درنة تبكي قتلاها وتبحث عن مفقوديها وجهود دولية لدعم ليبيا

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 5 دقيقة للقراءة

بينما تتواصل عمليات البحث عن آلاف المفقودين في مدينة درنة الليبية بعد الفيضانات الهائلة التي اجتاحتها قالت الأمم المتحدة إن حجم الكارثة لا يزال مجهولا.

وأدى تدفق المياه مساء الأحد الماضي إلى انهيار سدين في مناطق بأعلى درنة، مما تسبب بفيضان النهر -الذي يعبر المدينة- بصورة خاطفة، بحسب ما أفاد سكان، موضحين أن المياه تدفقت بارتفاع أمتار عدة، كما انهارت كل الجسور التي تربط شرق درنة بغربها.

وروى مصور في وكالة الصحافة الفرنسية في الموقع أن وسط مدينة درنة بات أشبه بأرض مسطحة بعدما اقتلعت المياه الأشجار وجرفت المباني والجسور.

وتخشى السلطات أن تكون الحصيلة البشرية فادحة، وسط خسائر هائلة في المدينة التي كانت تعد مئة ألف نسمة قبل الكارثة.

وفي ظل صعوبة الوصول والاتصالات وعمليات الإغاثة والفوضى السائدة في ليبيا حتى قبل الكارثة تتضارب الأرقام عن عدد الضحايا، وقد أعطى وزراء في حكومة الشرق بليبيا أرقاما غير متطابقة.

وأفاد المتحدث باسم وزارة الداخلية في حكومة الشرق أول أمس الأربعاء بأن أكثر من 3800 شخص قضوا في الفيضانات، فيما المفقودون بالآلاف.

شهود عيان

ويقول سكان إن مئات الجثث لا تزال مطمورة تحت أطنان الوحول والأنقاض المتراكمة.

وروى عبد العزيز بوسمية (29 عاما) المقيم في حي شيحا بدرنة -والذي نجا من الفيضانات- متحدثا لوكالة الصحافة الفرنسية “كانت المياه تحمل وحولا وأشجارا وحطاما من الحديد وعبرت كيلومترات، قبل أن تجتاح وسط المدينة وتجرف أو تطمر كل ما كان في طريقها”.

وأضاف بوسمية بتأثر “فقدت أصدقاء وأقرباء، منهم من طمروا تحت الوحل، ومنهم من جرفتهم المياه إلى البحر”، مقدرا عدد القتلى بـ10% من سكان المدينة.

ورأى أن السلطات الليبية لم تتخذ التدابير الضرورية لتدارك الكارثة، بل اكتفت بإصدار تعليمات إلى السكان بلزوم منازلهم تحسبا للعاصفة دانيال التي ضربت تركيا وبلغاريا واليونان، قبل أن تصل الأحد الماضي إلى ليبيا.

وتكشف أعداد أكياس الجثث التي وزعت في المدينة عن حجم المأساة، وأفادت اللجنة الدولية للصليب الأحمر وحدها بتأمين ستة آلاف منها.

وقال ناجٍ آخر أصيب بجروح “ارتفع منسوب المياه فجأة في غضون ثوان”، مشيرا إلى أن المياه جرفته مع والدته عندما وقعت الفيضانات ليلا، قبل أن يتمكنا من التشبث بمبنى خالٍ والاحتماء فيه.

بارتفاع الطابق الثاني

وتابع الرجل -الذي لم يتم التعريف عن هويته- وفق الشهادة التي نشرها مركز بنغازي الطبي “ارتفع منسوب المياه إلى أن وصلنا للطابق الرابع، كانت المياه بارتفاع الطابق الثاني”.

وأضاف “سمعنا أشخاصا يصرخون، رأيت من النافذة سيارات وجثثا تجرفها المياه، استمر الوضع هكذا مدة ساعة أو ساعة ونصف ساعة بدت بالنسبة إلينا كأنها سنة”.

من جانبه، قال مارتن غريفيث مساعد الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية اليوم الجمعة إن حجم الكارثة في ليبيا لا يزال مجهولا.

وقال غريفيث في مؤتمر صحفي “أعتقد أن المشكلة بالنسبة إلينا هي في تنسيق جهودنا مع الحكومة ومع السلطات الأخرى في شرقي البلاد، ثم تحديد حجم الكارثة”، مضيفا “لم نتوصل إلى ذلك بعد، لا نعرف ذلك”، كما أن “مستوى الحاجات وعدد القتلى لا يزال مجهولا”.

وأطلق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة نداء لجمع أموال تزيد على 71 مليون دولار لتأمين مساعدة فورية لنحو 250 ألف شخص هم الأكثر تضررا جراء الفيضانات التي نتجت عن العاصفة دانيال، محذرا من وضع “كارثي”.

وقال المكتب إنه بعد تدمير الكثير من الطرقات “تحض بلدية (درنة) السلطات على إقامة ممر بحري للمساعدة العاجلة وعمليات الإجلاء”، مقدرا عدد المتضررين مباشرة من الكارثة بنحو 884 ألف شخص.

مسعفون يبحثون عن الضحايا والجثث ومواطنون يتابعون (وكالة الأناضول)

عنيفة جدا

من جانبه، قال رئيس بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا يان فريديز إن الكارثة “كانت عنيفة جدا”، مضيفا أن “موجة بارتفاع سبعة أمتار جرفت الأبنية والبنى التحتية إلى البحر”، مشيرا إلى أن هناك “جثثا تتقاذفها الأمواج على الشاطئ”.

ووعدت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والكثير من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بإرسال مساعدات، وباشرت فرق إسعاف أجنبية العمل بحثا عن أي ناجين محتملين.

ورأى الأمين العام للمنظمة الدولية للأرصاد الجوية بيتيري تالاس أمس الخميس أنه لو تم التنسيق بشكل أفضل “لكان بالإمكان إصدار إنذارات ولكانت هيئات إدارة الحالات الطارئة تمكنت من إجلاء السكان وكنا تفادينا معظم الخسائر البشرية”.

وأضاف تالاس لصحفيين في جنيف أن سنوات من النزاع في ليبيا “دمرت إلى حد كبير شبكة الأرصاد الجوية والأنظمة المعلوماتية”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *