قال موقع المركز الروسي الإستراتيجي للثقافات -في تقرير منشور- إن الخبراء الأميركيين باتوا على يقين من أن الوضع الداخلي في الولايات المتحدة يمثّل مصدر التهديد الرئيسي لاستقرار العالم.
وأضاف التقرير أنه ولأول مرة في التاريخ، ذكر مجلس العلاقات الخارجية -الذي يضم كبار الخبراء الأميركيين، في مراجعته السنوية للأولويات- أن الأمر الذي يثير القلق الأكبر ليس التهديد الخارجي، وإنما الإرهاب الداخلي وأعمال العنف السياسي داخل الولايات المتحدة نفسها، خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية.
وذكر كاتب التقرير ديمتري مينين أن هذه التوقعات جاءت حتى قبل اندلاع الخلاف بين تكساس والسلطات الفدرالية حول حماية الحدود من تدفق المهاجرين، واتخاذ الخلاف شكلا عسكريا يهدد بتفجر الأوضاع. ويعتقد خبير القانون الدستوري بكلية الحقوق جامعة تكساس ستيف فلاديك أنه “من الطبيعي قول إننا لم نشهد مثل هذه المواجهة المباشرة بين الولاية والحكومة الفدرالية منذ إلغاء الفصل العنصري”.
وتابع المركز الروسي بأن مشكلة الولايات المتحدة تتمثل في تجاوز الانقسام فعليا حدود الخلافات حول قضايا فردية بين الحزبين الديمقراطي والجمهوري اللذين يتناوبان على السلطة، حيث بدأت الاختلافات في وُجهات النظر حول أن بنية البلاد بين الحزبين في جميع المجالات تكتسب طابعا أساسيا ووصلت الإهانات والاتهامات المتبادلة إلى مستويات غير مسبوقة.
معضلة ترامب
وينتظر الديمقراطيون حكم المحكمة العليا الأميركية بشأن قراري المحكمتين بولايتي كولورادو وماين بعدم السماح للرئيس السابق دونالد ترامب التسجيل في انتخاباتها استنادا إلى البند الدستوري القديم بشأن التحريض على أعمال شغب.
وفي ظل إمكانية إلغاء المحكمة العليا -التي لا يزال يسيطر عليها الجمهوريون- قرارات هذه الولايات، قد يحدث تمرد من شأنه تحفيز الجمهوريين على اتخاذ المزيد من الخطوات لعصيان إدارة الرئيس جو بايدن، بحسب التقرير الروسي.
وأشار الكاتب إلى أن الكثيرين ينظرون إلى يوم الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر/تشرين الثاني 2024 بخوف من أن يكون بداية حرب أهلية حقيقية. ومن جانبه، قال الرئيس بايدن إن موجة العنف السياسي المتزايدة يقف وراءها الرئيس السابق وأنصاره. لكن المحللين يرون أن تصاعد التهديدات والهجمات ظاهرة مشتركة بين الحزبين.
ونقل التقرير عن الإعلام الأميركي قوله إن عدد الجرائم آخذ في الازدياد لأسباب أيديولوجية. واليوم، يعتقد واحد من كل 4 أميركيين أن العنف مبرر باسم “إنقاذ” البلاد.
عنف متبادل
ويشير الخبراء إلى أنه عام 2024 لم يعد الأمر يقتصر على الجمهوريين فقط، وسيشعر العديد من الديمقراطيين بالهستيريا عند فكرة فوز ترامب، مما يدفعهم للجوء إلى العنف. ويعتقد المحللون في معهد الصين للدراسات الدولية أن العداء السياسي والانقسامات الاجتماعية والتوترات العرقية بالولايات المتحدة ستزداد، ومن ثم ستصبح في المستقبل مصدرا للفوضى للعالم جميعا.
وأضاف التقرير الروسي أن ما يزيد الوضع تعقيدا هو احتمال أن تنشأ التوترات في منطقة أميركا الشمالية أيضا بسبب مطالبات الولايات الأحادية بالسيادة على مليون كيلومتر مربع من الجرف القاري، بما في ذلك المناطق التي تطالب بها روسيا وكندا والمكسيك.
في المقابل، يعتبر الاستفتاء في فنزويلا للاعتراف بجزء كبير من غويانا المجاورة الغنية بالنفط كأراض وطنية مصدر قلق كبير بأميركا الجنوبية في ظل الخوف من أن تحاول كاراكاس تنفيذ استخدام القوة العسكرية لتحقيق نتيجة الاستفتاء، الأمر الذي قد يؤدي إلى اشتباكات إقليمية تشمل أطرافا خارجية، في المقام الأول منها الولايات المتحدة وبريطانيا.
وأشار الكاتب الروسي إلى أن الوضع في الأميركيتين عام 2024، وكذلك في العالم، سيعتمد إلى حد كبير على تطور الوضع الداخلي بالولايات المتحدة، لا سيما في ظل إظهار واشنطن في العديد من المناسبات ميلها إلى حل المشاكل الداخلية عبر تحويل الأنظار إلى جبهات خارجية.