أظهرت البيانات الربعية لشركة ستاربكس بأن مبيعاتها في الولايات المتحدة الأميركية وخارجها، لا سيما في الشرق الأوسط، جاءت دون التوقعات على خلفية حملات مقاطعة بدأت عقب إظهار الشركة دعما لجيش الاحتلال الإسرائيلي في حربه على قطاع غزة، بجانب تأثيرات أخرى تتعلق بمطالب عمالية في فروع الشركة بالولايات المتحدة.
وتوقع خبراء في حديث للجزيرة نت أن تزيد حملات المقاطعة الضغوط على ستاربكس خلال الأشهر القليلة المقبلة.
وجاءت أرباح وإيرادات الشركة الأميركية للمقاهي دون التوقعات، في ربعها الأول المنتهي في آخر ديسمبر/كانون الأول الماضي. وتبدأ السنة المالية للشركة في أول أكتوبر/تشرين الأول من كل عام.
كما أقرت الشركة بتراجع حجم مبيعاتها في منطقة الشرق الأوسط والصين.
ويشن الاحتلال الإسرائيلي حربا على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، خلفت عشرات الآلاف من الشهداء والمصابين أغلبهم من الأطفال والنساء بجانب تدمير هائل للمباني والمستشفيات والبنى التحتية.
المقاطعة
وقال الرئيس التنفيذي للشركة، لاكسمان ناراسيمهان في مؤتمر أول أمس -بعد إعلان النتائج المالية- إن السلسلة تواجه تحديات، بما في ذلك المقاطعة بالولايات المتحدة ومنافسة من المقاهي في الصين، وقد خفضت توقعاتها لإيرادات العام بأكمله.
وبلغت ربحية سهم الشركة 90 سنتًا، في ربعها الأول، مقابل 93 سنتًا كانت متوقعة، لكنها حققت أرباحا بقيمة مليار دولار ارتفاعا من 855 مليون دولار في الربع نفسه.
وبلغت إيرادات الشركة 9.43 مليارات دولار في ربعها الأول مقابل 9.6 مليارات دولار كانت متوقعة، لكن الرقم المسجل يعد ارتفاعا من 8.7 مليارات دولار مسجلة في الربع الأول من سنتها المالية الماضية للشركة.
وزاد عدد الفروع العالمية لشركة ستاربكس 5%، وهي أقل من تقديرات “ستريت أكونت” لأبحاث السوق البالغة 7.2%.
وفي أميركا الشمالية، ارتفعت مبيعات المتاجر 5% خلال الربع نفسه، مدفوعة إلى حد كبير بإنفاق العملاء المزيد على مشروباتهم وطعامهم.
بداية الاضطرابات
وبدأت اضطرابات الشركة عندما نشر اتحاد عمال ستاربكس -الذي يمثل مئات العاملين في سلسلة المقاهي- دعمًا للفلسطينيين عبر منصة إكس، ما أدى إلى رد فعل عنيف من داعمي إسرائيل، وسعت الشركة لاحقا إلى النأي بنفسها عن التغريدة، التي حذفتها النقابة، ورفعت دعوى قضائية ضد منظمة العمال المتحدين بتهمة انتهاك العلامة التجارية.
وكتب ناراسيمهان رسالة إلى العاملين في ديسمبر/كانون الأول الماضي، يدين فيها ما وصفها بـ”المعلومات المضللة” في مسعى لإخراج ستاربكس من اللغط.
وشمل الربع المالي الأول لشركة ستاربكس موسم العطلات الأكثر أهمية، والذي عادة ما تحقق فيه مبيعات زائدة.
وخارج السوق المحلية لستاربكس، سجلت سلسلة المقاهي نموًا في مبيعات المتاجر الدولية بنسبة 7%، مخالفة للتوقعات البالغة 13.2%، وقال ناراسيمهان إن المبيعات في الشرق الأوسط تراجعت على خلفية توسع تداعيات الحرب على غزة.
منافسة صينية
وشهدت ستاربكس منافسة متزايدة في الصين مع استمرار تأخر التعافي الاقتصادي.
وقال المسؤولون التنفيذيون في ستاربكس إن التحديات التي واجهتها في هذا الربع “مؤقتة”، لكنها مدمرة بما يكفي لدرجة أن الشركة قامت بمراجعة توقعات مبيعات العام بأكمله، وقالت راشيل روجيري، المديرة المالية، إن مبيعات شهر يناير/كانون الأول كانت أقل من المتوقع.
وبالنسبة للعام المالي 2024، تتوقع الشركة الآن نمو الإيرادات بنسبة 7% إلى 10%، بانخفاض عن توقعاتها السابقة البالغة 10% إلى 12%.
وخفضت ستاربكس أيضًا توقعاتها لمبيعات المتاجر العالمية إلى نطاق يتراوح بين 4% إلى 6%، من نطاقها السابق الذي يتراوح بين 5% إلى 7%.
الربع الأول
وقال رئيس قسم أبحاث السوق في شركة “إكس إس دوت كوم” أحمد نجم للجزيرة نت إن فعالية المقاطعة بدأت تظهر على نتائج الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة الماضية، لكنها ستكون أكثر فعالية على الأرجح في الأشهر الثلاثة الأولى من السنة الجديدة.
وأضاف أن شعوب العالم العربي والإسلامي أثبتت من خلال حملات المقاطعة السابقة أنها لا تدوم طويلا، إذ تعود إلى استهلاك السلع التي تقع تحت طائلة المقاطعة بعد فترة مع توقف الدافع لذلك، وهو في هذه الحالة العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة.
لكنه استدرك بالقول إنه كلما طال أمد المقاطعة في المنطقة زاد الضغط على الشركات المستهدفة، ما قد يدفعها في نهاية المطاف إلى التخارج من أسواق المنطقة.
من جانبه، يقول الخبير الاقتصادي، سمير رؤوف إن نتائج ستاربكس تأثرت بالمقاطعة بصورة ما لكن التأثير من السوق الصيني كان أكبر، حيث يزداد عدد السكان.
ورجح في حديث للجزيرة نت لجوء الشركات إلى تعديل إستراتيجيتها في الأسواق للتركيز على تلك التي لا تشهد حملات مقاطعة.
وتوقع رؤوف أن تعمل هذه الشركات على طرح عروض ترويجية بعد الحرب على غزة لاستعادة مستهلكيها في المنطقة.