متابعة على إنستغرام غيّرت مجرى حياة رامي، متسببة بإصابته بفيروس نقص المناعة المكتسبة “الإيدز” وبطرده من الإمارات، ليبدأ رحلة مؤلمة فرضت عليه.
لم يكن رامي يتوقع أن الرجل اللبناني الذي تعرّف عليه عبر موقع التواصل الاجتماعي، سيدمّر حياته، وأن انجذابهما لبعضهما البعض وتطور العلاقة بينهما ولقاءهما في دبي على مدى أيام، حيث أقاما علاقة جنسية غير محمية، ستنتهي بكارثة.
كان كل شيء يسير على ما يرام إلى أن قرر رامي (34 عاما) تجديد أوراق إقامته التي تتطلب إجراء فحوصات طبية محددة من بينها فحص نقص المناعة المكتسبة، المعروف اختصارا بـ “HIV”، ليكتشف أن نتيجته إيجابية.
ويقول لموقع “الحرة”: “عند سماعي الخبر شعرت بأن حياتي انتهت، لاسيما بعد أن صُرفت من عملي واتخذ قرار بترحيلي من البلد ومنعي من معاودة دخوله، فقدت الثقة بنفسي وزاد الطين بلّة عدم معرفتي بأي معلومات عن هذا الفيروس وكيفية التعامل معه”.
وشدد على أن ما حل به “ظلم كبير”، ولو لم يكن يتمتع بشخصية قوية لأقدم على الانتحار، وأنه بعد شهر ونصف الشهر من نتيجة الفحص اتصل بالرجل اللبناني (يبلغ من العمر 52 عاما) الذي مارس معه الجنس، أطلعه على ما حصل، لكن برود رد فعله أكد لرامي أنه كان على علم بحمله للفيروس.
عاش رامي في صدمة وخوف ورفض تصديق الواقع، لم يجرؤ على إخبار أي من أفراد عائلته، إلا أنه لم يتردد في إخبار 3 من أصدقائه في دبي وشريكه العاطفي، فسانده مقدما له كل الدعم.
ويشرح رامي أن “المتعايش مع هذا الفيروس يخشى على صحته كما يخشى وصمة عار المجتمع واكتشاف زملائه في العمل وجيرانه بحالته، كما يخشى أن يضطر لتلقي العلاج في المستشفى ويرفض استقباله، وكذلك انقطاع دوائه وما سيحل به”.
ولتسليط الضوء على التحديات التي يواجهها الأفراد المتعايشون مع فيروس نقص المناعة البشرية (HIV) في لبنان، بصرف النظر عن جنسياتهم، ومن أجل فهم أكبر لاحتياجاتهم وتطوير برامج وخدمات أكثر فعالية لدعمهم، والعمل على تحسين القوانين والسياسات للقضاء على التمييز ووصمة العار التي تلاحقهم، أجرت جمعية “براود ليبانون” استبيانا بالتعاون مع 58 شخصاً متعايشاً مع الفيروس، (68.3 في المئة منهم لبنانيون، 10 في المئة فلسطينيون وسوريون 21.7 في المئة) 98.3 في المئة منهم ذكور، والبقية عابرون جنسيون.
المعاناة.. بالأرقام
أشرف على الدراسة التي أجرتها جمعية “براود ليبانون” ثلاثة طلاب في علم النفس، وأجاب المشاركون في الاستبيان عن 60 سؤالا، منها فيما إن أفصحوا عن إصابتهم، حيث ظهر أن 80 في المئة منهم أخبروا عائلتهم، مع نسبة قبول 68 في المئة، كما أفصح 66.7 في المئة منهم عن إصابتهم لشركائهم وقد تقبلوا ذلك، وأفصح 55.6 في المئة منهم عن إصابتهم لزملائهم في العمل، مع تباين في ردود الفعل، حيث واجه 22.2 في المئة إنهاء العمل أو التهديد بذلك.
وعن أسئلة تخص شعورهم بالأمان، أجاب 86.7 في المئة من المشاركين أن لبنان بلد آمن للمتعايشين مع فيروس “HIV”، كما اعتبر 55 في المئة منهم أنهم مضطهدون اجتماعيا لكونهم من فئة مجتمع “ميم عين+” (LGBTQ+) ومتعايشون مع الفيروس.
وفيما يتعلق بالخدمات التي يحصلون عليها، كشف 57.5 في المئة من المشاركين أنهم يتلقون الأدوية اللازمة، و25 في المئة منهم يحصلون على دعم من المنظمات والجمعيات غير الحكومية، فيما يجري 12.5 في المئة منهم اختبارات الفيروس بانتظام، ويحصل 5 في المئة منهم على علاجات متقدمة.
أما فيما خصّ التحديات في مجال الرعاية الصحية، فقد أعلن 43 في المئة من المشاركين أنهم واجهوا رفض تقديم الخدمات الطبية في مؤسسات الرعاية الصحية بسبب إصابتهم بالفيروس، فيما لم يُطلب من 81 في المئة من المشاركين دفع رسوم إضافية لخدمات الرعاية الصحية بسبب إصابتهم، ولم يواجه 70 في المئة من المشاركين العزلة من قبل مقدمي الرعاية الصحية بسبب إصابتهم.
وتضمّن الاستبيان سؤالا حول تجربة المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية مع فيروس كورونا، فتبين أن غالبية المشاركين، 77 في المئة، لم يصابوا به، ولم يحتج 88 في المئة من الذين أصيبوا إلى دخول المستشفى.
لكن ما يثير القلق، بحسب الدراسة، أن 18 في المئة من المشاركين واجهوا أطباء نفسيين تجنبوا تقديم الرعاية الصحية النفسية لهم، مما يشير إلى وصمة عار محتملة داخل خدمات الصحة النفسية، كما أفاد حوالي 14 في المئة أن الأطباء النفسيين إما أخّروا علاجهم أو رفضوه بالمطلق، ما يسلّط الضوء على التحديات التي تواجه تلقي الدعم النفسي المناسب وفي الوقت المناسب.
وتلقى 62 في المئة من المشاركين في الاستطلاع الدواء أو الاستشارة الطبية من مركز واحد، مما يشير إلى اتباع نهج أكثر مركزية في الرعاية الصحية للأفراد المتعايشين مع الفيروس.
وحول اتخاذ الاحتياطات اللازمة لمنع انتقال العدوى، أكد 74 في المئة من المشاركين أنهم ملتزمون بذلك، ونفى 81 في المئة منهم خشيتهم من الموت الوشيك بسبب الفيروس، وأعلن 34 في المئة منهم أنهم يعيشون وحدهم فيما يسكن 51 في المئة مع عائلتهم و15 في المئة مع شريكهم.
يكشف الاستبيان بحسب رئيس جمعية براود ليبانون، برتو مقصو، عن “معاناة المتعايشين مع الفيروس من اضطهاد ووصم وتمييز اجتماعي يطال حقوقهم الإنسانية، مما يشكّل انتهاكا واضحا للحريات الشخصية والحقوق الأساسية المذكورة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمعاهدات الدولية التي تبناها لبنان وحرص على احترامها وتكريسها في دستوره”.
ورغم ذلك يعكس الاستبيان، كما يقول مقصو لموقع الحرة، “خطوات إيجابية في مواجهة الوصمة، لكن لا تزال التحديات قائمة لاسيما في أماكن العمل، مما يُؤكّد الحاجة إلى بيئات مهنية داعمة”.
كما ظهر أن التمييز تجاه المتعايشين مع الفيروس يطال المجال الطبي، ويقول مقصو: “أطباء يخشون تقديم الخدمات لهم بسبب جهلهم بطريقة انتقال العدوى، عدا عن أنه من واجبات الأطباء اتباع وسائل الحماية الطبيعية كون هناك فيروسات عدة يمكن أن تنقل إليهم أخطر من الإيدز”.
تحديات متشابهة
خضع رامي لجلسات علاج نفسي وهو يواظب على دواء فيروس نقص المناعة البشرية بانتظام، وقد تخطى مرحلة الانهيار ويقول “أتمنى انتشار الوعي بحقيقة هذا الفيروس للقضاء على وصمة العار في كل الدول العربية والعالم، كي يتمكن المتعايش مع الفيروس من الحصول على علاجه في العلن وليس في الخفاء، وممارسة حياته بشكل طبيعي”.
كما تلقى مهند في عام 2022 صدمة حياته حين كان يقيم في جورجيا، حيث علم بإصابته بالفيروس، بدأت القصة عندما أخبره صديقه أنه يخشى أن يكون مصاباً بالفيروس بعد إقامة علاقة جنسية غير محمية، ومع ذلك يخاف من إجراء الفحص، فشجعه مهند على اتخاذ هذه الخطوة الحاسمة من خلال عرض مرافقته وإجراء الفحص سوية.
كان مهند يعتقد أنه بعيدٌ عن خطر الإصابة، لكن المفاجأة هزّته عندما طلب الموظف الذي أجرى لهما الفحص من صديقه مغادرة الغرفة، ليخبر مهند بعدها بأن نتيجته إيجابية، فانتابته حالة من الإنكار، وبدأ بالضحك بشكل هستيري.
بعدما علم بالنتيجة عاد مهند بذاكرته إلى عام 2019، ويقول لموقع “الحرة” “حينها كنت أقيم علاقات جنسية غير محمية، ولم أتوقع مطلقاً أن أكون ضحية للعدوى. وللتثبت أكبر من حالتي توجهت إلى مختبر آخر لإجراء فحص دم. صدور النتيجة يحتاج إلى 24 ساعة، كانت فترة عصيبة للغاية، لم أذق فيها طعم النوم، ولم أهتم بشيء سوى معرفة مصيري، كما أخبرت شقيقي الأكبر بما حدث، كونه مثلي الجنس، فكان سنداً لي في تلك المحنة.”
أكد فحص الدم النتيجة الإيجابية، لتستمر حالة الصدمة لدى مهند، لكنه ركّز هذه المرة على كيفية إخبار محيطه، وقد لقي دعماً كبيراً من جميع الجهات المعنية في جورجيا، من جمعيات إلى أطباء نفسيين، ساعدوه على تجاوز حالة الاكتئاب التي انتابته، ولحسن حظه كما يقول إنه حينها كان يعيش في بلد أجنبي.
أخبر مهند من أقام معهم علاقات جنسية بنتيجته، فأجروا فحصاً للفيروس، وظهرت نتائجهم سلبية، لكنّه قلق على شريكه العاطفي الذي كان مرتبط به في عام 2019، طلب منه إجراء الفحص، إلا أنه رفض، عندها لم يتردد مهند في السفر من جورجيا إلى لبنان لاصطحابه إلى المختبر، ليتبين أن نتيجته سلبية.
ولم يتجرأ مهند على إخبار والديه بمرضه، خوفاً من عدم تقبلهما لحالته، خاصة أنه ينتمي إلى عائلة محافظة لا تتقبل إقامة علاقة جنسية مع فتاة خارج إطار الزواج، فكيف إن علمت أنه مثلي الجنس ومتعايش مع الفيروس”.
بعد اكتشاف إصابته تواصلت شركة التأمين التي كان يعمل فيها مهند في لبنان معه لعرض فرصة عمل جديدة في مكتب تابع لها خارج البلد تمنع دخول حاملي الفيروس، فكشف للمدير عن حالته ولقي تعاطفاً منه.
يقول مهند “أتفهم خشية بعض الأشخاص من إقامة علاقة جنسية مع متعايش مع الفيروس، لكن لا أفهم موقف الدول التي تمنع دخول حاملي الفيروس، كون من يتناول العلاج بانتظام لا ينقل العدوى، ولذلك يجب إطلاق حملات توعية في الدول العربية وبعض الدول الآسيوية لتصحيح المفاهيم الخاطئة.”
من الانهيار إلى الدعم
قصة أخرى حول معاناة حامل للفيروس، تعود للشاب هادي، الذي عاش في دبي بين عامي 2009 و2013. ففي عام 2011، خضع للفحص وجاءت النتيجة إيجابية، سافر في اليوم التالي إلى لبنان، حيث أجرى فحصاً آخراً في مستشفى الجامعة الأميركية. في ذلك الوقت، كان يتم إرسال الفحص إلى فرنسا، وكان من المتوقع أن تصل النتيجة بعد أسبوعين إلى ثلاثة، فعاد أدراجه إلى دبي، ولم يكن في حالة صدمة، لكنه شعر أن مجرى حياته قد تغير.
يشير هادي لموقع “الحرة” إلى أن العدوى انتقلت إليه من شخص أقام معه علاقة غير محمية قدم من لندن إلى دبي للقائه ليعود بعدها أدراجه، في حين مكث هو في دبي حتى انتهت مدة إقامته، ثم عاد إلى بيروت. في ذلك الوقت، لم يكن يعلم أي شيء عن العلاج والأطباء المتخصصين بذلك في لبنان، كان يسافر إلى الهند كل ستة أشهر بين عامي 2011 و2014 لإجراء الفحوصات وتناول الفيتامينات وممارسة اليوغا والعيش حياة صحية.
في عام 2014، لم يعد هادي قادراً على التحمل. انهار وأخبر شقيقته التي تعلم أنه مثلي الجنس بوضعه، تقبلت الموضوع ودعمته، وتوجهت معه إلى جمعية حولته إلى طبيب، لينجز بعدها بصعوبة كما يقول إجراءات الحصول على الدواء من وزارة الصحة.
بعدها قرر هادي نشر الوعي حول الفيروس، فتطوع في جمعية براود ليبانون، وقد ساعدته هذه التجربة كما يقول لموقع “الحرة” على فهم الحالة التي يعيشها وكل ما يتعلق بهذا الفيروس. بدأ يتأقلم مع حياته الجديدة ويساعد المتعايشين مع الفيروس، ويشير إلى أنه “أصبح الفيروس والدواء جزء لا يتجزأ من حياتي، وأنا متصالح مع نفسي، خاصة وأنني أصبحت غير ناقل للعدوى بعد ثلاثة أشهر من تناولي للدواء.”
ويضيف “في العالم العربي، يتم انتقاد الأشخاص على لباسهم، فكيف إذا كانوا حاملين لهذا الفيروس؟” لذلك، لم يخبر أيّاً من زملائه في العمل عن وضعه. حتى عندما يدخل إلى المستشفى، لا يخبر الممرضين عن حالته بسبب نقص ثقافة بعضهم كما يقول حول هذا الموضوع، ويشير إلى أنه “في أحد المرات، كنت بحاجة إلى إجراء عملية، وأصر طبيب التخدير على إحضار تقرير من طبيبي يفيد بأني غير ناقل للفيروس”.
ويختم هادي حديثه بالقول “أنا الآن أعيش حياة صحية ولا أخشى من انقطاع الدواء وبالتالي نقل العدوى إلى الغير”.
مفاهيم خاطئة
لا يزال فيروس العوز المناعي البشري يمثل بحسب ما ذكرت منظمة الصحة العالمية في يوليو الماضي، “مشكلة صحية عامة عالمية رئيسية، حيث أودى بحياة 40.4 مليون شخص حتى الآن مع استمرار انتقال العدوى في جميع بلدان العالم؛ وإبلاغ بعض البلدان عن اتجاهات متزايدة في الإصابات الجديدة في حين أنها شهدت في السابق حالة انخفاض”.
وأشارت التقديرات إلى أن “عدد المصابين بالفيروس بلغ 39.0 مليون شخص في نهاية عام 2022، ثلثان منهم يعيشون في إقليم المنظمة الأفريقي، وفي ذات العام توفي 630 شخص لأسباب مرتبطة بهذا الفيروس كما أصيب 1.3 مليون شخص به”.
يعتقد بعض المتعايشين مع الفيروس في المراحل الأولى لاكتشاف إصابتهم، أنه مرادف للموت، بحسب مقصو “لذلك قد تتطور لديهم مشاعر الخوف أو الرغبة بالعزلة أو تراودهم الأفكار الانتحارية، وفي الجمعية نعقد جلسات توعية لهم ولعائلاتهم وشركائهم في حال طلبوا منا ذلك، لشرح كافة الجوانب المتعلقة بالفيروس وكيفية انتقاله والوقاية منه، ولنؤكد للجميع أن الفيروس ليس وحشاً يهدد الحياة، بل هو عدو قابل للعيش معه”.
طبياً، تختلف أعراض هذا الفيروس باختلاف مرحلة العدوى، ويؤكد أخصائي الأمراض الجرثومية والمعدية، الدكتور جلال عبدو، أنه “في المراحل الأولى قد لا تظهر أي أعراض أو قد تظهر أعراض مشابهة للأنفلونزا، ومنها الحمى والصداع والسعال وتورم الغدد الليمفاوية، وإذا كان المريض يعلم أنه قام باتصال جنسي غير محمي عليه إجراء الفحص للتأكد فيما إن كان مصابا بالفيروس أم لا”.
ويشدد عبدو في حديث لموقع “الحرة” على أن “المتعايش مع هذا الفيروس لا يشكّل خطراً على محيطه من حيث نقل العدوى إذا كان يتلقى العلاج بانتظام، إذ يمكنه إقامة علاقة جنسية دون الحاجة للواقي الذكري، كما يمكن للأم المتعايشة مع الفيروس إنجاب طفل سليم دون نقل العدوى له، وبعكس المفاهيم الخاطئة فإن العدوى لا تنتقل بالمخالطة اليومية الاعتيادية كالمصافحة وتقاسم الأدوات الشخصية، بل عبر الجنس، واختلاط الدم ومشاركة حقن المخدرات الملوثة”.
وعن العلاج يقول “هو في أغلب الأحيان حبة دواء واحدة يتناولها المتعايش مع الفيروس يومياً، من دون أن يكون لها عوارض جانبية تذكر، يؤمنها البرنامج الوطني لمكافحة السيدا منذ سنة 1997”.
تسلم جمعية براود ليبانون الدواء “إلى 300 متعايش مع الفيروس، بالتعاون الوثيق مع البرنامج الوطني لمكافحة السيدا في وزارة الصحة، وبطريقة تراعي خصوصيتهم، وهو من أهم الأنواع وإن كان جنريك” بحسب مقصو “إلا أننا نطمح أن تتمكن وزارة الصحة من توفير العلاجات المتقدمة والتي هي عبارة عن حقنة تُعطى للمتعايش مع الفيروس كل عدة أشهر، من دون أن يعود هناك حاجة لكي يتناول حبة دواء يوميا”.
وفي حال عدم تلقي العلاج قد يصاب حامل الفيروس بأمراض خطيرة بحسب ما أوردت منظمة الصحية العالمية على موقعها “كالسل والتهاب السحايا وبعض أنواع السرطان مثل الأورام اللمفاوية”، لافتة إلى أن “العلاج الحالي من الفيروس، لا يشفي من الإصابة، ولكنه يسمح للجهاز المناعي للشخص بأن يصبح أقوى، وعلى المصاب بالفيروس أخذ العلاج طيلة حياته”.
خلف ستار “العار”
الحديث عن وصمة العار يعني بحسب مديرة جمعية “مفتاح الحياة”، الأخصائية النفسية والاجتماعية لانا قصقص “نظرة المجتمع للطريقة التي ينتقل بها الفيروس، هذه النظرة هي حجر الأساس للوصمة، فالمجتمع الشرقي لا يتقبل العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج، فعلى الرغم من شيوعها، إلا أنها لا تزال من المحرمات”.
وتضيف قصقص في حديث لموقع “الحرة” “بما أنه لا شفاء من هذا الفيروس، فهو يمنع الشخص من إكمال حياته الطبيعية وأفراد المجتمع يعزّزون ذلك عبر معاقبته بنظرة العار على شيء قد ارتكبه”.
أحياناً، هناك من يمارس علاقة جنسية واحدة وتنتقل العدوى له، تقول قصقص، مشيرة إلى أنها تعرف شخصاً كان عمره 18 عاماً حين مارس أول علاقة جنسية وأصيب بالفيروس، والآن أصبح عمره 36 عاماً ولا يستطيع استكمال حياته بشكل طبيعي لأن وصمة العار تلاحقه، مما يشكّل ضرراً على حياته العائلية والاجتماعية”.
يتأسف مقصو أن لبنان كما عدد من الدول العربية يتّبع سياسة ترحيل الأجنبي الذي يكتشف إصابته بالفيروس باستثناء اللاجئين، بدلاً من مكافحة الفيروس عبر زيادة حملات التوعوية لتصحيح المفاهيم الخاطئة وإدراج التربية الجنسية في المناهج المدرسية وتعديل القوانين والسياسات لضمان حماية المتعايشين مع الفيروس من التمييز والوصول إلى تقبّل المجتمع لهم والقضاء على وصمة العار وتحسين حياتهم.