زاد احتياطي الذهب في روسيا إلى مستوى قياسي جديد، رغم العقوبات، بعد شراء بنك روسيا المركزي المزيد من المعادن الثمينة مع ارتفاع سعر المعدن الأصفر.
ونقلت صحيفة “فزغلياد” الروسية عن الكاتبة أولغا ساموفالوفا أن الاحتياطات الدولية لروسيا زادت أول يناير/كانون الثاني الجاري إلى 598.6 مليار دولار من 592.4 مليار دولار في أول من ديسمبر/كانون الأول الماضي، لتسجل أعلى مستوى لها منذ مارس/آذار 2022.
مستوى قياسي
وبحسب بيانات البنك المركزي، وصل احتياطي الذهب في روسيا إلى مستوى قياسي جديد بنهاية العام الماضي، إذ زادت قيمته إلى 155.9 مليار دولار، وإلى 2350 طنًا من المعدن النفيس.
ولم تشتر روسيا الذهب بصورة مستمرة لتجديد احتياطاتها، وفق قول المحلل في مجموعة فينام المالية نيكولاي دودشينكو، الذي أضاف أنه “من عام 2000 إلى 2009 لم يسجل أي نمو في احتياطات الذهب. وكانت الاحتياطات عند مستوى 390 و400 طن، ومع ذلك ارتفعت قيمة الاحتياطات بالدولار بأكثر من 200% خلال هذه الفترة بسبب زيادة سعر الذهب في أسواق السلع العالمية”.
وبدأت روسيا منذ عام 2008 تجميع احتياطات الذهب بشكل كبير، وذكر دودشينكو أن المخزون بلغ منذ يوليو/تموز 2022 مستوى مرتفعًا، لكن من حيث القيمة الدولارية، زادت قيمة الاحتياطات بما يتجاوز 15% في الفترة الممتدة بين يوليو/تموز 2022 ويناير/كانون الثاني 2024.
من جانبه، أوضح إستراتيجي الاستثمار ألكسندر باختين أنه منذ عام 2014 تضاعفت حصة الذهب ضمن الاحتياطات في روسيا لتبلغ 26% بنهاية عام 2023. وفي عام 2021، تم الاحتفاظ بنسبة احتياطات الذهب 18% من إجمالي الاحتياطات.
ومع اندلاع الحرب بين روسيا وأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، صار الذهب أحد الخيارات للجهة التنظيمية باعتباره أصلا وقائيا في ظروف قيود التجارة الخارجية وعدم الاستقرار الجيوسياسي، وفق باختين.
تغيير القاعدة
وغيّرت وزارة المالية الروسية، في نهاية عام 2022، القاعدة المتعلقة بالحصة المحتملة للذهب في الاحتياطات، فوفقا لتوصيات صندوق النقد الدولي، ينبغي أن لا يتجاوز الذهب في احتياطات روسيا 20%، لكن مع فقدان المؤسسة الدولية نفوذها على السلطات المالية الروسية، رفعت موسكو الحد الأقصى لحصة الذهب في الاحتياطات إلى 40%.
وقال دودشينكو “عند تجميع احتياطات الذهب، لا ينطلق بنك روسيا من مبدأ الحصول على إيرادات زائدة مقارنة بالاحتياطات بالعملة الأجنبية. احتياطي الذهب هو احتياطي إستراتيجي يمكن استخدامه في حالة ظرف قاهر. ولهذا السبب، ثمة زيادة كبيرة في الطلب على الذهب من البنوك المركزية العالمية”.
ولا تعد روسيا الدولة الوحيدة التي أدركت حاجة احتياطاتها إلى الذهب، بحسب رئيس القسم التحليل في بنك “زينيت” فلاديمير إيفستيفيف، الذي قال إن العديد من الدول، بما فيها الصين والهند، بدأت زيادة حصة الذهب في احتياطاتها منذ الجولة الأولى من سياسات التيسير الكمي التي نفذها بنك الاحتياطي الفدرالي الأميركي والبنك المركزي الأوروبي.
وأضاف “يعد الذهب تقليديًا بمثابة بديل للمال، وبالتالي فإن الإصدار غير المضمون للعملات الاحتياطية أدى إلى زيادة الطلب على المعادن الثمينة. وفي ظل الظروف الجيوسياسية الحالية، تبدو هذه الإستراتيجية ملائمة أكثر. سيظل الذهب أصلا قيّمًا حتى في حالة حدوث أزمة عالمية جديدة أو مشاكل في أي من أكبر الاقتصادات في العالم”.
وأضاف دودشينكو أن كيفية دمج العملة الوطنية في الإطار الناشئ الجديد من بين المشاكل المهمة التي ستتطلب حلاً على المدى المتوسط. وكان ظهور نظام “بريتون وودز” الذي يعتمد على الدولار في أربعينيات القرن العشرين، مرتبطاً باحتياطات الولايات المتحدة الضخمة من الذهب في سنوات ما بعد الحرب. وفي نهاية المطاف، تم إلغاء اتفاقية بريتون وودز، في حين ظل للدولار بعد مركزي.
استمرار النهج
ويعتقد الخبراء أن روسيا ستواصل تجميع احتياطات الذهب، خاصة أن 40% من احتياطات المعدن النفيس والعملات الأجنبية لم يتم استنفادها بعد، وقال دودشينكو “لدى روسيا المزيد من الفرص لتجديد الاحتياطات. فعلى سبيل المثال، في عام 2024 ظهرت معلومات عن اكتشاف رواسب ذهب جديدة هي الأكبر منذ عام 1991 في منجم سوفينوي الواقع في تشوكوتكا، وتبلغ احتياطاته المؤكدة 100 طن، ومن الممكن استخدام جزء منها لتجديد احتياطات روسيا”.
من جهته، توقع باختين أن يظل الذهب في عام 2024 أداة تحوط ضد مخاطر العملة والمخاطر الجيوسياسية، ومن المرجح أن يرتفع بصورة أكبر مدعوما بخفض معدلات الفائدة من قبل بنك الاحتياطي الفدرالي، كما قد تساعد التوترات الجيوسياسية في ارتفاع سعره.