حققت أفلام موسم منتصف العام الدراسي -الذي بدأ قبل أسابيع- نجاحا جماهيريا واضحا عبر وجبة فنية دسمة من الأعمال التي لاقت رواجا كبيرا.
فبعد سنوات من الركود يبدو أن السينما المصرية بدأت في استعادة عافيتها، والتي وصلت إلى الذروة في الموسم الحالي الذي شهد عودة الجمهور إلى دور العرض بكثافة.
وفي ما يلي نستعرض 5 أسباب لنجاح الموسم السينمائي الحالي:
1- 19 فيلما.. عودة كثافة الإنتاج
ويعد هذا الموسم استثنائيا لاهتمام المنتجين بطرح أعمالهم فيه بعد سنوات من العزوف، والرهان على مواسم الأعياد لضمان تحقيق إيرادات عالية.
كما عانى الموسم في السنوات الماضية من غياب الجمهور عن صالات العرض، سواء بسبب الأحداث السياسية أو فيروس “كوفيد-19” (كورونا)، ناهيك عن انشغال الصناع والفنانين بالدراما التلفزيونية.
ومن الأسباب التي ساعدت على تميز موسم منتصف العام الدراسي كم الأفلام المتنافسة والتي بلغت 19 فيلما:
- الحريفة
- الإسكندراني
- أنف و3 عيون
- رحلة 404
- عادل ومش عادل
- ليلة العيد
- مقسوم
- عصابة عظيمة
- كارت شحن
- ليه تعيشها لوحدك
- الملكة
- في عز الضهر
- آل شنب
- أنا وابن خالتي
- أبو نسب
- السيستم
- شماريخ
- درويلة
- وقت إضافي
2- رهان الفرص الأولى
وإلى جانب العدد الكبير من الأعمال السينمائية تميز الموسم بتصدر الوجوه الشابة أدوار البطولة، مما أضفى نوعا من التجديد بعيدا عن الوجوه الفنية المستهلكة والمكررة.
ويعود الفضل في تمكن الوجوه الشابة من لفت الأنظار إلى انتعاش الدراما التلفزيونية والمسلسلات المعروضة على منصات البث، إلى جانب شبكات التواصل الاجتماعي التي منحتهم شعبية كبيرة دفعت المنتجين لمنحهم فرص البطولة على الشاشة الكبيرة.
ويعد فيلم “الحريفة” أفضل مثال على منح الثقة للجيل الجديد، إذ أدى دور بطولته عدد من الشباب الذين نجحوا في تصدر إيرادات الموسم الحالي، والتفوق على نجوم كبار مشاركين في الموسم.
وأسند دور البطولة في “الحريفة” إلى نور النبوي وكزبرة ولاعب المنتخب المصري السابق أحمد حسام “ميدو”، إلى جانب الاعتماد على وجوه أخرى شابة، فكانت فكرة الفيلم عنصرا أساسيا في نجاحه الذي اعتمد بشكل كبير على شعبية لعبة كرة القدم.
وتدور أحداث الفيلم حول لاعب كرة قدم تدفعه ظروفه للانتقال إلى مدرسة حكومية بدلا من المدارس الدولية، ليتعرف هناك على زملاء له من خلفيات مختلفة ويشاركهم في مبارايات تقام بالساحات الشعبية.
ومن الأعمال الفارقة في الموسم أيضا فيلم “الإسكندراني” الذي يعد أول بطولة مطلقة للممثل أحمد العوضي الذي راهن صناع الفيلم على نجاحاته الدرامية خلال السنوات الماضية وتقديم نفسه في شخصية البطل الشعبي.
وقدم العوضي مشاهد أكشن ومطاردات، واستطاع العمل المنافسة لوجود اسم المخرج خالد يوسف وسيناريو الكاتب الكبير الراحل أسامة أنور عكاشة.
ومن الأفلام الشبابية في الموسم “في عز الظهر” الذي اعتمد على شعبية الممثل الكندي من أصول مصرية مينا مسعود الشهير بشخصية علاء الدين في الفيلم العالمي “علاء الدين”، فيما شاركته البطولة إيمان العاصي، ولم ينجح رهان صنّاعه بتحقيق الإيرادات المتوقعة، وذلك لقلة الدعاية إلى جانب ضعف عناصره الفنية.
وتدور أحداث الفيلم في إطار من الحركة والتشويق حول زعيم عصابات دولي يرتكب عمليات احتيال حول العالم.
3- عودة صنّاع مميزين
كما ساهمت عودة كبار المنتجين والمخرجين والمؤلفين إلى الساحة في نجاح موسم إجازة منتصف العام الدراسي، مثل هاني خليفة مخرج فيلم “رحلة 404″، فعلى الرغم من تركيزه على الدراما التلفزيونية خلال مشواره فإن خليفة استطاع أن يصنع اسما في عالم السينما بفيلمي “سهر الليالي” (2003)، و”سكر مر” (2015)، إلى جانب استعانته بالنجمة منى زكي صاحبة القاعدة الجماهيرية الكبيرة كبطلة للعمل.
أما المؤلف وائل حمدي فقدم سيناريو وحوار فيلم “أنف و3 عيون”، ويعد حمدي أيضا من الأسماء صاحبة الشعبية في تقديم أعمال تحمل صبغة فنية مثل “هيبتا.. المحاضرة الأخيرة” و”ميكانو”، وقد جمعه “أنف و3 عيون” بالمخرج أمير رمسيس أيضا المعروف بتغليب الجانب الفني على التجاري في أعماله.
من جانبها، خاضت المخرجة كوثر يونس أولى تجاربها في الفيلم الروائي الطويل “مقسوم” بعد أن حققت شعبية بأفلام شاركت في مهرجانات دولية وعربية، مثل “صاحبتي” و”هدية من الماضي”.
وفي “مقسوم” نجحت كوثر في تقديم نفسها بعمل يجمع بين الصبغة الفنية والتجارية كما جمع نجوما بارزين مثل ليلى علوي وشيرين رضا وسماء إبراهيم وعمرو وهبة، والذين أغرى وجودهم الجمهور المتطلع إلى أفلام بصبغة فنية وتجارية في آن معا.
من جانبه، عاد المخرج سامح عبد العزيز بفيلم “ليلة العيد”، وهو بطولة جماعية ليسرا ونجلاء بدر وسيد رجب وعبير صبري وريهام عبد الغفور، ويناقش الفيلم -الذي كتبه السيناريست أحمد عبد الله- قضايا المرأة.
ويعرض لسامح عبد العزيز في الموسم نفسه فيلم “الملكة” الذي تؤدي دور بطولته هالة صدقي ورانيا يوسف، وعلى الرغم من تمتع سامح بشعبية كبيرة بأفلام مثل “كباريه” و”الفرح” و”حملة فريزر” فإنه لم يحقق نفس مستوى النجاح للمنافسة القوية وتنوع الأفلام وتغير طبيعة الأفلام التي يفضلها جمهور السينما من الشباب.
4- ارتفاع الجودة الفنية
وإلى جانب العوامل السالف ذكرها فإن عودة الأعمال ذات الجودة الفنية العالية ساهمت في نجاح الموسم السينمائي، فعلى سبيل المثال يطرح فيلم “رحلة 404” قضية التطهر والخلاص من الآثام، وتميز السيناريست محمد رجاء في سرد الأحداث المتوالية، كما ساهمت عناصر فنية أخرى في رفع جودة العمل مثل التكوينات البصرية والتمثيل والملابس، ولا يمكن إغفال تأثير الموسيقى التصويرية والمونتاج.
أما في “أنف و3 عيون” فقدم المخرج أمير رمسيس مع الكاتب وائل حمدي معالجة مغايرة لرواية إحسان عبد القدوس التي سبق أن تم تقديمها في فيلم يحمل الاسم نفسه في سبعينيات القرن الماضي، ولكن نجح صناع الفيلم المعروض حاليا في الخروج من فكرة المقارنة بالنسخة الأقدم وتقديم تيمة مختلفة تناسب العصر الحالي، ويعد السيناريو والأداء التمثيلي إلى جانب الملابس والكادرات البصرية من أهم العناصر المميزة للفيلم.
وفي فيلم “الحريفة” يعد الديكور بطلا رئيسيا إلى جانب النجوم الشباب والفكرة والسيناريو والملابس والمونتاج أيضا، ويمكن اعتبار التصوير أهم ما يميز فيلم “شماريخ” للمخرج عمرو سلامة.
أما موسيقى “مقسوم” فجاءت جزءا مكملا للتجربة، إلى جانب التصوير والديكور والملابس.
وفي فيلم “ليلة العيد” استطاع سامح عبد العزيز إدارة الممثلين وتقديمهم بشخصيات حية من لحم ودم، مثل يسرا وريهام عبد الغفور وعبير صبري الذي يعد تفوقهم في الأداء التمثيلي أهم عناصر الفيلم، إلى جانب الديكور واختيار أماكن التصوير.
5- تنوع مطلوب
أخيرا، ساهمت كثافة الأفلام المطروحة في الموسم بإضفاء حالة من التنوع على مختلف المستويات، مما أتاح للمشاهد مساحة أكبر للاختيار، فهناك تنوع في النوع بوجود أفلام رومانسية مثل “أنف و3 عيون”، ودراما “رحلة 404″، وأكشن وحركة وإثارة مثل “شماريخ”، و”الحريفة”، و”الإسكندراني”.
أما الأفلام الكوميدية ففي مقدمتها فيلم “أبو نسب” لمحمد عادل إمام الذي حقق في السنوات الماضية شعبية سينمائية رغم عدم تنوع أفلامه، وفي الكوميديا ينافس أيضا “عادل ومش عادل”، و”عصابة عظيمة”، و”الملكة”، و”آل شنب”، و”السيستم”.
ورغم الانتعاشة التي يشهدها الموسم فإن بعض الأفلام لم تصمد أمام المنافسة وقرر منتجوها سحبها من دور العرض، لكن رهان صنّاعها بعرضها في الموسم الحالي شكل إضافة إلى حالة التنوع التي تعيشها السينما.