يربط البلدين لأول مرة.. كيف تستفيد أفغانستان من ممر واخان مع الصين؟

فريق التحرير
كتب فريق التحرير 6 دقيقة للقراءة

كابل- أعلن مسؤولون في الحكومة الأفغانية انتهاء بناء طريق واخان في ولاية بدخشان شمالي البلاد، وتم ربط أفغانستان بالصين رسميا عبر هذا الممر، الذي يوصف بأهم النقاط الإستراتيجية شمالي البلاد.

ويقول حاكم ولاية بدخشان المولوي أيوب خالد للجزيرة نت “بعد عمل استمر 5 أشهر تمكنا من بناء طريق إلى الحدود مع الصين يربط البلدين لأول مرة في تاريخهما عبر البر، وهي خطوة كبيرة نحو التنمية الاقتصادية وتنشيط القطاع السياحي في المنطقة”.

وقّعت كابل وبكين مذكرة تفاهم لدراسة بناء الطريق في ممر واخان عام 2009، ثم طالب الرئيس الأفغاني السابق أشرف غني -خلال زيارته الصين عام 2014- السلطات الصينية ببدء العمل، لكن الوضع الأمني في الوادي حال دون إكمال العمل.

وعندما وصلت حركة طالبان إلى السلطة أولت اهتمامها إلى بناء الطريق لتقليل الاعتماد على الطرق والموانئ الباكستانية.

وممر واخان هو شريط ضيق من الأرض في أفغانستان يبلغ طوله حوالي 350 كيلومترا وعرضه من 13 إلى 65 كيلومترا، وهو منطقة جبلية غير مأهولة بشكل عام. ولمقاطعة واخان -التي يبلغ عدد سكانها أقل من 20 ألف نسمة- حدود مشتركة مع مقاطعة شينغيانغ الصينية في الشرق، وطاجيكستان في الشمال، وباكستان في الجنوب.

ويُعد الممر واحدا من أكثر المناطق البكر في العالم، وتختلف ظروفه المناخية عن المناطق الأخرى في أفغانستان، لكن من المؤكد أنه ستكون له فوائد كبيرة لزيادة التعاون الاقتصادي والتعاون بين بكين وكابل.

ممر واخان هو شريط ضيق من الأرض في أفغانستان بطول يبلغ حوالي 350 كيلومترا (الجزيرة)

ممر بديل

يقول الكاتب والباحث السياسي عبد الولي نائبزي، للجزيرة نت، إن “العلاقات التجارية الأفغانية الباكستانية تتأثر بالمواقف السياسية، وإسلام آباد أغلقت 5 معابر رئيسية مع كابل، مما ألحق أضرارا بالغة بالتجارة والاقتصاد، لذا تفكر الحكومة الحالية في تقليل الاعتماد على الموانئ الباكستانية، واختارت التوجه إلى إيران وآسيا الوسطى”.

وأضاف أن “ممر واخان هو بديل للموانئ الباكستانية، وخاصة أن الدول التي تقع شمالي أفغانستان تفكر في الاقتصاد والتجارة أكثر من السياسية”، وفق رأيه.

وتحاول الصين، التي ترغب في الوصول إلى أسواق مختلفة ضمن نطاق مشروع الحزام والطريق، إنشاء ممرات وطرق بديلة، وقد أقامت علاقات تجارية مع دول في القارة الآسيوية، ومن أهم أهدافها في المنطقة بناء شبكة طرق تمكنها من الوصول إلى الأسواق العالمية والإقليمية.

وبعد انسحاب القوات الأميركية من أفغانستان، وجهت الصين عينها على كابل لأسباب كثيرة أهمها البعد الجغرافي والاستثمار في المناجم الأفغانية، وبناء طريق في ممر واخان أقصر طريق إلى بكين.

