مجموعة من الأشخاص الذين لا يريدون أن يبقى عدد القتلى في حرب البوسنة والهرسك مجرد إحصاءات فقط.

وأضافت أن الأشخاص الذين أشرفوا على إنشاء المتحف، يهدفون إلى ضمان عدم نسيان ما حدث من مجازر في البوسنة والهرسك خلال سنوات الحرب.

وتابعت زوليتش “ما يتم التركيز عليه بشكل خاص في متحفنا هو القصص الشخصية للضحايا. كما أننا نناضل من أجل السلام، لأننا نستطيع بناء مجتمع أفضل ومستقبل أفضل من خلال التعلم من ماضينا”.

وأردفت “من خلال ما يتضمنه متحفنا من حقائق تاريخية عن الإبادة الجماعية والهجمات التي حدثت في البوسنة والهرسك قبل حوالي 30 عاما، يمكننا أن نرى أوجه تشابه كبيرة بين ما يحدث اليوم في غزة وما حدث في البوسنة والهرسك، وللأسف نرى أن البشرية لم تستخلص الكثير من الماضي”.

غزة والبوسنة

وأشارت زوليتش إلى أن العديد من الأطفال والنساء فقدوا أرواحهم خلال الهجمات الإسرائيلية على غزة، وأن هذا ما حصل أيضا في حرب البوسنة.

كما لفتت إلى وجود نقص حاد في المياه والغذاء، وانتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان في قطاع غزة الفلسطيني حاليا، وأن هذا الوضع حدث أيضا في حرب البوسنة.

وقالت زوليتش ​​إن “الناس في البوسنة والهرسك واجهوا أيضا صعوبات معيشية مثل نقص الغذاء والماء والدواء واستحالة تلقي المساعدات والدعم الإنساني. ونحن نرى أن هذا الوضع يتكرر حاليا في غزة”.

وتعد مجزرة سريبرينيتسا الأسوأ في أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية، حيث قتلت القوات الصربية أكثر من 8 آلاف بوسني من الرجال والفتيان الذين تراوح أعمارهم بين 12 و72 عاما من أبناء سريبرينيتسا من المُسلمين البوشناق.

لكن الجريمة لم تقتصر على الرجال والفتيان، فقد قتلت قوات صربية مئات الأطفال والنساء بعدما سمحت لهم بالخروج من المنطقة وهم في طريقهم للبحث عن مكان آمن.

ودفن الصرب القتلى البوسنيين في مقابر جماعية، وبعد انتهاء الحرب أطلقت البوسنة أعمال البحث عن المفقودين وانتشال جثث القتلى من المقابر الجماعية وتحديد هوياتهم.

ودأبت السلطات البوسنية في 11 يوليو/تموز من كل عام على إعادة دفن مجموعة من الضحايا الذين تم تحديد هوياتهم، في مقبرة “بوتوتشاري” التذكارية.

غرفة التضامن

وصرحت زوليتش ​​بأن سكان غزة يتمتعون بمهارات كبيرة، مثل شعب البوسنة والهرسك، مضيفة “المعدات المعروضة في المتحف والتي تم تصنيعها يدويا مثل عجلات الدراجات الهوائية لتوليد الكهرباء خلال حرب البوسنة، والمنتجات المصنوعة من أكياس المساعدات الإنسانية، تُصنع اليوم أيضا في غزة”.

وأضافت “يحتوي متحفنا غرفة تتيح للزوار ترك رسائل تضامن مع ضحايا الإبادة الجماعية، نحن فخورون حقا بأن متحفنا بات مصدر إلهام لإنهاء الإبادة الجماعية، والدعوة إلى السلام، وفهم الحاجة إلى السلام”.

وأكدت مشرفة المتحف وجوب إدراك العالم بأسره الحاجة الحقيقية إلى حماية المدنيين والضحايا.

وأشارت إلى أن الإنسانية يمكن أن ترى ما يحدث في غزة من خلال الشاشات والهواتف، مضيفة “لا يزال هناك القليل جدا من الجهود المبذولة لمنع الإبادة الجماعية والتطهير العرقي وانتهاكات حقوق الإنسان في غزة، وعلينا التحرك قبل فوات الأوان”.

وللمرة الأولى منذ عام 1948، تخضع إسرائيل حاليا لمحاكمة أمام محكمة العدل الدولية (مقرها في مدينة لاهاي بهولندا)، أعلى هيئة قضائية في الأمم المتحدة، بتهمة ارتكاب جرائم “إبادة جماعية” بحق الفلسطينيين، إثر حربها المستمرة على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.

كما تعقد المحكمة حاليا جلسات استماع لأكثر من 50 دولة، تمهيدا لإصدار رأي استشاري طلبته الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن التبعات القانونية الناشئة عن سياسات وممارسات إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *