أثارت التصريحات الإسرائيلية التي أشارت إلى أن حركة حماس، المصنفة إرهابية لدى الولايات المتحدة ودول أخرى، تبحث عن بديل لقائدها في غزة، يحيى السنوار، عدة تساؤلات عن من هم “بدائل مهندس هجوم ٧ أكتوبر”، ومدى إمكانية توقف الحرب إذا حدث هذا التغيير، وهو ما يكشفه مختصون تحدث معهم موقع “الحرة”.
“بديل للسنوار”؟
والأحد، قال وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، إن “حركة حماس بدأت تبحث عن بديل لزعيمها، يحيى السنوار، في ظل انقطاع الاتصالات معه بشكل كامل”.
وخلال جلسة لتقييم الأوضاع في مقر قيادة المنطقة الجنوبية الإسرائيلية، أكد أن “حماس لا تثق في قادتها، وفرع حماس في غزة لا يرد، ولا يوجد قادة في الميدان للتحدث معهم وهذا يعني أن هناك مناقشات لتحديد من يدير القطاع”، بحسب صحيفة “جيروزاليم بوست”.
وتبحث قيادة حماس في الخارج عن بديل للسنوار في قطاع غزة، حيث تم تفكيك كتائب الحركة في خان يونس، والهجوم على رفح” يلوح في الأفق”، وفق ما ذكرته صحيفة “تايمز أو إسرائيل”.
ما وراء “تصريحات غالانت”؟
يحيى السنوار، هو قائد الحركة في غزة، ووصفه الجيش الإسرائيلي، بأنه “رجل ميت يمشي”، قاصدا الهدف المتعلق بقتله، وتؤكد إسرائيل أنه “مهندس هجوم 7 أكتوبر”.
وتتعهد إسرائيل بالقضاء على “حماس”، لكن مسؤولين في المنطقة أكدوا أن “الحركة وزعيمها في غزة، يحيى السنوار، سيقاتلان حتى الموت بدلا من الاستسلام أو العيش في الخارج”، وفق وكالة رويترز.
ورفضت وحدة المتحدثين باسم الجيش الإسرائيلي التعليق لموقع “الحرة” على تصريحات وزير الدفاع أو توضيح ما كانت “تقديرات أو معلومات استخباراتية”.
ومن جانبه، يشير المحلل السياسي الإسرائيلي، مردخاي كيدار، إلى أن تصريحات وزير الدفاع “تستند إلى معلومات استخباراتية”.
وبسبب “انقطاع الاتصالات والضغوط الإسرائيلية”، لا يستطيع عناصر وقادة حماس التواصل بالداخل أو الخارج، وفق حديثه لموقع “الحرة”.
ويعتقد كيدار أن “السنوار منفصل حاليا عن عناصر وقادة حماس بالداخل والخارج، ما يدفع نحو اختيار بديل له يستطيع إدارة العمليات الداخلية والتنسيق مع المكاتب الخارجية للحركة”.
وتحاول الحركة حاليا البحث عن بديل للسنوار، ليكون قائدا جديدا لما تبقى من “عناصر حماس”، على حد قول المحلل السياسي الإسرائيلي.
أما المحلل السياسي الإسرائيلي، شلومو غانور، فيعتقد أن تصريحات وزير الدفاع تستند إلى “تقييم للأوضاع المختلفة”، لكنه لا يستعبد أيضا أن تكون في سياق “الحرب النفسية”.
وتصريحات غالانت بمثابة “رسائل موجهة للداخل الإسرائيلي وكذلك المجتمع الفلسطيني ككل، وعناصر حماس بشكل خاص”، وفق حديث غانور لموقع “الحرة”.
على جانب أخر، يرى المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، أن “إسرائيل تمارس حربا نفسية على عناصر حماس”.
وحتى اللحظة، فالسنوار هو “المسيطر على الحركة في غزة، ويدير العمليات هناك في مواجهة الجيش الإسرائيلي، ولا يوجد حديث عن البحث لبديل له”، وفق حديثه لموقع “الحرة”.
ويشدد الرقب على أن من يقود العمليات العسكرية لحماس على الأرض، هو قائد “كتائب القسام”، محمد الضيف، والرجل الثاني بالكتائب، مروان عيسى، بينما يدير العمل السياسي، السنوار.
ولم يستطيع الجيش الإسرائيلي الوصول إلى أحد من الرجال الثلاثة، حسبما يشير المحلل السياسي الفلسطيني.
وفي سياق متصل، يشدد المحلل السياسي الفلسطيني المقيم في باريس، عادل الغول، على أن “جميع عناصر وقيادات حماس بغزة، أما يخوضون معارك أو محاصرين، أو يتعرضون للقصف، أو يتواجدون تحت الأنفاق”.
وفي حديثه لموقع “الحرة” يتساءل “من الذي يجتمع للبحث عن بديل؟”، لكنه يقول “إذا صدقت الرواية الإسرائيلية بكون السنوار في وضع صعب فذلك يمثل مشكلة كبيرة داخل حماس”.
ويشير إلى أن “أهمية السنوار لا تتعلق فقط بكونه زعيم حماس في غزة، لكن نظرا لكونه المسؤول عن الجهاز العسكري للحركة”.
وإذا قتل السنوار أو تم استبداله فإن “الجهاز العسكري لحماس سوف يتأثر بشكل كبير جدا، وقد يصل لحد الانهيار”، وفق الغول.
ويؤكد الغول أن السنوار يمتلك “جميع خيوط اللعبة لدى حماس، سواء على المستوى السياسي أو العسكري، وهو المسيطر والمسؤول عن الحصول على التمويل للحركة”.
وبالتالي فعدم وجود السنوار بشكل أو بآخر وسط الحرب “مشكلة كبيرة لحماس، والبحث عن بديل سوف يتسبب بأزمة كبيرة لدى الحركة”، حسب المحلل السياسي الفلسطيني.
هل يوجد “بديل للسنوار”؟
ويحرك حركة حماس “كيانان”، وهما مكتبها السياسي في قطر وذراعها التنفيذية في غزة.
وفي الدوحة، يترأس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، أما في غزة، فيحيى السنوار، هو رئيس المكتب السياسي للحركة وقيادي بارز في ذراعها العسكرية “كتائب القسام”.
وأمضى السنوار أكثر من 20 عاما في السجون الإسرائيلية قبل إطلاق سراحه عام 2011، وفي عام 2017، تم اختياره ليحل محل هنية زعيما للحركة داخل غزة.
ويرى كيدار أن “الحركة سوف تنقسم حول اختيار بديل للسنوار”، ويقول:” لا نعلم من بقي من قيادات الداخل على قيد الحياة”.
ويتساءل” هل سيكون من الداخل أم الخارج؟، وهل سيوافق الجانبين على اختياره”؟
أما غانور، فيرى أن اختيار بديل للسنوار، يتوقف على اختيار “مجلس الشورى التابع لحماس”، والذي “قد ينجح في اختيار مرشح ممن مازالوا على قيد الحياة بقطاع غزة، أو نجوا من المعارك، أو لديهم فرصة للبقاء على قيد الحياة هربا من الملاحقات الإسرائيلية”.
ويشير المحلل السياسي الإسرائيلي إلى أن القوات الإسرائيلية قتلت العديد من عناصر وقيادات “القسام”، وبالتالي من سيكون على استعداد لتحمل المسؤولية والمخاطرة بحياته إذا تم انتخابه.
وتمتلك حماس 24 كتيبة في غزة، قامت القوات الإسرائيلية بتفكيك 18 منها، وفق ما أعلنه الجيش الإسرائيلي، الجمعة.
ولذلك فكل اسم سيتم “الإعلان عنه سيكون مستهدفا علنيا من قبل إسرائيل”، وفق غانور.
لكن على جانب أخر، يشير الغول إلى أن “حماس لديها هيكلية واضحة، بوجود مكتب سياسي بالداخل والخارج”.
ويوضح المحلل السياسي الفلسطيني أن هنية “على علم ودراية بجميع الأمور داخل غزة بالكامل”، وكذلك خليل الحية، الذي يشغل منصب نائب رئيس حركة حماس.
ويمتلك هنية والحية “نفوذا كبيرا داخل قطاع غزة ولديهم تواصل دائم مع القيادات داخل القطاع”، وبالتالي فالرجلين يستطيعان أن يكونا “بديل سياسي للسنوار”، حسبما يؤكد الغول.
وتستطيع حماس العودة إلى “هيكلتها القديمة ما قبل تعيين السنوار”، وسيكون هنية رئيس المكتب السياسي للحركة بأكملها، وفق المحلل السياسي الفلسطيني.
وفيما يتعلق بالجهاز العسكري، فإن مروان عيسى هو من يقود فعليا “عمليات القسام على الأرض”، حسبما يوضح الغول.
ويشير إلى أن لدى القسام “كتائب متماسكة وقوية، أبرزها الموجودة في رفح وخان يونس، ويقودها محمد السنوار”.
ومحمد السنوار هو شقيق يحيى السنوار، ويقود “لواء الجنوب” الذي يعد الأكثر أهمية في كتائب القسام.
ومن جانبه، يشير الرقب إلى أن “كتائب القسام لديها قواعد في جميع أنحاء غزة بالإضافة إلى أعضاء في أنحاء الضفة الغربية”.
ويقول إن “القوة العسكرية لحماس تتراوح بين 50 إلى 60 ألف مقاتل، وخلال الحرب في غزة سقط قرابة 30 ألف قتيل، بينهم 23 ألف طفل وامرأة”.
وبالتالي فكتائب القسام “لازلت متماسكة”، وحماس استطاعت “إدارة المعركة بشكل صحيح”، وفق المحلل السياسي الفلسطيني.
هل تتوقف الحرب؟
وقال أربعة من المسؤولين المطلعين على الخطط الإسرائيلية لوكالة رويترز، إن إسرائيل تتوقع مواصلة العمليات العسكرية الشاملة في قطاع غزة لمدة تتراوح من ستة إلى ثمانية أسابيع أخرى إذ تستعد لشن غزو بري لمدينة رفح في أقصى جنوب القطاع الفلسطيني.
ويشير غانور إلى أن “الحرب سوف تستمر حتى القضاء على جميع قادة حماس، بالجناح السياسي أو العسكري على حد سواء”، وهذا من الأهداف الرئيسية للحرب.
وهناك اجماع إسرائيلي على ملاحقة حماس بوصفها “فصيل متطرف لا يمكن التسليم بوجوده”.
وفي سياق متصل، يشدد كيدار على أن “إسرائيل لن تتخلى عن هدفها المعلن بالقضاء على حماس”.
وسوف تستمر إسرائيل بعملياتها العسكرية في قطاع غزة، حتى القضاء على حماس، وفق المحلل السياسي الإسرائيلي.
ويتفق معه الرقب الذي يؤكد أن “الجيش الإسرائيلي لم ينجح في تحقيق أهدافه خلال الحرب حتى الآن، ما يعني استمرار المعارك العسكرية لمدة أطول”.
وقد تمتد الحرب في غزة لعدة أشهر أخرى، وفق تقديرات المحلل السياسي الفلسطيني.
واندلعت الحرب في قطاع غزة إثر هجوم حركة حماس غير المسبوق في إسرائيل في السابع من أكتوبر الذي أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم مدنيون، وبينهم نساء وأطفال، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل “القضاء على الحركة”، وتنفذ منذ ذلك الحين حملة قصف أتبعت بعمليات برية منذ 27 أكتوبر، ما أسفر عن مقتل 29029 شخصا، معظمهم من النساء والأطفال، وإصابة و69028، وفق ما أعلنته وزارة الصحة التابعة لحماس، الاثنين.