صادق البرلمان التركي، الثلاثاء، على انضمام السويد إلى حلف شمال الأطلسي في عملية تأخرت عاما ونيّف وعرقلت جهودا غربية لإبداء حزم إزاء الحرب التي تشنّها روسيا على أوكرانيا.
وتمّت المصادقة على طلب ستوكهولم الانضمام إلى الحلف بموافقة 287 مشرّعا مقابل 55 صوتا معارضا، بعدما نال موافقة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان.
ومن المتوقّع أن يوقّع إردوغان وثيقة المصادقة على طلب انضمام السويد للتكتل في الأيام المقبلة.
بعد موافقة تركيا، أصبحت المجر العائق الأخير أمام نيل السويد العضوية في التكتل الدفاعي.
وكانت السويد وفنلندا قد تقدّمتا معا بطلب الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي ردا على الغزو الروسي لأوكرانيا قبل نحو عامين.
لكن أنقرة أجبرت البلدين على فصل طلبيهما بعدما اعتبرت أن طلب السويد لا يستوفي شروطها وصادقت بعد بضع جولات محادثات على طلب فنلندا.
بانضمام فنلندا في أبريل تضاعف طول حدود حلف شمال الأطلسي مع روسيا وتم تعزيز دفاعات ثلاث دول بلطيقية صغيرة انضمت إلى التكتل بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق.
ورحب رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون الثلاثاء بمصادقة البرلمان التركي على عضوية السويد وكتب على منصة أكس “اليوم نحن على بعد خطوة واحدة من أن نصبح عضوا كاملا في الناتو”. ووصف “بالإيجابي تصويت البرلمان التركي لصالح انضمام السويد إلى الناتو”.
كذلك رحب الأمين العام للحلف ينس ستولتنبرغ بالخطوة، داعيا المجر الى الاقتداء بتركيا “في أقرب وقت ممكن”.
واتّبعت السويد وفنلندا سياسة عدم الانحياز العسكري خلال حقبة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والغرب.
لكن حرب أوكرانيا غيّرت الحسابات الجيوسياسية وأجبرت البلدين على السعي للحصول على الحماية النووية التي يوفرها أقوى تكتّل دفاعي في العالم.
وقد حذت المجر حذو تركيا طوال عملية الانضمام إلى حلف شمال الأطلسي، وكان يُتوقّع أن تصادق على عضوية السويد من دون عراقيل.
ودعا رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان الثلاثاء نظيره السويدي إلى زيارة بودابست لمحاولة حلّ الخلافات التي تحول دون تصديق المجر على انضمام الدولة الاسكندينافية إلى حلف شمال الأطلسي.
لكن مؤشرات برزت الثلاثاء تفيد بعلامات توتر بين ستوكهولم وبودابست.
ففي حين أشار أوربان إلى الحاجة إلى “بناء ثقة متبادلة متينة” من خلال “حوار سياسي مكثّف”، ردّ وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم بالقول إن “ما من سبب للتفاوض” مع المجر بشأن العضوية في حلف شمال الأطلسي في الوقت الراهن.
طلب مقاتلات أميركية
يقيم أوربان وإردوغان علاقات جيدة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على الرغم من الحرب في أوكرانيا.
وكان قادة دول منضوية في حلف شمال الأطلسي قد تخوّفوا من سعي الكرملين لتوظيف هذا الأمر لزرع الشقاق في الغرب.
ويسعى قادة التحالف إلى تصوير توسعة الحلف على أنه يسجّد الحزم الغربي في مواجهة العدائية الروسية.
ورفضت تركيا في بادئ الأمر طلب السويد العضوية في حلف شمال الأطلسي على خلفية إيواء ستوكهولم مجموعات كردية تعتبرها أنقرة “إرهابية”.
وردّت السويد على هذا الموقف بتشديد تشريعاتها على مستوى مكافحة الإرهاب، كما اتّخذت خطوات أخرى طلبها إردوغان.
بعد ذلك، اشترط إردوغان للموافقة على انضمام السويد أن يصادق الكونغرس الأميركي على بيع مقاتلات أف-16 لأنقرة، علما أنها في حاجة ماسة اليها لتحديث قدراتها الحربية الجوية.
ولا ترفض الحكومة الأميركية بيع هذه المقاتلات، لكن الكونغرس عطلها حتى الآن لأسباب سياسية، في مقدمها التوتر بين تركيا واليونان، العضو ايضا في الناتو.
إلى ذلك تسعى تركيا إلى دفع كندا إلى الإيفاء بتعهّد برفع حظر مفروض على بيع مكونات تستخدم في تصنيع مسيّرات قتالية.
وكان وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن قد أبلغ تركيا في زيارتين أجراهما في الأشهر الثلاثة الأخيرة بأن المصادقة على طلب السويد من شأنها تليين موقف الكونغرس الذي يجمّد صفقة بيع مقاتلات أف-16 لأنقرة.
وقبل جلسة التصويت أعرب فيدانت باتيل، المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية عن تطلّع بلاده لانضمام السويد رسميا إلى التحالف.
والثلاثاء شدّد النائب التركي المعارض جنكيز جندار خلال مناقشة التصديق الثلاثاء على أن قادة تركيا “ابتزوا” شركاءهم الغربيين في عملية التفاوض المطولة، قبل أن يصوّت لصالح انضمام السويد لحلف الأطلسي.