ضغوط أميركية لتفعيل قانون “ليهي” لمواجهة عنف المستوطنين بالضفة

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

واشنطن- مع تصاعد عنف الاحتلال الإسرائيلي في الضفة الغربية منذ عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وصل عدد الضحايا الفلسطينيين حتى الآن إلى نحو 500 شهيد طبقا لتقارير إعلامية موثقة.

وقالت الأمم المتحدة إن “غالبية هؤلاء استشهدوا على يد القوات الإسرائيلية، لكن 8 منهم على الأقل قُتلوا على يد المستوطنين الإسرائيليين”.

وطالبت الحكومة الأميركية السلطات الإسرائيلية بتقديم توضيحات عاجلة، حول انتهاكات ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بحق فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة، وسط قلق كبير بين عدد من المشرعين الديمقراطيين من انتهاك إدارة الرئيس جو بايدن لـ”قانون ليهي”، الذي ينص على حظر توريد الأسلحة للجهات الأمنية، التي تخالف المعايير الأميركية للحفاظ على حقوق الإنسان.

ما قانون ليهي؟

يشير مصطلح “قانون ليهي” إلى حكمين قانونيين أقرهما الكونغرس في 1997، ويحظران على الحكومة الأميركية تقديم مساعدات لقوات أو وحدات أمن أجنبية، حال وجود معلومات موثوقة تشير إلى تورط تلك الوحدات في ارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان.

ويرجع اسم القانون إلى السيناتور الراحل من ولاية فيرمونت، باتريك ليهي، ويتطلب تنفيذه من وزارتي الخارجية والدفاع وقف نقل المساعدات العسكرية الأميركية إلى “أي وحدة من قوات الأمن في دولة أجنبية، إذا كان لدى وزير الخارجية معلومات موثوقة بأنها ارتكبت انتهاكا جسيما لحقوق الإنسان”.

“قانون ليهي” أقره الكونغرس في 1997 بحظر تقديم مساعدات لمتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان (الجزيرة)

إسرائيل استثناء

ودفع كل من لورا لومب، وويليام هارتونغ، من معهد كوينسي بواشنطن، إلى القول إن الحكم الذي أصدرته محكمة العدل الدولية بخصوص دعوى جنوب أفريقيا حول احتمال ضلوع إسرائيل في أعمال إبادة جماعية في غزة، يجب أن يدفع إدارة الرئيس جو بايدن إلى مراجعة السياسة الأميركية الحالية، بشأن إمداد إسرائيل بالأسلحة التي تُستخدم في الهجمات على القطاع.

وطالب الكاتبان كذلك بالتخلي عن ممارسة منح إسرائيل معاملة خاصة واستثنائية، عندما يتعلق الأمر بإنفاذ قوانين حقوق الإنسان الأميركية القائمة، حول ما يتعلق بعمليات نقل الأسلحة.

ولطالما كان “الاستثناء الإسرائيلي” في تقديم المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل عُرفا دأبت عليه الإدارات الديمقراطية والجمهورية خلال العقود الأخيرة، حيث لم تُستدعَ معايير حقوق الإنسان، أو مخالفة القوانين الأميركية من إسرائيل.

وفي الأيام التي تلت هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 على إسرائيل، بدأت وزارة الدفاع بإرسال الأسلحة إلى إسرائيل، بما في ذلك القنابل ذات القطر الصغير، والذخائر الموجهة بدقة، والدبابات المدرعة، وقذائف المدفعية والذخيرة.

وقال البيت الأبيض والبنتاغون في ذلك الوقت إنهما لن يضعا “خطوطا حمراء” للنشاطات العسكرية الإسرائيلية في غزة. وشدد وزير الدفاع لويد أوستن في 12 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، على أن الولايات المتحدة “لم تضع أي شروط على توفير” الأسلحة والمساعدات الأميركية لإسرائيل.

وعلى الرغم من وقوع جرائم قتل عديدة في الضفة الغربية على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية خلال الأشهر الأربعة الأخيرة، ومن قبل ذلك اغتيال مراسلة قناة الجزيرة شيرين أبو عاقلة، لم تجد الحكومة الأميركية أي مسوّغ لتفعيل القانون.