واجهت أفغانستان مرارا وتكرارا مشكلة التجارة مع الصين عبر باكستان، كما أضرت العلاقات السياسية الأفغانية الباكستانية المتوترة منذ عقدي التجارة بين البلدين.

يوضح السفير الأفغاني السابق في الصين جاويد قائم، للجزيرة نت، أن “هذه خطوة إيجابية أثمانها، في الحكومة السابقة تحدثنا مع الجانب الصيني لبناء هذا الطريق، ولكن الوضع الأمني حال دون ذلك، وعلى الحكومة الحالية أن تقدم معلومات أكثر عن طبيعة الطريق وأهميتها في التبادل التجاري وربط البلاد بالصين وآسيا الوسطى”.

وزير الحدود الأفغانية الملا نور الله نوري
وزير الحدود الأفغانية الملا نور الله نوري: سيكون لطريق واخان تأثير إيجابي على عجلة الاقتصاد في البلاد (الجزيرة)

تأثير إيجابي

وكان وزير الحدود والقبائل في الحكومة الأفغانية الحالية نور الله نوري أول شخصية حكومية تزور هذه المناطق لتقييم الوضع الأمني والمعيشي والوقوف على بناء الطريق.

يقول الوزير نوري للجزيرة نت “تمكنت من زيارة ممر واخان لتفقد الوضع هناك، نريد السيطرة التامة على حدودنا، وسيكون لهذا الطريق تأثير إيجابي على عجلة الاقتصاد في البلاد، وستنتعش السياحة لأن هذه المنطقة فريدة في طقسها وطبيعتها”.

ويضيف نوري أن “ما يميز هذه المنطقة أنها نقطة إستراتيجية حيث يبلغ ارتفاعها عن سطح البحر 4600 متر، وأما الجبال فارتفاعها يصل إلى 7400 متر، وستكون نقطة وصل بين أفغانستان و3 دول في المنطقة”.

ويتوقع المسؤول بوزارة التجارة الأفغانية عبد السلام جواد للجزيرة نت أن يعود البنك الدولي قريبا إلى كابل، ويستأنف العمل على المشاريع المتوقفة، مشيرا إلى أن ممر واخان سيوفر سنويا 6 مليارات دولار، وفرص العمل للمواطنين الذين يعيشون في ولاية بدخشان الأفغانية.

الجدير بالذكر أن هذا الطريق استُخدم قبل 2000 سنة كطريق الحرير الرئيسي ويمر جزء كبير منه في الأراضي الأفغانية، وقد حاولت الحكومات السابقة إحياءه، ولكن الوضع الأمني لم يسمح بذلك.

مسؤولون أفغان وسكان محليون يتفقدون الممر.
مسؤولون أفغان وسكان محليون يتفقدون ممر واخان البري الذي يربط أفغانستان بالصين (الجزيرة)

تعزيز التعاون

وينتظر أن يعزز ممر واخان موقف أفغانستان في علاقاتها مع القوى الكبرى والإقليمية، والوصول إلى الأسواق العالمية، وبالإمكان استخدام الطريق مستقبلا كترانزيت بين إيران والهند إلى آسيا الوسطى. كما يمكن أن يسهل الطريق التعاون بين الدول الأربع المتاخمة لممر واخان وهي الصين وأفغانستان وباكستان وطاجيكستان.

ومن الناحية الجغرافية، يعد ممر واخان فريدا من نوعه، لأنه يقع في مفترق طرق هذه الدول الأربع، ويتمتع بقيمة تاريخية كبيرة كونه جزءا من طريق الحرير القديم، وتشترك أفغانستان مع باكستان بطول 300 كيلومتر، ومع طاجيكستان بطول 260 كيلومترا و74 كيلومترا مع الصين.

وأغلقت بكين حدودها مع كابل إثر الاجتياح السوفياتي لأفغانستان عام 1979، وبقي الأمر كذلك طيلة وجود القوات الأميركية في أفغانستان.

شارك المقال
اترك تعليقك

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *