تركيا.. القبض على 147 شخصا للاشتباه “في صلتهم بداعش”

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 9 دقيقة للقراءة

منذ أسبوع، تتسلط أضواء الانتخابات المحلية المرتقبة في تركيا على “باشاك” زوجة السياسي الكردي المسجون صلاح الدين ديميرتاش، وبعدما انتشرت تقارير و”تسريبات من وراء الكواليس” تشير إلى نيتها الترشح لرئاسة بلدية إسطنبول، خرجت ببيان الأربعاء أعلنت فيه رسميا عدم خوضها المنافسة.

تعتبر “باشاك” من أبرز الوجوه السياسية التركية في البلاد وبعدما وضعت السلطات زوجها في السجن قبل سنوات، ومازال فيه حتى الآن دائما ما كان اسمها يتردد بقدر كبير من الأهمية داخل الأوساط الكردية في تركيا. 

هي الآن سياسية فاعلة وأحد أركان الحزب الذي كان يتزعمه زوجها قبل اعتقاله “الشعوب الديمقراطي”، والذي تحوّل اسمه بعد الانتخابات الرئاسية والبرلمانية الأخيرة إلى “حزب المساواة الشعبية والديمقراطية”.

ومن المقرر أن يتم تنظيم الانتخابات المحلية في تركيا في يوم 31 مارس المقبل.

ورغم أن هذا الاستحقاق لا يقتصر على مدينة دون غيرها، لطالما كانت المنافسة على إسطنبول تحظى بظروف استثنائية، لاعتبارات تتعلق برمزيتها وعدد السكان فيها والصبغة السياسية فيها التي دائما ما تتداخل مع الأمور الخدمية.

“سابقة في التنافس”

وكان الحزب الحاكم (العدالة والتنمية) وحليفه (الحركة القومية) قد أعلنا عن مرشحهما المشترك مراد قوروم لرئاسة بلدية إسطنبول، قبل أسبوعين. 

وجاء ذلك بعدما حسم “حزب الشعب الجمهوري” أكبر أحزاب المعارضة اسم مرشحه لمنصب العمدة، وهو أكرم إمام أوغلو.

ولم تتوقف عملية إعلان المرشحين عند الاسمين المذكورين، خلال الأيام الماضية، حيث كان لافتا إقدام “حزب الجيد” الذي تتزعمه السياسية القومية المعارضة ميرال أكشنار على ترشيح اسم خاص به.

كما أعلن “حزب النصر” القومي أيضا عن مرشحه المستقل لرئاسة بلدية إسطنبول، وتبعه “حزب السعادة” المعارض.

وفي غضون ذلك ذكرت وسائل إعلام الأربعاء أن الحزب الكردي (المساواة الشعبية والديمقراطية) بصدد الكشف عن اسمه الخاص بعد أيام، وأيضا “حزب الرفاه من جديد”، الذي تحالف مع “العدالة والتنمية” في انتخابات الرئاسة والبرلمان.

ولم يسبق وأن احتدمت المنافسة على هذا الشكل في تركيا خلال السنوات الماضية.

وفي انتخابات البلديات السابقة (2019) كان الصراع النهائي محصورا باسمين، الأول هو إمام أوغلو والثاني بن علي يلدريم.

وتمكن إمام أوغلو حينها من إنهاء حكم حزب “العدالة والتنمية” الذي امتد في بلدية إسطنبول لـ25 عاما، وتحدث الكثير من الخبراء والمراقبين والسياسيين في تلك الفترة أن فوزه جاء بدعم من الصوت الكردي، والقاعدة الخاصة بـ”الشعوب الديمقراطي”.

وعلى أساس ذلك لم تكن الأضواء خلال الأيام الماضية مسلطة على باشاك ديميرتاش دون خلفيات، حسبما يوضح مراقبون لموقع “الحرة”. 

