تارودانت – وسط المآسي الكبيرة التي خلفها الزلزال الذي ضرب مناطق عدة في المغرب نهاية الأسبوع الماضي، تفاجأ سكان الكثير من هذه المناطق بتفجر ينابيع من المياه، وبعودة الحياة إلى كثير من الينابيع الأخرى التي جفت منذ سنوات.
وتبرز أهمية هذه “المفاجأة الطبيعية” في أن المغرب يعيش للعام السادس على التوالي جفافا حادا في كثير من مناطقه، من بينها تلك التي ضربها الزلزال في أقاليم الحوز وشيشاوة وتارودانت وورزازات وأزيلال، وكان العام الماضي أسوأ هذه الأعوام الستة، وكذا أسوأ سنة جفاف شهدها البلد منذ 40 عاما.
كما أن المغرب يصنف ضمن الدول التي تعاني من الإجهاد المائي، وتراجع في السنوات الأخيرة مناسيب كثير من سدوده، مما اضطر الدولة إلى انتهاج سياسات مشددة لترشيد استهلاك المياه.
آمال الساكنة
وحسب ما رواه للجزيرة نت بعض سكان المناطق المتضررة من الزلزال، فإن هذه الينابيع ظهرت في عدة قرى، منها على سبيل المثال في إقليم ورزازات (جنوبي شرقي المملكة) بقرى أكديم وكنطولة وإيمي نولاون وتمسيلت وأزضل وأمزري.
وفي إقليم الحوز (جنوبي غربي البلاد) تحدث سكان عن ظهور ينابيع جديدة أو عودة المياه بقوة إلى أخرى جفّت، وخاصة في قريتي إيجوكاك وثلاثاء يعقوب، وكذلك الأمر في إقليم تارودانت (جنوبي البلاد) حيث عاينت الجزيرة نت مياها متدفقة في نهر “أسيف أونزال” بقرية إيخفيس الواقعة في منطقة تيزي نتاست.
ويقول سكان من المنطقة تحدثوا للجزيرة نت إن هذه الظاهرة ربما “من حسنات الزلزال”، وإنها ستعيد الحياة إلى كثير من الأنشطة الزراعية البسيطة التي كانوا يمارسونها في عقود سابقة على مجاري هذه العيون والأنهار قبل أن تجف.
كما ستخفف هذه العيون والينابيع معاناة كثير من المناطق النائية التي كان أهلها يعانون ويقطعون المسافات الطويلة للوصول إلى مياه الشرب لهم ولأنعامهم.
بفعل الزلزال والصدع الذي أحدثه في طبقات الأرض، ظهرت ينابيع في بعض المناطق في الأطلس الكبير.
سالت جراحنا دما
وسالت عيوننا دموعا
وسالت جراح الأرض ماء معينا
وكأنها تقول لنا
لا تنزفوا لوحدكم
لتضمد جراحنا وتجفف دموع مآقينا#زلزال_المغرب pic.twitter.com/sDMTl7F8ig— محمد جليل Mohamed Jalil (@s_im0h_ja_lil) September 13, 2023
تفسير علمي
وفي سياق تفسير هذه الظاهرة، قال أخصائي الجيولوجيا والمياه الجوفية محمد ازحيمي إن الزلزال حركة تكتونية للأرض تحدث في منظومة فوالق وانكسارات.
وأوضح ازحيمي، في تصريح للجزيرة نت، أن المياه مرتبطة بمنظومة الانكسارات والفوالق الأرضية، وهذه الأخيرة هي التي تشكل مسارات ومسالك وطرق المياه تحت الأرض.
وأبرز أن أي ينبوع تدفق في السطح بعد الزلزال فهو مجرى مائي كان مسارا للمياه التي وجدت مخرجا لتنبثق إلى السطح، موضحا أن هناك تدفقات أخرى تحت الأرض تكمل مسارها إلى أن تصل إلى وجهات أخرى.
وأكد ازحيمي أنه عاين انحباس تدفق مياه ينابيع كبيرة لمدة 3 أيام بعد الزلزال، ثم عادت للتدفق بصبيب أكبر، كما أن ينابيع انحبست عن التدفق قبل جائحة كورونا عادت إليها الحياة بعد الزلزال، وقال “لقد عاينت هذه الحالات بنفسي، أعرفها جيدا لأني درستها”.