سجّلت إمدادات الغاز الروسي إلى الصين أرقاما قياسية جديدة منذ بداية العام، ويتوقع الخبراء تجاوز خط أنابيب “قوة سيبيريا” أهداف نمو الصادرات المخطط له لهذا العام، حسبما ذكرت صحيفة فزغلياد الروسية.
وذكر تقرير للصحيفة أن شركة “غازبروم” حدثت سجل إمداداتها للصين 4 مرات في شهر واحد. وقد سجلت عمليات التسليم اليومية عبر خط أنابيب “قوة سيبيريا” في الأول والثالث و12 و31 يناير/كانون الثاني 2024 أرقاما قياسية تاريخية.
وفي العام الماضي، زادت الإمدادات عبر هذا الخط مرة ونصف من 15.4 مليار متر مكعب إلى 22.7 مليار متر مكعب، وفي الفترة نفسها سجّلت شركة “غازبروم” أيضا أرقاما قياسية في حجم العرض بشكل متكرر.
وبحسب خطة هذا العام، يجب أن تنمو الصادرات إلى 30 مليار متر مكعب، لكن الخبراء يتوقعون المزيد.
وقال أﻟﻜسي غروموف ﻧﺎﺋﺐ المدﻳﺮ اﻟﻌﺎم ﻟﻘﺴم اﻟﻌﻠﻮم ﻓﻲ ﻣﻌﻬﺪ إﺳﺘﺮاﺗﻴﺠﻴﺔ اﻟﻄﺎﻗﺔ “سنحاول المضي قدما في الآجال المحددة هذا العام، وبحلول نهاية هذا العام سنحقق رقما قياسيا آخر، ونصل إلى ما بين 32 و33 مليار متر مكعب”، ومن المتوقع أن يصل خط أنابيب “قوة سيبيريا” إلى طاقته البالغة 38 مليار متر مكعب سنويًا في عام 2025.
وبالنظر إلى خسارة سوق المبيعات الأوروبية، من المفيد لشركة “غازبروم” والميزانية الروسية زيادة الإمدادات إلى حد أقصى يبلغ 38 مليار متر مكعب هذا العام، ومع ذلك من المستبعد العام الحالي.
وأضاف غروموف “لماذا لا نستطيع توريد المزيد من الغاز على طول هذا الطريق؟ أولا، ثمة عملية تكنولوجية معينة لزيادة إمدادات الغاز من الحقول. ثانيا، هناك خطة لتجهيز الحقول نفسها المرتبطة بخط أنابيب الغاز التابع لشبكة قوة سيبيريا. وعلى عكس قوة سيبيريا 2، يعتمد خط أنابيب قوة سيبيريا على حقول جديدة”.
أرقام قياسية
ونقلت فزغلياد عن الخبير في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية وخبير الصندوق الوطني لأمن الطاقة، إيغور يوشكوف، قوله “ثمة فرصة للحصول على المزيد من الغاز عبر خطوط الأنابيب من روسيا.. فنحن ننتج المزيد، وتتزايد الطاقة الإنتاجية لخط قوة سيبيريا. ومن ناحية أخرى، بدأت الصين تستهلك كميات أكبر من الغاز مقارنة بالعام الماضي. في يناير/كانون الثاني الماضي أصبح سعر الغاز الروسي مغريا للصين، لأنه بموجب العقد المبرم مع الصين، يرتبط سعر الغاز بتكلفة النفط والمنتجات النفطية في السوق الآسيوية بفارق 9 أشهر. وقبل هذه المدة كان ثمة انخفاض في أسعار الغاز، مما ينعكس على تكلفة الغاز في الوقت الراهن”.
من جهته يقول غروموف “تستقبل الصين غازنا عبر خط أنابيب الغاز قوة سيبيريا بأسعار مناسبة للغاية. وربما يكون هذا هو أرخص مصدر لأنابيب الغاز إلى الصين في الوقت الحالي، وكان كذلك في عام 2023. ووفقا لتقديراتنا، تم بيع الغاز عبر خط قوة سيبيريا نهاية العام الماضي بمتوسط سعر أقل من 300 دولار لكل ألف متر مكعب. وكان هذا أرخص من إمدادات نفس خط أنابيب الغاز في آسيا الوسطى بسعر يتراوح بين 350 إلى 370 دولارا لكل ألف متر مكعب. لذلك، تقدمت الصين بطلب إلى إدارة شركة غازبروم لزيادة ضخ الغاز من خلال خط أنابيب الغاز قوة سيبيريا، قدر الإمكان من الناحية الفنية”.
ونقلت الصحيفة عن رئيس مجموعة غازبروم الروسية العملاقة، أليكسي ميلر، قوله إنه من الغريب عدم توقيع شركة غازبروم والصين عقدا لتوريد الغاز عبر خط أنابيب الغاز الجديد “قوة سيبيريا 2” بحيث يلتزم الصينيون الصمت بشأن هذا المشروع.
من جانبها، أعلنت منغوليا، التي سيمر عبرها خط الأنابيب، رسميا أن المفاوضات حول المشروع ما زالت مستمرة، وقيل سابقا إن بناء خط أنابيب الغاز ينبغي أن يبدأ في عام 2024، وهو يتطلب توقيع عقد تجاري من دونه لن ينجز أحد شيئا.
لكن غروموف يشكك في إمكانية توقيع مثل هذا الاتفاق في النصف الأول من هذا العام، لأن رئيس شركة غازبروم، أليكسي ميلر أكد في نهاية العام عزمه على زيادة إمدادات الغاز إلى الصين من خلال مشروع قوة سيبيريا والشرق الأقصى، من دون ذكر مشروع “قوة سيبيريا 2”.
أما يوشكوف فيقول “لا يمكن للطرفين الاتفاق على السعر. وتعتقد الصين أنه كلما طال انتظار الخط الجديد، كانت الأمور أسوأ بالنسبة لشركة غازبروم، مما يعني أنها ستكون أكثر استيعابا للسعر”.
وعاد غروموف ليقول “(قوة سيبيريا 2)، على النقيض من (قوة سيبيريا)، لا تشكل أولوية قوية بالنسبة للصين لعدة أسباب. يصل خط قوة سيبيريا وممر الشرق الأقصى إلى الجزء الشمالي الشرقي من الصين، حيث لا يوجد بديل لإمدادات خطوط الأنابيب الروسية”.
ورغم أن الصين تحصل على الغاز من آسيا الوسطى بسعر يتراوح بين 350 و370 دولارا لكل ألف متر مكعب مقابل 300 دولار للغاز الروسي عبر خط “قوة سيبيريا”، فإن الصين تتمتع بدخل نقدي إضافي من المشاريع في آسيا الوسطى.
وقال “الصين لا تشتري غاز آسيا الوسطى، بل تشارك، كذلك، في مشاريع إنتاجه في هذه البلدان، في تركمانستان مثلا. علاوة على ذلك، تم بناء نظام خطوط الأنابيب بأموال القروض الصينية. لذلك، لا تزال الصين تتلقى مدفوعات القروض من دول آسيا الوسطى على شكل واردات من الغاز. أما المشروع الروسي، فيقوم فقط على بيع وشراء الغاز”.
طلب طويل الأمد
بالإضافة إلى ذلك، يتطلب مشروع “قوة سيبيريا 2” من الصين الاستثمار في البنية التحتية على أراضيها، مع ضرورة إدراك أنه سيكون لديها طلب طويل الأجل على هذا الغاز، الذي سيبدأ بالتدفق إلى أراضيها في موعد لا يتجاوز عام 2030.
وأشارت الصحيفة إلى أن الأحداث السياسية قد تسرع من توقيع العقد بين شركة غازبروم والصين بشأن خط أنابيب جديد للغاز، مع العلم أن مشاكل الشحن في البحر الأحمر، بسبب تصاعد الصراع في الشرق الأوسط أو اشتداد المواجهة التجارية بين الصين والولايات المتحدة، يمكن أن تؤدي إلى انقطاع إمدادات الغاز الطبيعي المسال إلى الصين.