ويقول جوش بول، مدير شؤون الكونغرس السابق في مكتب الشؤون السياسية والعسكرية التابع لوزارة الخارجية، الذي استقال احتجاجا على إخفاق وزارة الخارجية في تطبيق قانون “ليهي” على إسرائيل، إن “عملية التدقيق الاستباقية عادة تُعْكَس بالنسبة لإسرائيل، حيث تُرَاجَع الادعاءات فقط، بعد أن تقدم الولايات المتحدة المساعدة بالفعل”.

وأضاف بول في أحاديث صحفية “تقليديا يتطلب الأمر شخصا واحدا، وإشارة واحدة، لوقف تقديم المساعدة العسكرية، لكن في حالة إسرائيل، يتطلب الأمر إجماعا من جميع أصحاب المصلحة لوقفها. ومرة أخرى، لم يُتَوَصَّل إلى هذا التوافق في الآراء، على الرغم من توافر الادعاءات المقنعة، والمثيرة للقلق والمصداقية بارتكاب انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان”.

وقبل أسبوعين، أوضحت صحيفة الغارديان البريطانية كيف طبقت وزارة الخارجية الأميركية معايير خاصة لإسرائيل لتتحايل بشكل أساسي على قانون “ليهي”.

وخلافا للبلدان الأخرى، حيث يكفي ادعاء موثوق بسوء المعاملة من وحدة من الجيش أو الشرطة أو قوات الأمن القومي الأخرى، لمنع تلك الوحدة من تلقي المساعدة الأميركية، حتى يُفصل في المسألة، بالنسبة لإسرائيل يجب أن يكون هناك إجماع بين جميع مكاتب وزارة الخارجية على ذلك.

 

جلسة محكمة العدل الدولية
باحثان أميركيان: دعوى جنوب أفريقيا يجب أن تدفع إدارة بايدن لمراجعة إمداد إسرائيل بالأسلحة (الجزيرة)

بايدن يتحرك ببطء

وتضغط إدارة بايدن على إسرائيل لتقديم إجابات بشأن سلسلة من الحوادث التي تقول إن وحدات الجيش الإسرائيلي العاملة في مدن الضفة الغربية المحتلة ربما تكون قد انتهكت “قانون ليهي”.

ويشير الطلب الأميركي إلى أنه إذا أخفقت إسرائيل في تقديم إجابات مُرضية، فإن قواتها العاملة في الضفة الغربية لن تحصل على ذخائر من الولايات المتحدة.

وفي الأسبوع الماضي، أصدرت إدارة بايدن أمرا تنفيذيا يعاقب “الأشخاص الذين يقوّضون السلام والأمن والاستقرار في الضفة الغربية”، مشيرة إلى “مستويات عالية من عنف المستوطنين المتطرفين، والتهجير القسري للناس والقرى وتدمير الممتلكات”.

ووافق الرئيس بايدن على فرض عقوبات على 4 مستوطنين إسرائيليين متهمين بمهاجمة فلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة. ووقّع بايدن أمرا تنفيذيا جاء فيه أن العنف في الضفة الغربية وصل إلى “مستويات لا تُطاق”، وتمنع العقوبات هؤلاء الأفراد من الوصول إلى أي ممتلكات، أو أصول لهم داخل الولايات المتحدة.

وعبَّرت النائب من ولاية ميشيغان، رشيدة طليب، ذات الأصول الفلسطينية، في تغريدة على موقع “إكس”، رفضها موقف الإدارة الأميركية.

وقالت “من غير المعقول أن الرئيس جو بايدن لم يراجع بعد ما إذا كانت الولايات المتحدة تنتهك قانون “ليهي” أو القوانين الخاصة بنقل الأسلحة التقليدية المرسلة إلى الحكومة الإسرائيلية. المحاسبة يجب أن تُطبّق بغض الطرف عن انتماء الرئيس للحزب الجمهوري، أو الديمقراطي”.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *