وفق خبير جيولوجيا وسياسات مائية، فإن انهيار السدود في درنة أدى إلى تفاقم الأزمة بشكل كبير، خاصة أن هذه السدود كانت تحتجز كميات من المياه، إضافة إلى الكميات الكبيرة من الأمطار التي تساقطت بسبب الإعصار، موضحا الأسباب التي أدت إلى عدم قدرة سدود درنة على الصمود.
كان المتحدث باسم الجيش الليبي، أحمد المسماري، قد أعلن خلال مؤتمر صحفي، أن الكارثة تفاقمت بعد انهيار سدود درنة، لتجرف أحياء بأكملها إلى البحر.
أسباب الانهيار
خبير الجيولوجيا والسياسات المائية، رمضان حمزة، قال في تصريحات خاصة لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن ما حدث في درنة مأساوي، وذلك لأن كميات المياه والأمطار المتساقطة في يوم واحد كانت أكثر من موسم، وهي كميات غير متوقعة، ولذلك انهارت السدود.
السبب الآخر، يتمثل في أن السدود في مناطق النزاعات أو الحرب قد يتم إهمال صيانتها بشكل دوري، وقد تكون السدود في درنة تعرضت لهذا الإهمال منذ 2011 حتى الوقت الحالي.
عدم الاستقرار السياسي وتغيير الحكومات وصفقات الفساد، كل هذه الأمور تؤدي إلى إهمال المنشآت المهمة مثل السدود، وهو ما يعرّضها للانهيار.
السدود كانت تحتجز بالأساس كميات كبيرة من المياه، ومع هطول الأمطار بهذا الشكل ضاعفت كميات المياه، وهو ما لم تحتمله السدود.
مشاكل السدود بشكل عام في حالات الانهيار وعدم السيطرة على فتح البوابات وحالات الفيضانات وحالات الزلازل يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار، فعند تصميم السد يجب الوضع في الاعتبار احتمالات المدة الزمنية التي يجب أن يكون فيها السد قادرا على أداء المهام التي أنشئ من أجلها، وهذه المدة الزمنية تتراوح ما بين 50 عاما إلى 150 عاما.
معطيات بناء السدود حاليا في بعض الحالات تكون لزمن قصير جدا، ولا تؤخذ الدراسات بالتفصيل لأسباب تتمثل في سرعة إنجاز السد أو إنشائه لغرض معين دون النظر إلى خطورته حال الانهيار.
السدود تخزن كميات هائلة من المياه، وفي حالات الزلازل أو الفيضانات أو حالات التخريب مثلما حدث بين أوكرانيا وروسيا تمثل خطورة كبيرة، فهي منشآت مهمة جدا لكنها تمثل خطورة أيضا، لذلك يجب وضع ذلك في الاعتبار.
عند حدوث الفيضانات يجب أن تفتح البوابات واتخاذ الاحتياطات اللازمة حتى لا تمثل المياه المحجوزة عبئا على جسم السد ما يؤدي إلى انهياره.
إجراءات مهمة
ينبّه خبر الجيولوجيا والسياسات المائية إلى أنه نظرا لهذه الأسباب فهناك إجراءات مهمة يجب أخذها في الاعتبار عند بناء السدود، تتمثل في العامل الهيدرولوجي، والذي يهتم بتأثير التغيرات المناخية في المكان الذي يقام عليه السد، سواء أكان نهرا أو واديا أو مجرى مائيا قد يتأثر بالتغيرات المناخية.
يجب أن يوضع في الاعتبار أيضا حدوث أكبر فيضان خلال 100 عام على سبيل المثال، وقد يُنشأ السد وينتهي عمره الافتراضي ولا يحدث مثل هذه الفيضان.
العامل الزلازلي أيضا يجب أن يوضع في الاعتبار عند إنشاء السدود وفق الدراسات الجيولوجية، إضافة إلى تحصين السدود حتى لا يتم انهياره حال الاستهداف، سواء بشكل خاطئ أو مقصود.
السدود مهمة جدا وتمثّل فوائد كبيرة في حالات الشح المائي أو الجفاف، لكنها في الوقت نفسه تمثل خطورة كبيرة حال إهمال العوامل التي ذكرناها عند الإنشاء.