هل تملك واشنطن منع إسرائيل من اقتحام رفح؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

واشنطن– بينما تستعد إسرائيل لشن هجوم بري في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، أشار بيان البيت الأبيض حول مهاتفة الرئيس جو بايدن لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس الأحد، إلى أن بايدن “أعاد تأكيد رأيه بضرورة ألا تجري العملية العسكرية في رفح دون خطة موثوقة وقابلة للتطبيق، تضمن أمن ودعم أكثر من مليون شخص يحتمون هناك”.

وخلا البيان من أي إشارة إلى رفض واشنطن اقتحام رفح، آخر المناطق التي لجأ إليها نحو مليون ونصف مليون فلسطيني، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على القطاع في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

من ناحية أخرى، لم يأت توبيخ بايدن لإسرائيل في كلمته بالبيت الأبيض ليلة الخميس بأي مؤشر إلى أنه سيخفض الدعم العسكري والدبلوماسي الأميركي لإسرائيل، إذا استمرت في مسارها الحالي.

وعبّرت سارة هاريسون، الخبيرة في مؤسسة راند، والمسؤولة السابقة بوزارة الدفاع الأميركية عن شكوكها في جدوى الضغوط الأميركية.

وقالت في تغريدة على موقع “إكس” إن “ما يغذي شكوكي هو قرار الإدارة غير المحسوب بتعليق التمويل لمنظمة الأونروا، ودعم حزمة أسلحة بقيمة 14 مليار دولار لإسرائيل، ورفض اشتراط المساعدات العسكرية في الوقت الذي يستعد فيه الجيش الإسرائيلي لبدء العمليات في رفح. وكل ذلك يتناقض مع أهداف السياسة المزعومة في مذكرة الأمن القومي”.

معلقون يتحدثون عن إحباط متزايد في البيت الأبيض من رفض نتنياهو للعديد من الطلبات الأميركية (الأناضول)

رأي عام يهم إسرائيل

واستهل نتنياهو هذا الأسبوع ظهوره ضيفا على برنامج التوك شو الرئيس لشبكة إيه بي سي (ABC News) صباح أمس الأحد، وكرر تأكيد أن “النصر في متناول اليد”، وأضاف “سنقضي على ما تبقى من كتائب حماس الإرهابية في رفح، المعقل الأخير، سنفعل ذلك”.

ووعد نتنياهو بتوفير “ممر آمن للسكان المدنيين حتى يتمكنوا من المغادرة”، وعندما سُئل عن المكان الذي من المفترض أن يذهب إليه الفلسطينيون، قال نتنياهو إنهم “يعملون على وضع خطة مفصلة”.

ومع تزايد دعوات عدد من أعضاء الكونغرس بضرورة تجنب اقتحام رفح، الذي يتزامن مع تعبير الأمم المتحدة ومنظمات إغاثة أخرى عن قلقها بشأن المكان الذي سيذهب إليه المدنيون مع بدء الاقتحام الإسرائيلي، رد نتنياهو بالقول إن “أولئك الذين يقولون إنه لا ينبغي لنا تحت أي ظرف من الظروف دخول رفح، يقولون لنا اخسروا الحرب. أبقوا حماس هناك”.

ويشير المعلقون في واشنطن إلى إحباط متزايد في البيت الأبيض من رفض نتنياهو والحكومة الإسرائيلية للعديد من الطلبات الأميركية. ووصف بايدن في وقت سابق من هذا الأسبوع العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة بأنها تخطت الحدود. وكانت هذه أقسى لغة استخدمها بايدن لانتقاد العدوان الإسرائيلي في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، على الرغم من مخاوف من الاقتحام المتوقع.

اهتمام بصفقة الأسرى

بعث الرئيس بايدن بمدير وكالة الاستخبارات المركزية بيل بيرنز، إلى مصر لمواصلة المحادثات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي من شأنه -أيضا- تأمين إطلاق سراح ما يقدر بـ 132 محتجزا إسرائيليا لدى حركة حماس، من بينهم 8 يحملون الجنسية الأميركية.

ويتوقع أن يلتقي بيرنز مع رئيس الوزراء القطري ورؤساء الاستخبارات المصرية والإسرائيلية، لمناقشة الجهود المبذولة للتوصل إلى صفقة تبادل جديدة يمكن أن تؤدي إلى توقف طويل للقتال في غزة، وإدخال كميات أكبر من المساعدات الإنسانية لأهالي القطاع.

ومع تزايد مخاوف بعض الدوائر الأميركية من تبعات اقتحام رفح على مصير المحتجزين، والأمن الإقليمي ومستقبل معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل، تؤكد حركة حماس أن هجوما بريا إسرائيليا في مدينة رفح سيعني نهاية مفاوضات الأسرى.

وحول ما يمكن أن يفعله الرئيس بايدن لمنع العدوان على رفح، قال السفير ديفيد ماك، مساعد وزير الخارجية السابق لشؤون الشرق الأوسط، والخبير حاليا بالمجلس الأطلسي، إن “الكلمات، حتى من بايدن نفسه، لن تكون كافية لوقف خطط إسرائيل لاقتحام رفح”.

وأضاف ماك في حديث للجزيرة نت، “على الرغم من رفض واشنطن التهجير القسري للفلسطينيين، الشيء الوحيد الذي سينجح هو وضع شروط قوية على استمرار الدعم العسكري والمالي والسياسي الأميركي لإسرائيل. ويبدو أن هذا بدأ يحدث مع مذكرة الأمن القومي للرئيس التي دُفعت بنجاح من عدد من الديمقراطيين البارزين في مجلس الشيوخ الأميريكي، بقيادة السناتور كريس فان هولين”.

من ناحية أخرى، إذا مضى نتنياهو قدما في غزو رفح، فقد يؤدي ذلك بسرعة إلى فقدان الدعم الأميركي، لأنه “يعرض للخطر الإفراج الآمن عن الرهائن والأسرى”، حسب الدبلوماسي السابق.

فلسطينيون يتجمعون لتلقي حصص الدقيق لعائلاتهم خارج مستودع للأونروا برفح جنوب قطاع غزة (الفرنسية)

استخدام الدعم للضغط

في حديث للجزيرة نت، عدّ مدير مؤسسة “دراسات دول الخليج” جورجيو كافيرو، أن “الولايات المتحدة تتمتع بقدر كبير للغاية من النفوذ على إسرائيل. ولم تتمكن إسرائيل من شن حربها على غزة، إلا بسبب المستوى العالي من الدعم الذي تتلقاه من واشنطن”.

ورأى كافيرو أن حكومة نتنياهو “تمكنت من الإفلات من العقاب على هذه الإبادة الجماعية في غزة فقط؛ بسبب الدعم العسكري والاقتصادي والسياسي والدبلوماسي الذي تتلقاه من الحكومة الأميركية”.

وأشار إلى أنه “إذا كانت إدارة بايدن ستضع شروطا على المساعدات لإسرائيل، فلن يكون أمام تل أبيب خيار سوى التصرف وفقا لذلك، وتلبية متطلبات واشنطن لتستمر في تلقي الدعم الأميركي. وقد يستلزم ذلك إخبار إسرائيل بأن المساعدات قد تُقطع أو تُجمّد اعتمادا على خطوات تل أبيب التالية حول ما يتعلق برفح”.

ومع ذلك، وبسبب عوامل سياسية، “لا تشترط إدارة بايدن المساعدات لإسرائيل، أو تضع أي خطوط حمراء، وترفض في نهاية المطاف استخدام نفوذ واشنطن لتغيير ما يحدث على الأرض”، كما يقول الخبير الأميركي.

كذلك أشار بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي في إدارة الرئيس السابق باراك أوباما إلى أنه “من غير الواضح على الإطلاق ما إذا كان تغير حدّة اللغة من واشنطن في مكالمة هاتفية سيكون له أي تأثير في تفكير بنتنياهو طالما أنك تدعم عملية نتنياهو العسكرية في غزة دون شروط”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *