ماذا يعني وقف تمويل أونروا في ظل الحرب على غزة؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 7 دقيقة للقراءة

غزة- منذ سنوات طويلة، يعيش محمد حمدي وأسرته على مساعدات إغاثية تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، بشكل دوري، للفئات الهشة والأشد فقرا من اللاجئين في قطاع غزة.

وعقب قرار الولايات المتحدة وعدد من الدول الغربية تعليق تمويلها للوكالة الأممية، يخشى حمدي من توقف هذه المساعدات عن عائلته المكونة من 11 فردا.

وسارعت كل من واشنطن وإيطاليا وكندا وأستراليا وبريطانيا وفنلندا، ودول أخرى، إلى تعليق تمويلها للأونروا إثر ادعاءات إسرائيلية عن مشاركة مزعومة لعدد من موظفي الوكالة في هجوم حركة المقاومة الإسلامية (حماس) على مستوطنات “غلاف غزة” في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

لاجئون في خطر

ومن شأن قرار الولايات المتحدة أن يؤثر سلبا على الخدمات الحيوية التي تقدمها الوكالة في مجالات الصحة والتعليم والإغاثة، خاصة أنها تشكو منذ سنوات من عجز في الموازنة اضطرها إلى تقليص بعض خدماتها المقدمة للاجئين في غزة ومناطق عملياتها الخمس.

ولمحمد حمدي 5 أطفال يتعلمون مجانا في مدارس تابعة للأونروا، ويقول للجزيرة نت، إنه وأسرته لا يملكون مصدر رزق سوى المساعدات الإغاثية التي تقدمها وتستفيد منها آلاف الأسر التي تصفها الوكالة بأنها “الأشد فقرا واحتياجا” في القطاع الذي تعاني غالبية سكانه من مستويات عالية من الفقر والبطالة جراء الحصار الإسرائيلي منذ عام 2007.

ووجدت أونروا نفسها مسؤولة عن زهاء 2.2 مليون نسمة، هم سكان غزة من لاجئين وغيرهم إثر اندلاع الحرب الإسرائيلية بعد هجوم حماس.

وتشير تقديرات الوكالة الأممية ومنظمات حقوقية محلية ودولية إلى أن مليوني فلسطيني اضطروا إلى النزوح عن منازلهم إثر تهديدات إسرائيلية، ولجأ غالبيتهم إلى مدارس تابعة للأونروا التي تتحمل العبء الأكبر في تقديم المساعدات الإغاثية لهم ولباقي السكان والنازحين في المنازل والخيام.

ويستضيف حمدي شقيقته وأسرتها (5 أفراد) في منزله المتواضع بمخيم الشابورة للاجئين بمدينة رفح، بعدما نزحت مع آلاف آخرين خلال الأيام القليلة الماضية من مدينة خان يونس المجاورة التي يشتد فيها القتال مع استمرار جيش الاحتلال في عمليته البرية وتوغله في عمق المدينة ومخيماتها وأحيائها.

ومنذ إصابته بالفشل الكلوي، لا يقوى حمدي، الأربعيني، على العمل. ويتساءل “أين سنذهب بأُسرنا إذا انهارت الأونروا؟ وما مصير آلاف النازحين بسبب الحرب؟”.

مساعدات شحيحة

بدوره، يقيم أحمد عودة مع أسرته المكونة من 7 أشخاص في مركز إيواء داخل مدرسة تابعة للأونروا في مدينة رفح منذ نزوحه في الأيام الأولى للحرب من حي الشيخ رضوان بمدينة غزة شمال القطاع. ويقول “الحياة سوداء والمساعدات لا تكفينا، فكيف لو توقفت؟ سنموت من الجوع”.

ويعيش عودة وأسرته على كمية محدودة من المياه والمعلبات توزعها الأونروا على النازحين في مدارسها، وعلى مئات آلاف من أمثالهم يقيمون في منازل الأقارب والأصدقاء وفي الخيام ومراكز إيواء خارج المدارس.