ويقولون من بينهم الباحث التركي، علي أسمر والمحلل السياسي، جواد غوك إن التسريب الأول عن عزم ديميرتاش الترشح أعطى توقعا مسبقا عن خسارة إمام أوغلو، لكن وبعد إعلان تراجعها ساد اعتقاد بأن ما حصل كان بمثابة “تفاوض غير مباشر”.

ويضيف أوزير سانجار مؤسس ومدير شركة أبحاث الرأي “ميتروبول” أن “انسحاب باشاك دميرتاش من الترشح زاد من فرص إمام أوغلو وقدرة حزب الشعب الجمهوري على المساومة بشكل يفوق التوقعات”.

ما شكل المنافسة؟

ويوضح المحلل السياسي التركي، جواد غوك أن “المعارضة في البلاد مازالت تعيش حالة من التوتر، ولم تتمكن حتى الآن من تجاوز الهزيمة الأخيرة في الانتخابات الرئاسية”.

ولذلك أعلنت عدة أحزاب في المعارضة خلال الأيام الماضية عن مرشحيها المستقلين، ليس في إسطنبول فحسب بل في عدة مدن.

ويقول غوك لموقع “الحرة”: “الهزيمة كانت ضربة قاسية لصفوف المعارضة، وفتحت باب خلافات شديدة بين الشخصيات”، وما يزال قائما حتى الآن، وبدا مؤخرا من التصريحات المتتالية لزعيمة “حزب الجيد”، ميرال أكشنار.

وكان زعيم “الشعب الجمهوري” كمال كليتشدار أوغلو قد خسر أمام منافسه الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، وبعد أشهر أجرى الحزب المعارض انتخابات داخلية انتهت بتسلم أوزغور أوزيل دفة الرئاسة.

ويجري أوزيل منذ أسابيع جولات انتخابية في المدن التركية، ووصل قبل أيام إلى المناطق التي ضربها الزلزال، وقال: “سترون أن أصحاب القلوب القاسية سيخسرون، وذوو القلوب الطيبة سيفوزون”.

وفي المقابل وصل إردوغان إلى عدة ولايات تركية أيضا، وزار مناطق الزلزال وقال من كهرمان مرعش الأربعاء إن “حزب الشعب الجمهوري يمر بحرب أهلية. ومن غير المعروف متى ستنتهي الحرب.

وأضاف: “الحرب يلوح فيها القدامى والجدد سيوفهم على بعضهم البعض من جانب والآخرين من الجانب الآخر”.

ويعتقد المحلل السياسي غوك أن “إمام أوغلو وفي حال كان قادرا على كسب القاعدة الكردية وحزب المساواة الشعبية والديمقراطية سيضمن الفوز مرة أخرى في انتخابات رئاسة بلدية إسطنبول”.

لكن إذا لم يكن هناك أي تحالفات “لن يكون بمقدوره الفوز”، كما يرى غوك، مشيرا من جانب آخر إلى أن “حزب العدالة والتنمية يأتي بقوة هذه المرة وباسم مراد قوروم”.

“الرابح سيفوز بنسبة قليلة”

وكان إمام أوغلو قال بعد إعلان ترشيح مراد قورم عن التحالف الحاكم إن انتخابات رئاسة البلدية المقررة في مارس “ستوجه رسالة إلى حكومة إردوغان بشأن رغبة الشعب التركي في الديمقراطية والعدالة وسيادة القانون”.

وبينما أقر (إمام أوغلو) بأن الانتخابات هذه المرة ستكون أصعب من السابقة التي فاز فيها على بن علي يلدريم في 2019، أشار إلى أن “أحزاب المعارضة لم تعد متحالفة في مواجهة مرشحي حزب العدالة والتنمية الحاكم”.

ويعتقد علي أسمر وهو ومحلل سياسي تركي أن “الانتخابات المقبلة ستكون مختلفة عن سابقاتها”.

كما “ستكون المنافسة قوية والرابح سيفوز بنسبة قليلة عن الآخر بعكس انتخابات البلدية الأخيرة التي فاز بها أكرم إمام أوغلو بفارق كبير”.

ويوضح لموقع “الحرة” أن “سبب خصوصية الانتخابات ترتبط بدخول البلاد بالقرن الجديد الذي يراهن عليه إردوغان وأعضاء الحكومة التركية”.

ولذلك “تلافوا أخطاء الانتخابات الأخيرة وبعد مشاورات ومفاوضات قرروا ترشيح مراد كوروم وزير البيئة السابق لخبرته الكبيرة في ملف الزلزال”، وفق ذات المتحدث.

ويشي شكل الحملات الانتخابية التي يقودها كل من إمام أوغلو وقوروم الاسمين بتركيزهما على المخاوف المتعلقة بزلزال إسطنبول الذي يتوقعه الخبراء، منذ سنوات.

وتحدث قوروم كثيرا خلال الأيام الماضية عن “الكارثة المتوقعة” ووعد بإيجاد حلول لها، وحلول أخرى لتحسين شبكة المواصلات.

وفي المقابل قال إمام أوغلو الأربعاء إنه “لا يمكن لإسطنبول أن تكون جاهزة للزلزال إلا إذا هزمت جماعات الضغط الخاصة بتقسيم المناطق وتحقيق الربح”.

وأضاف أن “اختبار إسطنبول مع الزلزال هو اختبار 16 مليون إنسان مع حفنة من الناس. سنجعلهم يركعون، وإسطنبول لن تركع”، حسب تعبيره.

“رسائل عبر الإعلام”

ولا يعرف ما إذا كان شكل المنافسة على إسطنبول سيكون على حالته الفردية القائمة أم تتجه بعض الأحزاب إلى تشكيل تحالفات كما كان الحال سابقا.

ومن جانب الحزب الكردي (المساواة الشعبية والديمقراطية) يقول المحلل السياسي غوك إن “مطالبهم المتعلقة بالتحالف مع الشعب الجمهوري ترتبط بالحصول على الشرعية والاعتراف بهم كجهة سياسية فاعلة”.

“هم (الحزب الكردي) يقولون إننا متحالفون معكم ومن دون أصواتنا لم تكونوا فائزين في الانتخابات البلدية الأخيرة؟ فلماذا تتجاهلون موقفنا ومطالبنا ولا تريديون القول إنكم متحالفون معنا؟”، وفق حديث غوك.

ويضيف: “الصراعات موجودة الآن وتقارير ترشيح ديميرتاش ومن ثم نفيها ذلك يراد منها وضع التحالف على الطاولة”، ويشير المحلل السياسي إلى أن ذلك يتم “عبر توجيه رسائل من خلال وسائل الإعلام ومواقع التواصل”.

ولا يمكن الاستخفاف بعمدة إسطنبول الحالي، أكرم إمام أوغلو، وفق الصحفي والمحلل التركي، علي أسمر. 

ويوضح حديثه بالقول: “هو يتقن البروبوغندا الإعلامية ودور الضحية، بينما يملك فريق مواقع تواصل اجتماعي قويا جدا”.

كما أنه “محبوب من بعض شخصيات المعارضة لأنه الوحيد الذي استطاع سلب إسطنبول من كنف الحزب الحاكم”، حسب أسمر. 

ومع ذلك يعتبر أن “الكلمة الأخيرة ستكون للتحالفات الحزبية، والتي دائما ما تكون ضمن إطار الشد والجذب والمساومات”.

أسمر يشير إلى أن “إمام أوغلو وفي حال استطاع إقناع الحزب الجيد والحزب الكردي ستنخفض بهذه الحالة حظوظ مراد قوروم”، وأن “ترشيح زوجة ديميرتاش وانسحابها جزء من المساومات المفتوحة”.

لكنه يضيف في المقابل أن “كثرة أسماء المرشحين لبلدية إسطنبول هو شيء إيجابي لمرشح تحالف الجمهور بقيادة حزب العدالة والتنمية (قوروم)”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *