إسلام آباد- رغم دخول المرأة الباكستانية السياسة منذ وقت طويل، فإنها لا تزال تواجه الكثير من العقبات في خوض هذا المضمار في بعض المناطق، خاصة في المناطق القبلية أو ما يعرف بـ “المناطق الخاضعة للإدارة الفدرالية في باكستان”، التي تكثر فيها الصراعات الحدودية وانتشار الجماعات المسلحة المتشددة والفكر المحافظ، مثل حركة طالبان الباكستانية.
وإن كانت النساء لا يحصلن على حقهن بالانتخاب والتصويت في بعض تلك المناطق، فإنه وفي مناطق أخرى وخلال السنوات الأخيرة، قدمت بعض المناطق نماذج لنساء رشحن أنفسهن للانتخابات الباكستانية، سواء على مقاعد النساء أو على المقاعد العامة، وشكل ذلك حافزا لنساء أخريات للترشح للانتخابات فيما بعد، وهو ما يعتبر تغييرا كبيرا على تلك المناطق، وتشهد الانتخابات الباكستانية المقبلة، المقررة يوم الخميس الثامن من فبراير/ شباط الجاري، نماذج لنساء يتقدمن لأول مرة بالترشح عن مناطقهن.
مرشحة هندوسية
تعتبر الدكتورة ساويرا براكاش أول امرأة تترشح للمنافسة في الانتخابات العامة على المقاعد العامة، نيابة عن حزب الشعب الباكستاني، في منطقة بنير في إقليم خيبر بختونخوا شمال غرب باكستان، حيث تنافس على مقعد عام في المجلس الإقليمي، لكنها أيضا تعتبر من الأقليات، حيث تعتنق الديانة الهندوسية، إضافة لكونها صغيرة في السن، وهو ما يحدث أول مرة على الأقل في تلك المنطقة.
تنتمي الطبيبة براكاش لحزب الشعب الباكستاني منذ صغرها، سيرا على درب والدها الذي يعتبر أحد الناشطين السياسيين والاجتماعيين في تلك المنطقة، وقد أنهت دراستها في تخصص الطب العام في 2022.
وفي مقابلة مع الجزيرة نت، قالت براكاش إنها عندما علمت بأنها أول امرأة من الأقلية ترشح نفسها شعرت بالصدمة، وقالت إنها لم تدرك أنه لم يتنافس أحد من نساء الأقليات من قبل، وأضافت أنه رغم أن هناك حركات تمنع النساء من الإدلاء بأصواتهن، وصعوبة التنافس في الانتخابات، فإنه منذ اليوم الأول كان هناك استجابة إيجابية هائلة، حيث يدعمها الجميع في مجتمعها.
كما أكدت براكاش أنها لم تشعر أبدا أنها من الأقلية، وأنها قضت حياتها كلها في بنير دون أن تواجه أي تمييز على أساس الدين، وقالت إنه من أهم أهدافها منذ اللحظة الأولى التي قررت فيها خوض الانتخابات العامة تمكين المرأة وتمكين الشباب، وأكدت تركيزها على تطوير منطقتها من خلال تطوير البنى التحتية.
من منطقة قبلية
وفي منطقة خيبر التي انضمت إداريا إلى إقليم خيبر بختونخوا، تتنافس شاكيرا شنواري على مقعد عام، عن حزب إنصاف البرلمانيين الباكستاني، وهو حزب تأسس في يونيو/حزيران 2023 بعد الانشقاق عن حزب إنصاف الرئيسي، وتعتبر شاكيرا شنواري الأولى التي تترشح للمنافسة على المقاعد العامة في منطقتها، التي تعتبر من المناطق القبلية المحافظة، حيث تواجه بعض العقبات.
وفي حديث للجزيرة نت، تقول شنواري إنه من غير المقبول تقليديا فكرة مشاركة المرأة في مجتمعها، ومع ذلك، تأمل شنواري أن تكون مشاركتها في السياسة قد ألهمت نساء أخريات للنظر في الأمر، وتضيف أن التحدي الرئيسي الذي يواجهه مجتمعها هو “نقص الوعي، الذي يؤثر على الرجال والنساء على حد سواء”، وأكدت أن هدفها هو “تعزيز الوعي خاصة بين النساء، وتشجيعهن على الظهور والمساهمة، مع الاعتراف بأنهن يشكلن أساس الأسرة”.
وحول فكرة المشاركة في السباق الانتخابي في منطقة مثل المنطقة القبلية في باكستان، تقول شنواري للجزيرة نت إن “المشاركة في أنشطة الحملة يمثل تحديا بسبب ثقافتنا القبلية، التي تفرض قيودا على مشاركة النساء في مثل هذه المساعي”. وقالت إنها تواجه العديد من الصعوبات في هذا المجتمع المحافظ، وأنه ليس تحديا شخصيا بالنسبة لها فحسب، بل أيضا صراعا أوسع للنساء في مجتمعها.
ريادة نسائية
تقول الناشطة والباحثة السياسية عاصمة ودود إن “باكستان قدمت أول رئيسة وزراء للعالم الإسلامي، والآن مريم نواز شريف من حزب الرابطة الإسلامية الباكستانية تترشح للحصول على منصب مهم في الحكومة القادمة”.
وحول إمكانية وجود أي تغيير في المجتمع الباكستاني مع بدء ترشح عدد من النساء في الانتخابات، قالت ودود للجزيرة نت إن “الديمقراطية قد تطورت في باكستان، ووصلت الآن إلى النقطة التي يمكنها عندها أن تحدد اتجاهها الصحيح”، وأضافت “نحن متأخرون كثيرا عن الكمال، لكن الرحلة إلى ديمقراطية مستقرة قد بدأت”.
ولفتت ودود في الوقت نفسه إلى “الإيذاء السياسي” الذي تتعرض له النساء المشاركات في السياسة، بسبب الرؤية السياسية لهن أو لأسرتهن على مدار العامين الماضيين، وبالتحديد بعد إسقاط حكومة حزب إنصاف، وقالت إنه “من المؤسف أن النساء يتعرضن للإيذاء السياسي بشكل عشوائي”.
ويوجد اليوم في باكستان فقط 6 أحزاب سياسية تقودها النساء، من أصل 166 حزبا مسجلا في البلاد، وهي:
- حزب الشعب الباكستاني (الشهيد بوتو)، وتترأسه غنوة بوتو، وهي زوجه مرتضى بوتو (نجل ذو الفقار علي بوتو) الذي تنازع على رئاسة الحزب مع شقيقته بينظير بوتو.
- حركة باك ديفينس قومي، برئاسة سابين مالك.
- رابطة عموم باكستان المتحدة، برئاسة تهمينا أمجد.
- حزب سيرايكي الباكستاني، بقيادة الدكتورة نخباخ تاج لانجا.
- منظمة الرابطة الإسلامية، برئاسة فاطمة لبنى حسن.
- حزب عوامي قوات الباكستاني، بقيادة صالحة خاقان.
ويبدو المثال الأكثر وضوحا لقيادة المرأة الباكستانية حزبا سياسيا هي بينظير بوتو، ابنة مؤسس حزب الشعب الباكستاني ورئيس الوزراء السابق ذو الفقار علي بوتو، التي سارت على نهج والدها في الساحة السياسية، وقادت حزب الشعب مرة أخرى بمجرد عودة الحياة الديمقراطية، بعد وفاة الجنرال ضياء الحق، الذي أعدم والدها بعد الانقلاب عليه، وأصبحت رئيسة للوزراء في ولايتين، الأولى في الفترة بين عامي 1988-1990 والثانية في الفترة بين عامي 1993-1996.