نشرت صحيفة نيويورك تايمز تقريرا عن معاملة إسرائيل للمعتقلين الفلسطينيين من قطاع غزة وظروف احتجازهم التي قد ترقى إلى حد التعذيب، وفق مكتب حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة.
وتشير تقديرات المنظمة الدولية إلى أن الآلاف قد اعتُقلوا واحتُجزوا في ظروف “مروعة”، وأفرج عن بعضهم وهم يرتدون حفاضات فقط.
وأجرت الصحيفة في التقرير، الذي أعدته مراسلتها في القدس رجاء عبد الرحيم، مقابلات مع عدد من المعتقلين الفلسطينيين تحدثوا خلالها عمّا تعرضوا له من سوء معاملة على يد الإسرائيليين.
ومن بين هؤلاء رجل يدعى أيمن لباد روى للصحيفة كيف أن الجنود الإسرائيليين المدججين ببنادق هجومية من طراز “إم-16” أحاطوا به واعتقلوه شبه عار، وأجبروه على الجثو على ركبتيه وسط العشرات من الرجال والفتيان الفلسطينيين، الذين اقتيدوا من بيوتهم في شمال غزة.
كان ذلك في أوائل ديسمبر/كانون الأول الماضي، وأظهرت الصور الفوتوغرافية ومقاطع الفيديو التي التقطت في ذلك الوقت، لباد ومعتقلين آخرين في الشارع وهم بملابسهم الداخلية فقط وأُوقفوا في صفوف يحيط بهم الجنود الإسرائيليون.
وفي أحد مقاطع الفيديو، ظهر جندي وهو يصرخ في وجه المصطفين عبر مكبر للصوت “نحن محتلون غزة بأكملها؟ هل تريدون ذلك؟ هل تريدون حماس معكم؟ لا تقولوا لي إنكم لستم من حماس؟”.
ورد المعتقلون –الذين بدا بعضهم حفاة الأقدام واضعين أيديهم على رؤوسهم- بأعلى أصواتهم بالنفي.
وتقول نيويورك تايمز إن المعتقلين الفلسطينيين من غزة جردوا من ملابسهم، وتعرضوا للضرب والاستجواب والحبس الانفرادي طوال 3 أشهر، وفق روايات المعتقلين أنفسهم أو أقاربهم.
وقدمت منظمات تمثل السجناء والمعتقلين الفلسطينيين روايات مماثلة في تقرير يتهم إسرائيل باحتجاز المدنيين عشوائيا دون تمييز، ومعاملة المعتقلين بشكل مهين يحط من كرامتهم.
وذكرت الصحيفة الأميركية أن القوات الإسرائيلية التي أقدمت على غزو قطاع غزة بعد هجوم حركة حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، اعتقلت الآلاف من الرجال والنساء والأطفال.
وأجبرت تلك القوات البعض على مغادرة منازلهم واعتُقلوا، وأخذوا آخرين مع عائلاتهم في أثناء فرارهم سيرا على الأقدام بحثا عن مكان آمن بعد أن أمرتهم السلطات الإسرائيلية بالمغادرة.
وأظهرت صور التقطها صحفيون من غزة لمعتقلين مفرج عنهم حديثا وهم يتلقون العلاج في المستشفيات، وقد بدت ندوب وجروح حول معاصمهم بسبب الأغلال التي قُيِّدوا بها لأسابيع في بعض الأحيان.
وفي رده على أسئلة من صحيفة نيويورك تايمز، قال الجيش الإسرائيلي إنه يعتقل من يُشتبه به في التورط في نشاط “إرهابي” ويطلق سراح من تتم تبرئتهم.
وأضاف أن السلطات الإسرائيلية تعامل المحتجزين طبقا للقانون الدولي. وزعم -خلال دفاعه عن إرغامه الرجال والفتيان على خلع ملابسهم- بأن ذلك يحدث “للتأكد من أنهم لا يخفون سترات ناسفة أو أسلحة أخرى”.
لكن مدافعين عن حقوق الإنسان يفندون ادعاءات الجيش الإسرائيلي تلك، حيث نقلت عنهم القول إن اعتقال إسرائيل للفلسطينيين في غزة ومعاملتها المهينة لهم قد تُعد انتهاكا للقوانين الدولية.
وجاء في تقرير صدر مؤخرا عن عدة جماعات حقوقية فلسطينية، بما في ذلك هيئة الأسير الفلسطيني والضمير، أنه “منذ بداية القصف الإسرائيلي والاجتياح البري في غزة، اعتقل الجيش الإسرائيلي مئات الفلسطينيين بطريقة همجية وغير مسبوقة، ونشر صورا ومقاطع فيديو تظهر المعاملة اللاإنسانية للمعتقلين”.
وتابع التقرير “أخفت إسرائيل حتى الآن مصير المعتقلين من غزة، ولم تكشف عن أعدادهم، ومنعت المحامين والصليب الأحمر من زيارتهم”.
وقال المتحدث باسم اللجنة الدولية للصليب الأحمر، هشام مهنا، إن منظمته تتلقى تقارير يومية من عائلات في غزة عن أفراد عائلات معتقلين. وأضاف أن المنظمة تعمل على معالجة نحو 4 آلاف حالة لفلسطينيين من غزة اختفوا، ويعتقد أن نصفهم تقريبا محتجزون لدى الجيش الإسرائيلي.
وأظهرت الصور ومقاطع الفيديو، التي التقطها جنود وصحفيون إسرائيليون برفقة الجيش، فلسطينيين وأياديهم مقيدة خلف ظهورهم، وأحيانا معصوبي الأعين ويرتدون ملابس داخلية، وجاثين على ركبهم في الهواء الطلق في الشتاء.
وقال أيمن لباد، وهو ناشط في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إن اعتقاله استمر لمدة أسبوع، “ولم نكن نعرف ما الذي ينتظرنا”، مضيفا أنه لم يُستجوب إلا بعد أيام بعد نقله إلى مركز احتجاز آخر في القدس.
معتقل سابق آخر اسمه مجدي الدريني يبلغ من العمر 40 عاما، وأب لأربعة أطفال، قال إنه احتُجز لمدة 40 يوما ويداه مقيدتان طوال الوقت تقريبا، وأحدثت الأغلال حول معصميه جروحا أصيبت بالعدوى في النهاية.
وقال أيضا إن الجنود الإسرائيليين اعتقلوه في منتصف نوفمبر/تشرين الثاني الماضي بينما كان يسير هو وعائلته باتجاه جنوب القطاع، بعد أن غادروا منازلهم إثر أوامر لإخلائها.
وأضاف “لقد عاملونا مثل الحيوانات.. وكانوا يضربوننا بالعصي ويسبوننا”.