نشرت صحيفة “غازيتا” الروسية تقريرا عن معرض الدفاع الدولي المقام في الفترة ما بين الرابع والثامن من فبراير/شباط الجاري في الرياض بالمملكة العربية السعودية، الذي تحتل فيه الطائرات المسيرة مكانا مهما.
وذكر التقرير الذي كتبه ميخائيل خودارينوك أن روسيا تعرض في هذا الملتقى أكثر من 100 نوع من الأسلحة، بينها المقاتلات وطائرات النقل والمركبات المدرعة والطائرات المسيّرة والذخيرة الموجهة بدقة والأسلحة الصغيرة وغيرها من الابتكارات في صناعة الدفاع المحلية.
ونقل التقرير عن الخبير في مجال الطائرات المسيّرة دينيس فيدوتينوف قوله إن العديد من الخبراء يعتبرون أن الطائرات المسيرة التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي ربما تكون الأداة الرئيسية لتحقيق الأهداف في الحروب المستقبلية، مما يجعل الأنظمة غير المأهولة تحتل مكانة مهمة في معرض الرياض.
وأضاف أنه إلى جانب المسيرات ووسائل التصدي لها، تضمن معروض روسيا أنظمة ومجمعات الصواريخ المضادة للطائرات، ونماذج من مركبات الدفاع الجوي القتالية متوسطة المدى من نظام الصواريخ المضادة للطائرات من طراز “إس 350 فيتياز”، ونظام الصواريخ المضادة للطائرات من طراز “فيكينغ”.
لأول مرة
وقال إن روسيا تعرض في السعودية لأول مرة أحدث نظام آلي لمكافحة المركبات الجوية المسيّرة ومعدات المراقبة اللاسلكية التي يمكنها اكتشاف مشغل الطائرة المسيّرة، وهو “نظام صير-بي في سي 6” المضاد للطائرات المسيّرة والقادر على حماية الأجسام من المسيّرات الفردية ومن الأسراب.
أسلحة المستقبل
وأشار الكاتب إلى أن الولايات المتحدة تكثف العمل على إنشاء مسيرات تعمل جنبا إلى جنب مع الطائرات المأهولة. وهذا العام، تخطط القوات الجوية الأميركية لسلسلة من الرحلات الجوية التجريبية للمسيرات التي تهدف إلى اختبار التقنيات ذات الصلة.
وأوضح الخبير فيدوتينوف أن الأمر يتعلق باستخدام المسيرات التفاعلية، التي تسمى أيضا “رجل الجناح المخلص”، ومن المتوقع استخدامها جنبا إلى جنب مع الطائرات المقاتلة الحالية والمستقبلية، مثل طائرات “إف-35”.
ووفقا للخبراء الأميركيين فإن مسيّرة “رجل الجناح المخلص” ستكون، بالتعاون مع الطائرات المأهولة، قادرة على أداء مهام مختلفة مثل الاستطلاع أو ضرب أهداف مختلفة أو قمع إشارات الراديو للعدو أو العمل كأفخاخ.
مجالات تطوير
وتعمل القوات الجوية الأميركية على 3 مجالات لتطوير مسيّرة “رجل الجناح المخلص”، وهي تطوير المنصات نفسها وإنشاء بنية نظام التحكم لهذه الطائرات ومعرفة كيفية تنظيم وتدريب هذا النظام.
وقال التقرير إنه يبدو أن استخدام مسيّرة “رجل الجناح المخلص” في سلاح الجو الأميركي أصبح واسع النطاق. ففي السابق، كان العدد المقدر للأجهزة الواعدة هو 1000 وحدة. ويرجح خبراء القوات الجوية الأميركية حاليا تجاوز عددها الإجمالي هذا الحد.
ومن أجل شراء مثل هذه التقنيات بكميات كبيرة، يجب أن تكون تكلفة الأجهزة رخيصة نسبيا. لذلك، على الأرجح، سيكون سعر هذه الطائرات المسيّرة ما بين ربع وثلث تكلفة المقاتلة “إف-35” أي في حدود 20 و27 مليون دولار.
منصات ممكنة
وقال أيضا إن القوات الجوية الأميركية تنظر في عدد من الطائرات من العديد من شركات التطوير كمنصة محتملة “لرجل الجناح المخلص”، إحداها المسيّرة من طراز “كراتوس إكس كيو 58 فالكري”. وتستطيع فالكري الطيران بسرعة تصل إلى 1050 كم/ساعة، بينما تصل سرعة إبحار الجهاز إلى 882 كم/ساعة.
ويوجد أكثر من متنافس على “جناح الرجل المخلص” في القوات الجوية الأميركية. فبالإضافة إلى شركة خراتوس، شاركت أيضا بوينغ وجنرال أوتوميكس ونورثروب غرومان في البداية في العمل حول هذه المسألة.
وتقدم شركة بوينغ طائرة “بوينغ لويال وينغمان” التي يشبه شكلها طائرة فالكيري المسيّرة، لكن مداخل هواء المحرك موجودة على جانبي جسم الطائرة. ورغم عدم الكشف رسميا عنها، فمن الممكن الافتراض أنها أثقل إلى حد ما من طائرة فالكيري.
أولوية رئيسية
وأفاد الكاتب بأن إدراج الطائرات المسيّرة المتفاعلة المستقلة في القوة القتالية يعد إحدى الأولويات الرئيسية للقوات الجوية الأميركية، حيث يخطط البنتاغون للارتقاء بالطيران القتالي إلى مستوى مختلف نوعيا، مع تحديث الأسطول المقاتل وتغيير تكوينه بشكل جذري.
وقال إن الولايات المتحدة تُكثّف في الوقت الراهن العمل على مشروع لا يعد بنتائج فورية، مما يعني أن قواتها الجوية تستثمر فقط في مشاريع واعدة، لأن الصراعات العسكرية الأخيرة أظهرت بوضوح مدى ضعف أنظمة الطيران المستخدمة. وعليه، أدركت الولايات المتحدة أنها رغم تفوقها العددي المحتمل، فإنها لا تستطيع ضمان النجاح في حروب المستقبل.
وحسب فيدوتينوف فإن هذا أجبر القوات الجوية الأميركية على الاهتمام مرة أخرى بدراسة الأساليب البديلة المحتملة التي يمكنها تغيير قواعد اللعبة في المستقبل. وأحد هذه الأساليب هو تنفيذ مفهوم مسيّرة “رجل الجناح المخلص”. ومن المتوقع أن يتيح تطوير هذه التقنيات التفوق على العدو في الصراعات العسكرية المستقبلية. ولذلك، تشارك الصين والهند وتركيا وأستراليا حاليا في مشاريع مماثلة.
ماذا عن روسيا؟
تعود فكرة إنشاء المسيّرات الروسية “المتفاعلة” لأحد المتخصصين الروس الرائدين في هذا المجال، وهو المصمم نيكولاي دولجينكوف. وقد طوّر قائمة بالمهام اللازمة لتنفيذ هذا المفهوم والتطورات الإضافية في الخارج، بما في ذلك إطلاق مشاريع مماثلة في الصين والهند وتركيا.
حيال هذا الشأن، قال فيدوتينوف إن المسار الإضافي للأحداث المتعلقة بالعملية العسكرية الروسية أجبر الإدارة العسكرية الروسية على إعادة النظر بشكل كبير في قائمة أولوياتها فيما يتعلق بتطوير الأسلحة والمعدات العسكرية، مع التركيز على ما هو مطلوب هنا الآن.