إسلام أباد – فوجئ الباكستانيون والمراقبون -الاثنين الماضي- باستقالة قادة أحزاب سياسية بعد إخفاق أحزابهم في الحصول على مقاعد بالبرلمان حسبما كانوا يخططون، كما تنازل أحد المرشحين عن مقعده لمنافسه بدعوى أن تلاعبا وقع في فرز الأصوات.
فقد أعلن أمیر الجماعة الإسلامیة الشیخ سراج الحق، الاثنین، استقالته من منصبه أمير الجماعة بعد فشل الجماعة في الانتخابات البرلمانیة الأخيرة، إذ لم تفز بأي مقعد من مقاعد البرلمان الفدرالي.
وقال سراج الحق -في تغريدة له عبر حسابه على موقع إکس- إنه يتحمل المسؤولية عن الهزيمة في الانتخابات، وإنه يستقيل من قيادة الجماعة الإسلامية.
اعتزال السياسة
كما أعلن رئيس حزب “استحكام باكستان” جهانغير خان تارين استقالته من منصبه واعتزال السياسة، وذلك بعد خسارته في الانتخابات.
وأعلن تارين ذلك عبر تغريدة له على موقع إكس، حيث أعرب عن امتنانه لكل من دعمه خلال الانتخابات، وهنّأ خصومه الفائزين.
وفي حين أكد احترامه إرادة الباكستانيين، استدرك بالقول إنه سيواصل خدمة بلده بأفضل ما يستطيع بصفته الشخصية.
يشار إلى أن تارين كان سابقا مقربا من رئيس الوزراء السابق زعيم حركة إنصاف المعتقل عمران خان.
وفي الانتخابات الأخيرة، خسر تارين في مدينة مولتان أمام المرشح المستقل أمير دوجار، وكذلك خسر في منطقة لودهران أمام صديق خان بلوش مرشح حزب الرابطة الإسلامية– جناح نواز شريف.
نفي الاستقالة
من جهته، نفى رئيس حركة إنصاف البرلمانية برويز ختك شائعات رحيله عن السياسة بعد الانتخابات العامة الأخيرة، مؤكدا التزامه المستمر بالخدمة العامة.
وأعرب ختك (74 عاما) عن امتنانه لتقدير الناس لإسهاماته، مجددا تأكيد تفانيه في خدمتهم ومواصلة “النضال السياسي لمصلحة الأمة”، واعترف بنتائج الانتخابات وتقبلها، محترما خيار الناخبين.
والجدير بالذكر أن ختك (وزير دفاع سابق) انشق عن حزب عمران خان العام الماضي، وشكّل حزبه.
تخل عن الفوز
وفي سابقة فريدة من نوعها، رفض رئيس الجماعة الإسلامية في كراتشي نعيم الرحمن إعلانه فائزا عن دائرته الانتخابية في مدينة كراتشي على منافسه سيف باري.
وفي كلمته بمؤتمر صحفي عُقد في كراتشي الاثنين، قال “لقد فاز مرشح مستقل تدعمه حركة إنصاف، ولن أقبل إعلاني فائزا عن طريق التلاعب بفرز الأصوات”.
وفي منشور على منصة إكس، قال نعيم “وفقا لما يمليه علي ضميري والمبادئ الأخلاقية التي نشأنا عليها في الجماعة، فلن أقبل بإعلان فوزي بمقعد في مجلس المحافظة”.
إشادة وترحيب
وإزاء ذلك، أشاد عديد من المراقبين السياسيين باستقالة قيادات حزبية نتيجة الفشل في تحقيق نتائج إيجابية في الانتخابات الأخيرة، معتبرين الخطوة إجراء متقدما في تطبيق الديمقراطية في باكستان وتجسيدا لتحمل القائد مسؤوليته عن الفشل.
ومن هؤلاء المراقبين خالد رحمن رئيس معهد الدراسات السياسية في إسلام آباد، الذي أشاد بالوعي الذي يتمتع به القادة السياسيون في باكستان وكثير من جمهور الناخبين.
وأضاف أنه رغم اتهام السلطات بالتلاعب في كثير من نتائج الانتخابات، فإن تصرفات بعض الأحزاب كانت على مستوى المسؤولية، ولم تقبل بهذا التزوير، واحتجت عليه بشكل سلمي في عديد من المناطق، وطالبت بإعادة فرز الأصوات في الدوائر محل الشك.
وفي إطار السعي نحو استقرار البلاد -يقول رحمن- اعتبر القادة الحزبيون أن في استقالتهم من مواقعهم نوعا من الحفاظ على الاستقرار في البلاد وإتاحة المجال لوجوه جديدة للقيادة.
وأضاف أن أول من أقدم على هذه الخطوة هو سراج الحق، مؤسسا بذلك نموذجا يُحتذى به في التعامل الديمقراطي في حال فشل الحزب في تحقيق الإنجاز المخطط له، فيتحمل القائد المسؤولية ويغادر موقعه.
وفي رده على سؤال إن كانت الاستقالة من قبل هؤلاء القادة تعد قبولا بنتائج الانتخابات والتسليم بها، أوضح رحمن أن الاستقالة إجراء ديمقراطي لحفظ الاستقرار في البلاد، ولكن بخصوص الاعتراض على بعض النتائج، فإن هناك متابعات من قبل هذه الأحزاب للاعتراض على النتائج أمام الجهات المعنية والمطالبة بإعادة فرز الأصوات في الدوائر محل الشك.
وأبدى رحمن إعجابه الكبير بخطوة نعيم الرحمن الذي رفض قبول الفوز بمقعد للبرلمان المحلي في كراتشي، لأنه حسب إحصاءات معاونيه فإنه ليس الفائز، بل منافسه، وإن هناك تلاعبا بفرز النتائج.
سابقة في تاريخ باكستان
من ناحيته، رأى مدير مركز إسلام آباد للدراسات السياسية عبد الكريم شاه أن الذي قام به كل من أمير الجماعة الإسلامية سراج الحق، ورئيس حزب “استحكام باكستان” جهانغير خان تارين باستقالتهما من منصبيهما “سابقة لم نعهدها في باكستان” وأمر يحسب لهما.
وقال إن تصرفهما هذا يدل على الوعي والشعور بالمسؤولية وتطبيق للديمقراطية المتقدمة مثلما يحدث في الدول الغربية، فعندما يفشل حزب ما أو حكومة في مسؤوليتهم يُقدم المسؤول على الاستقالة.
واستدرك بالقول إن إقدام هذين القائدين على الاستقالة هو اعتراف بالهزيمة في الانتخابات العامة.
وبخصوص برويز ختك، فاعتبره شاه بأنه صنيعة المؤسسة العسكرية، فهي التي طلبت منه الانشقاق عن حزب عمران خان وإنشاء حزب آخر، وعندما فشل في الانتخابات الأخيرة طلبت منه المؤسسة الاستقالة حتى يتيح المجال لشخصية جديدة قد تكون مقبولة مستقبلا من الناخبين.