الرباط- قَدِم المغربي ميكائيل البجاوي من مدينة القنيطرة -على متن دراجته الهوائية- إلى العاصمة الرباط للمشاركة في المسيرة الشعبية التضامنية مع فلسطين، التي دعت إليها الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع ومجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين.
يحمل البجاوي علم فلسطين في يد ويمسك بيده الأخرى دراجته التي يقول إنها شريكته في الحياة منذ 35 سنة. وبالنسبة له، فإن المشاركة في المسيرات الشعبية “واجب شرعي” لنصرة الفلسطينيين.
يقول للجزيرة نت إن ما يحدث في فلسطين أسهم في رفع منسوب الوعي بين المسلمين في كل أرجاء العالم، ويضيف “إخواننا في قطاع غزة من رجال ونساء وأطفال يعطون للعالم دروسا في المقاومة والصبر والإيمان والثبات”.
ويتابع “لقد علمونا أشياء كثيرة، علمونا معنى التضحية وحب الأرض والقدس والإسلام”.
قضية الأمة
ومن مدينة مكناس، جاء مصطفى بردان رفقة أصدقائه لإسماع صوته بعاصمة المملكة، يرتدي جلبابا تقليديا صوفيا ويلتحف العلم الفلسطيني، ويقول للجزيرة نت “هذه فرصة لا تفوت لإبداء الدعم لإخوتنا في غزة وللإعلان بصوت جماعي ومسموع عن رفضنا للتطبيع مع إسرائيل”.
ويضيف “القضية الفلسطينية قضيتنا الوطنية وقضية الأمة جميعا، ولا يمكننا السكوت عما يتعرض له إخواننا في غزة، وما تعرض له الفلسطينيون منذ عقود من التهجير والتقتيل والتجويع”.
ويتابع “لقد صمد الفلسطينيون رغم تحالف كل هذه القوى الغاشمة من الصهاينة وحلفائهم من الأميركيين والأوروبيين واتحادهم لإخراجهم من بلادهم وأخذها عنوة، وواجبنا تقديم ما استطعنا من أشكال الدعم”. ويرى مصطفى أن “عناء السفر يهون من أجل الحج إلى المسيرات التضامنية مع فلسطين”.
ويحرص -كما يحكي للجزيرة نت- على ألا يفوت الفعاليات التضامنية التي تنظم في مدينته مكناس التي تبعد حوالي 150 كيلومترا عن الرباط، ودعم الجمعيات المدنية التي تعمل على نشر الوعي بين الشباب بخصوص القضية الفلسطينية والمقاومة.
من مدينة طنجة عروس شمال المغرب، لبّى اليافع يحيى بنعلوش وصديقه محمد ريان بنعلال نداء منظمي المسيرة بالرباط قاطعا مسافة تتجاوز 250 كيلومترا.
يلتحف بنعلوش (16 سنة) العلم الفلسطيني ويخفي وجهه على طريقة مقاومي كتائب عز الدين القسام، ويقول، للجزيرة نت، إنه يتشبه بلباس رجال القسام الذين أظهروا للعالم إصرارهم على تحرير أرضهم رغم الحصار والاحتلال.
وأضاف “نحن بدورنا نخرج في المسيرات لإظهار مساندتنا لهم ولنرفع أصواتنا لرفض الإبادة الجماعية التي يتعرض لها إخوتنا في غزة”.
رموز فلسطينية
ليست هذه المرة الأولى التي يأتي فيها بنعلوش من طنجة إلى الرباط للمشاركة في المسيرات التضامنية، بل سبق له المشاركة في مسيرات سابقة، أما صديقه بنعلال -الذي يدرس في السنة الأولى إعدادي- فيقول للجزيرة نت “هذا أقل جهد نبذله لإعلان التضامن مع فلسطين ودعم المقاومة”.
ويضيف “أتابع على مواقع التواصل الاجتماعي ما يحدث في غزة، أشعر بالإحباط والحزن عندما أرى أهل غزة يُقتلون ويبادون بلا ذنب خاصة الأطفال، لكني أشعر بالفرح عندما أرى عمليات المقاومة التي تهاجم الصهاينة وتدمر آلياتهم”.
أما نادية ابنة مدينة ملال فقد استيقظت على الساعة الرابعة من صباح يوم الأحد رفقة صديقاتها لتسافر في اتجاه الرباط. وتحمل بين يديها أعمالا يدوية من تطريز وأساور بألوان علم فلسطين ومكتوب عليها اسم غزة.
تقول، للجزيرة نت، إنها رموز فلسطينية تطرزها في لوحات وتصنع منها أساور بالعقيق لتنتشر بين الناس، وتؤكد “ندعم فلسطين بالدعاء والمقاطعة والمسيرات وأيضا بنشر الرموز الفلسطينية وجعلها جزءا من حياتنا وأعمالنا الإبداعية”.
وقطع الشاب محمد أوزار مسافة 500 كيلومتر -التي تفصل بين مدينته أولاد تايمة والرباط- رفقة أصدقائه للمشاركة في المسيرة الشعبية. ويوضح للجزيرة نت، “قررنا الحضور إلى الرباط للتعبير عن دعمنا لإخوتنا في فلسطين الذين يتعرضون لحرب إبادة”.
ويضيف “أن يأتي المغاربة من كل المدن للمشاركة في المسيرة معناه أننا موحدون في دعم القضية الفلسطينية ونرفض التطبيع مع الكيان الذي يبيد إخوتنا”.
ومحمد شاب ينشط في مدينته في العمل المدني، إذ ينشط -كما يقول للجزيرة نت- “في نشر الوعي بين العائلات والأصدقاء والمجتمع حول القضية الفلسطينية”.
حراك تضامني شعبي
وشهدت مسيرة العاصمة الرباط حضور الآلاف من مختلف المدن المغربية حاملين أعلاما فلسطينية ومغربية، ومعتمرين كوفيات ورافعين شعارات تطالب “بإسقاط التطبيع ومحاسبة إسرائيل على جرائمها ضد المدنيين”.
ومن الشعارات التي رفعها المتظاهرون “المغرب أرضي حرة والمطبع يطلع برا” و”شعب فلسطين سير نحو النصر والتحرير” و”أبو عبيدة يا حبيب دمر تل أبيب” و”رغم القصف والحصار غزة حرة لا تنهار” و”إدانة شعبية للمجازر الصهيونية وللمواقف العربية”.
وتعد هذه المسيرة الوطنية الشعبية الرابعة التي تشهدها المملكة منذ انطلاق معركة “طوفان الأقصى”، وشهدت الجمعة الماضية تنظيم حوالي 100 مظاهرة في 54 مدينة ضمن الحراك التضامني الشعبي مع أهل غزة الذي انطلق منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول العام الماضي.
وحسب بيانات للهيئة المغربية لنصرة قضايا الأمة، فإن عدد المظاهرات التي شهدتها المملكة إلى يوم 14 يناير/كانون الثاني الماضي، بلغ 1850 مظاهرة داعمة لغزة ورافضة للتطبيع في مختلف المدن المغربية خلال جُمعة “طوفان الأقصى” كل أسبوع، إلى جانب فعاليات أخرى أشرفت الهيئة على تنظيمها.
وتضمنت هذه الفعاليات أشكالا إبداعية تضامنية من قبيل مواكب السيارات والحافلات والدراجات، والمشاهد التمثيلية المعبرة إضافة إلى الندوات والمحاضرات للتوعية بالقضية الفلسطينية.