لا راحة حتى للموتى في غزة، حيث قامت قوات الاحتلال بنبش القبور، في حين يضطر أهالي الشهداء لدفنهم في ساحات المستشفيات والمدارس في ظل الحصار الإسرائيلي، فضلا عن حفر القبور الجماعية ودفن الجثامين على عجل.
في حي التفاح بمدينة غزة، شاهد مصور لوكالة الصحافة الفرنسية قوات إسرائيلية تنبش قبرا. وألقيت جثث ورفات ملفوفة بالأكفان إلى جانبه فوق أرض موحلة.
وتقول وزارة الشؤون الدينية في القطاع إن جيش الاحتلال “هدم ودمر أو خرب أكثر من ألفي قبر في 20 مقبرة رسمية وعشوائية وبداخل المستشفيات” خلال الحرب على غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وقالت سائدة جابر (43 عاما) التي نزحت من مخيم جباليا شمالي القطاع إلى مدرسة في دير البلح بالمنطقة الوسطى كيف شاهدت عبر مواقع التواصل الاجتماعي مشاهد لمقبرة جباليا بعد تجريفها.
وتابعت “شعرت أن قلبي سيقف. والدي وجدتي وجدي دفنوا هناك في المقبرة وكثير من أفراد عائلتنا ومعارفنا”.
وأضافت “شعرت أن أرواحهم ارتجفت. لا يمكنني تخيل كيف يجرؤ أحد على نبش القبور وانتهاك حرمة الأموات”.
قبور بالمدارس والمشافي
وفي مدرسة باتت مركز إيواء في مخيم المغازي وسط القطاع، اضطر النازحون إلى حفر قبور في ساحة المدرسة.
وقالت سيدة “ابنتي شهيدة ماتت بين ذراعي. ليلا نهارا لم يكن هناك إسعاف لأخذها” إلى غرفة الطوارئ.
وأوضحت أن المدرسة تعرضت لقصف بالصواريخ مما أدى إلى انفجار عبوات غاز.
وأشار رجل يعتني بالموقع إلى أنه تم دفن أكثر من 50 شخصا، في كل قبر ما بين 3 و4 جثث. وكُتبت الأسماء على الطوب أو على الجدار المجاور.
وانتشرت المقابر الجماعية في مختلف أنحاء القطاع، مع ارتفاع أعداد الشهداء جراء القصف الإسرائيلي.
واضطر كثيرون لدفن الجثث في ساحة مجمع الشفاء الطبي، أكبر مستشفى في غزة. وقام كثيرون بفصل القبور بالحجارة وأغصان الأشجار.
ومن بينهم عرفة دادر (46 عاما) الذي استشهد نجله محمد (22 عاما) عندما كان عائدا إلى المستشفى قبل عدة أسابيع.
وقال إنه دفن ابنه في حديقة المستشفى الخلفية مقابل قسم ثلاجة الموتى، موضحا “لو ذهبنا للمقبرة قد يقومون بقصفنا”.
وأضاف “وضعت علامة على القبر. الآن الحديقة مزدحمة بقبور جماعية، أكاد لا أتعرف على قبر ابني”.
ويأمل الكثير من سكان غزة أن يتمكنوا عند انتهاء الحرب من نقل رفات أقاربهم لدفنهم في مقابر أخرى.
الدحدوح يروي قصته
وقال مراسل الجزيرة وائل الدحدوح لوكالة الصحافة الفرنسية إنه اضطر لدفن نجله حمزة في مقبرة جنوب رفح بعد استشهاده في غارة إسرائيلية.
وتابع قائلا “سننقله الى مقبرة الشهداء في غزة بعد انتهاء الحرب، نريد أن يكون قبره قريبا لنتمكن من زيارته والدعاء له”.
وفي دير البلح، تؤكد سائدة جابر أنها ستعود إلى جباليا لتفقد قبور عائلتها.
وأضافت “سأموت من القهر إن كانت جُرفت أيضا”.
وخلفت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، حتى اليوم الاثنين 26 ألفا و637 شهيدا إلى جانب 65 ألفا و387 جريحا -وفقا لوزارة الصحة في القطاع- ومعظمهم من الأطفال والنساء.