يقول الباحث بمعهد الاستشراق التابع لأكاديمية العلوم الروسية إيغور ماتفييف في تقرير له نشره موقع “نادي فالداي” الروسي، إن التفاعل بين مؤسّسات الفكر والرأي في روسيا والدول العربية حول تشكيل أجندة موضوعية طويلة المدى للعلاقات الثنائية ومتعددة الأطراف، قد تزايد.
وأورد ماتفييف أن روسيا تهدف إلى تشكيل نموذج جديد لعلاقات “روسيا والعالم العربي” -رغم معارضة الغرب- تتمثل ميزاته الرئيسية في تعامل روسيا والدول العربية مع الانتقال من عالم أحادي القطب إلى عالم متعدد الأقطاب.
وأضاف الكاتب أن من المميزات للعلاقات الجديدة بين الجانبين إنهاء الاستعمار في ظل رغبة روسيا والعرب في تعزيز استقلال الدول وضمان دور مستقل في الشؤون الدولية وممارسة السيادة السياسية والاقتصادية والتكنولوجية الحقيقية وحماية الهوية الوطنية والمعلومات والأمن الثقافي.
آفاق واسعة لتكثيف الحوار السياسي
وأشار إلى وجود آفاق واسعة لتكثيف الحوار السياسي والتنسيق الدبلوماسي وتوسيع نطاق المساواة والمنفعة المتبادلة على خلفية التعاون التجاري والاقتصادي والاستثماري والتكنولوجي.
وقال إنه قد تم تلخيص النتائج العملية للتعاون الروسي العربي لعام 2023 خلال الدورة السادسة لمنتدى التعاون الروسي العربي، الذي انعقد في 20 ديسمبر/كانون الأول بمراكش برئاسة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ونظيره المغربي ناصر بوريطة.
وأشار الكاتب إلى أن الديناميكيات النشطة والطبيعة المعقدة للتعاون الروسي العربي تدفع العلماء والخبراء المحليين إلى دراسة أسسِها التطبيقية والأيديولوجية والنظرية، أي التحليل المعمّق لـ”قواعد اللعبة” الجديدة في مرحلة التحوّل من عالم أحادي القطب إلى عالم متعدد الأقطاب.
زيارات بوتين الخاطفة
وأضاف أيضا أن زيارات العمل الخاطفة التي قام بها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إلى أبو ظبي والرياض في السادس من ديسمبر/كانون الأول واجتماعه مع ولي العهد ووزير الشباب والثقافة والرياضة العماني ذي يزن بن هيثم آل سعيد في منتدى “روسيا تنادي” في السابع من ديسمبر/ كانون الأول، أحد نماذج استمرار الحوارات الروسية العربية.
ومن المؤشرات الواضحة على التعاون المتزايد بين موسكو والدول العربية، يقول ماتفييف، المنتدى الاقتصادي الدولي الـ26 الذي انعقد في سان بطرسبورغ يومي 14 و17 يونيو/حزيران، الذي حضره رئيس الإمارات محمد بن زايد آل نهيان ورئيس الجزائر عبد المجيد تبون؛ والقمة الروسية الأفريقية الثانية يومي 27 و28 يوليو/تموز بمشاركة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي ورئيس المجلس الرئاسي الليبي محمد المنفي ورئيس اتحاد جزر القمر غزالي عثماني.
ومن المميزات للعلاقة الجيدة بين الجانبين، أشار ماتييف إلى رفض العديد من ممثلي الدوائر السياسية والتجارية والعامة في الدول العربية الاتهامات الغربية الموجهة لروسيا إثر العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا.
الأمن الغذائي ضمن مجالات التعاون
وقال إن روسيا تمتلك احتياطيات تساعد على ضمان الأمن الغذائي للدول العربية ومنع نشوب مجاعة جراء تعطل سلاسل التوريد اللوجيستية للإمدادات الغذائية من منطقة البحر الأسود بسبب الأزمة الأوكرانية.
وذكر الكاتب أن دول مجلس التعاون الخليجي تولي بلورة القضايا المتعلقة بجذب الإمكانات التكنولوجية لروسيا لتنفيذ برامج وطنية طموحة للتنمية المستدامة وبناء “اقتصادات القرن الـ21” المبتكرة أولوية خاصة.
واستمر يعدد مجالات التعاون الممكن بين روسيا والعالم العربي ليقول أنهما يواجهان تحديات مشتركة في مجال الأمن القومي مثل التهديدات التي يفرضها “الإرهاب” والصراعات الإقليمية المتعددة في منطقة ما بعد الاتحاد السوفياتي والشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
هذا بالإضافة إلى التحدي السياسي المتمثل في “هيمنة الولايات المتحدة والاستعمار الجديد” للغرب في محاولة لعزل روسيا عن الساحة الدولية وتدخل القوى الغربية في الشؤون الداخلية للدول العربية.