ووفق تصريحات نقلها حساب رسمي للأونروا على لسان مستشارها الإعلامي عدنان أبو حسنة، فإن المساعدات التي ترد إلى القطاع تفي بـ5 إلى 7% فقط من احتياجات السكان.

وحاولت الجزيرة نت -على مدار اليومين الماضيين- التواصل مع أبو حسنة وآخرين في أونروا للتعقيب على قرار وقف التمويل وأثره على خدماتها المقدمة في غزة، خاصة في ظل الحرب، ولكن دون جدوى.

والسبت الماضي، قال المفوض العام لأونروا فيليب لازاريني إنه “لأمر صادم أن نرى تعليق تمويل الوكالة كرد فعل على الادعاءات ضد مجموعة صغيرة من الموظفين لا سيما في ضوء التدابير التي اتخذتها الوكالة الأممية التي يعتمد عليها أكثر من مليوني شخص للبقاء على قيد الحياة”.

وأكد أن “هذه القرارات تهدد العمل الإنساني الجاري حاليا في المنطقة خاصة في غزة”، وأن الفلسطينيين في القطاع لم يكونوا بحاجة إلى هذا العقاب الجماعي الإضافي.

“تصفية أونروا”

وتحتفظ الجزيرة نت بأسماء موظفين شملهم قرار وكالة “أونروا” بالفصل من الوظيفة بناء على معلومات زوّدتها بها إسرائيل تفيد بضلوعهم المزعوم بهجوم حماس، وكان لافتا وجود موظفتين من بين هذه الأسماء.

ورفضت موظفة التعقيب للجزيرة نت على قرار وقفها عن العمل، لكن أوساطا مقربة منها رجّحت أن يكون القرار بسبب منشورات لها على صفحتها بفيسبوك، قد يُفسر مضمونها على أنه دعم للمقاومة ومعركة “طوفان الأقصى”.

وقوبل قرار الأونروا بفسخ عقود 12 من موظفيها برفض فلسطيني من جهات رسمية وأهلية. وأكدت السلطة الفلسطينية أن الوكالة بحاجة إلى الدعم وليس إلى وقف المساعدات، واتهمت إسرائيل بشن حملة تحريض “لتصفية الوكالة”.

ولا تربط إسرائيل بأونروا علاقة جيدة، وسعت على مدار سنوات طويلة إلى تصفية وجودها بعرقلة عملها والتحريض ضدها.

وفي عام 2018، دعا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى وضع اللاجئين الفلسطينيين تحت مفوضية شؤون اللاجئين في الأمم المتحدة وإنهاء وجود أونروا؛ إذ اعتبرها تعمل لصالح الفلسطينيين وتخلّد قضية اللاجئين.

وخلال الحرب الحالية، أثارت أونروا غضب تل أبيب بسبب بيانات لها وتصريحات لمسؤولين فيها، تتهم الاحتلال بقصف أهداف مدنية بما فيها مدارسها ومراكز الإسعاف. وقال وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، إن “بلاده ستسعى إلى منع الأونروا من العمل في غزة بعد الحرب”.

ووضع رئيس “الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني” صلاح عبد العاطي قرار تجميد وقطع تمويل الأونروا في إطار “تساوق مع اتهامات مزعومة لأفراد باعتبار العقوبة فردية في حال ثبوتها وفق قواعد القانون، ما لا يعطيها أي تبرير لمعاقبة الوكالة أو مجتمع اللاجئين”.

وقال للجزيرة نت إن قرار الولايات المتحدة ودول غربية أخرى “يسهم في جريمة العقاب الجماعي”، ويجعل هذه الدول “شريكة في حرب التجويع، ويضعها في خانة الانحياز والدعم الأعمى لمخططات الاحتلال السرية والمعلنة لإنهاء دور أونروا وعملها”.

ويمس هذا القرار، بحسب عبد العاطي، بقدرة الأونروا على القيام بدورها في إغاثة سكان غزة الذين يعيشون في خضم أهوال الجوع والعطش والأمراض ومحدودية المساعدات، ويعتمدون بدرجة أساسية على مساعداتها في ظل العدوان الإسرائيلي المتواصل وحرب الإبادة الجماعية.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *